الغد
المهرجانات والفعاليات التي يشهدها الأردن من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه في نطاق الحملات الانتخابية التي يقوم بها المترشحون للانتخابات البرلمانية المقررة غدا تحمل من الدلالات والمعاني والمؤشرات ما يفرض على الأحزاب وعلى مرشحي القوائم المحلية إعادة النظر في عناوين الأولويات التي تتضمنها برامجهم الانتخابية، لكي تستجيب للمطلب الشعبي الأكثر حضورا في صدارة المداخلات التي يدلي بها المواطنون عندما يتحدثون كناخبين، تعليقا على ما يستمعون إليه من وعود، مجمعين على أن البطالة في رأيهم هي مشكلة المشاكل وآفة الآفات.
يتحدث ممثلو الأحزاب والمترشحون طويلا عن أدق التفاصيل التي تتضمنها الاستراتيجيات والبرامج والخطط التنفيذية للنهوض بالقطاعات الدولية المختلفة، والتصدي للمشكلات الاقتصادية بأبعادها المحلية والإقليمية والعالمية، وفي نهاية المطاف، يتحدث الحاضرون عن حجم البطالة وما يرتبط بها من مشكلات اقتصادية واجتماعية، مطالبين بجعل تلك المسألة في أعلى درجات سلم الأولويات للمجلس النيابي الجديد، بل بوضعها مقياسا لمدى نجاح أو فشل الحكومات في معالجتها، ومحاسبتها على هذا الأساس.
لم تغب مشكلتا الفقر والبطالة عن أي برنامج انتخابي، بل إن بعض الأحزاب وضعتهما أولوية أولى كقضيتين قائمتي الذات، واقترحت من أجل حلهما إقامة مشاريع يكون هدفها الوحيد خفض نسب البطالة، وبالتالي الفقر، ولكن معدل البطالة في بلدنا مرتفع جدا، ولا يمكن حل مشكلة بهذا القدر من الصعوبة والتعقيد إلا من خلال وضع سياسات اقتصادية وقطاعية شاملة وداعمة للتشغيل، والعمل على تطوير الصناعات التحويلية، وتنمية خدمات ذات قيمة مضافة مرتفعة، فضلا عن الربط المتين بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، وغير ذلك من إجراءات الانتقال إلى اقتصاد منظم.
ذلك يعني أن حل مشكلتي الفقر والبطالة يرتبط بالتحسن الكلي لحالة الاقتصاد الوطني الذي يواجه تحديات تعود، في معظمها، إلى حالة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة منذ عقود، والتي تفاقم أثرها على الأردن بسبب أولوية الحفاظ على أمنه واستقراره، إلى جانب الأثر السلبي للجوء مئات الآلاف من السوريين وغيرهم من الأشقاء العرب على اقتصادنا الوطني بصفة عامة، وعلى فرص العمل بصفة خاصة.
المهم أن الأغلبية من الأردنيين يعتقدون بأن أزمتنا الحقيقية هي أزمة اقتصادية، أما بقية القضايا والأزمات، وفي مقدمتها القضايا السياسية والاستراتيجية، فهم مطمئنون إلى أن مليكهم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين يتولى إدارتها بحكمة واقتدار، وأنه إلى جانب ذلك يقود بنفسه عمليات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، في حين يتوجب على الحكومة وشركائها من القطاع الخاص تحمل مسؤولياتها لإنجاح عمليات الانتقال إلى الوضع الاقتصادي الأفضل الذي يتطلع إليه الأردنيون جميعا.
من واجب النواب الذين سيتم انتخابهم أن يتبنوا الشعارات والأولويات التي عبر عنها جمهور الناخبين كخلاصة لنتائج تلك المهرجانات والحوارات الوطنية، وأن يعيدوا صياغة شعاراتهم تحت القبة للتوافق مع الإجماع الوطني، فتلك هي مهمتهم، وذلك هو وعدهم الذي سيحاسبون عليه أمام الله وأمام الملك وأمام الشعب.