أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    19-Nov-2023

ترصين المنعة: نحو منظور إستراتيجي لخدمة العلم*حازم رحاحلة

 الغد

لا شك بأن إعادة العمل بخدمة العلم كان من ضمن الخيارات المطروحة على طاولة التنفيذ خلال السنوات الماضية وفي ظروف أقل احتقانا وأكثر تفاؤلا، وربما كان العائق الوحيد أمام تنفيذ هذا القرار هو مالي بحت. هذا بكل تأكيد هاجس في مكانه إذا افترضنا النمط التقليدي لتطبيقه والذي سيتطلب بالضرورة كلفا عالية لتمويلها لا تقوى الموازنة العامة على تحملها. لكن علينا أن نعي أيضا بأن استمرار تعليق العمل بهذا البرنامج في ظل الظروف والاعتبارات المستجدة ستكون له كلف ممتدة وعميقة
 
 
 قد تفوق بكثير الكلف المالية المحاسبية لتنفيذه.
 
لا يخفى على أحد اليوم بأن المعطيات السياسية التي فرضها العدوان الإسرائيلي الهمجي الغاشم على أهلنا في غزة وتوسعه ليشمل أيضا مناطق أخرى في فلسطين المحتلة، هي صعبة وتستدعي إعادة النظر بشكل جدي بهذا المشروع، وهذه المرة ليس كخيار وإنما كمتطلب إستراتيجي تحوطا للقادم الأصعب. ولعلنا أدركنا بما يكفي بأنه عندما يتعلق الأمر بالكيان المحتل، فليس هناك حليف ولا مواثيق، ولعلنا ندرك أيضا بأن الأفق المنظور يحمل المزيد من التحديات للأردن في ضوء موقفه المسؤول والمتقدم تجاه العدوان الغاشم، وحدة هذه التحديات ربما ستتصاعد مع تنامي فرص عودة اليمين الجمهوري الأكثر تحيزا لإسرائيل لسدة الحكم في الولايات المتحدة.
ربما العامل الوحيد الذي لم يتغير في سياق الحديث عن خدمة العلم، هو القيد المالي الذي يمثل عقبة حقيقية أمام إعادة تفعيلها. وفي هذا السياق دعونا نفكر معا بكيفية الخروج بنموذج محدث لخدمة العلم على النحو الذي يجعل منه، ليس فقط رافعة أمنية وإستراتيجية للمملكة، وإنما أيضا رافعة اقتصادية تحاكي بعض الفرص الكامنة التي لم تلق أفقا للتسخير في ظل السياسات التقليدية. تابعت قبل أيام المطالبات التي رشحت عن اجتماع للجنة الزراعة في مجلس النواب مع الحكومة حول التحدي المرتبط بنقص العمالة في القطاع الزراعي والدعوة لفتح باب الاستقدام، وبكل تأكيد هناك أنشطة أخرى تشارك القطاع الزراعي هذا التحدي. وحتى نكون واقعيين، إشكالية نقص العمالة في عدد من الأنشطة تمثل بالفعل تحديا مثبطا لنموها، ولكن معالجتها بالحلول التقليدية سيفاقم بالضرورة من تحديات العمالة الأردنية.
أستجلب هذه الحالة لتسليط الضوء على تحديات اقتصادية قائمة يمكن معالجتها من خلال إعادة تفعيل برنامج خدمة العلم وفيها أيضا حلا للتحدي المالي الذي يحول دون تفعيله، والنتيجة النهائية فرصة حقيقية للنهوض بقطاعات واعدة وإستراتيجية. بإمكان المعنيين اليوم التفكير بنموذج معياري لخدمة العمل يقوم على أساس تخصيص فترة محددة من الخدمة لتشغيل المنخرطين في مشاريع شراكة كبرى مع القطاع الخاص في أنشطة إستراتيجية وتخصيص جانب من عوائدها لتمويل الكلف المرتبطة بخدمة العلم.
وأيا كان التأطير التمويلي لإعادة العمل بخدمة العلم، فإنه بكل تأكيد سيساهم في امتصاص الضغوط الاجتماعية المرتبطة بتفاقم ظاهرة البطالة وخصوصا بين الشباب وتساعدهم أيضا في اكتساب مهارات متنوعة تزيد من فرص توظيفهم بالقطاع الخاص. فحتى البلدان التي لا تعاني من تحديات تشغيلية ولا مخاطر جيوسياسية محدقة، إلا أن عددا منها لا زال مصرا على المضي قدما في برنامج الخدمة العسكرية الإلزامية لمردوداته الإستراتيجية والاجتماعية والاقتصادية الكامنة.
نعم الاعتبارات المالية تشكل قيدا حقيقيا أمام تنفيذ العديد من المشاريع الوطنية، لكن يتوجب علينا من الآن فصاعدا توسيع مداركنا والتعامل مع الإستراتيجي منها على أنه استثمار له عوائد إستراتيجية واقتصادية واجتماعية تفوق 
بأضعاف كلفها المالية.