أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    18-Nov-2021

تداعيات كوفيد-19 على الاقتصاد الأمريكي لن تختفي بسرعة

 نيويورك – د ب أ: مع تراجع حدة الأزمة الصحية الناجمة عن جائحة كوفيد-19، تتجه الأنظار الآن إلى تداعياتها الاقتصادية التي يرى الكثيرون من المحللين أنها سوف تستمر لفترة طويلة في الولايات المتحدة، ما يوجب على المستثمرين الفصل بين تأثيرات الجائحة المستمرة والضوضاء سريعة الزوال الحالية.

ويرى المحلل الاقتصادي غاري شيلينغ، الذي ينشر تحليلاته في أهم وسائل الإعلام الأمريكية، مثل مجلة «فوربس» وصحيفتي «نيويورك تايمز» و»ول ستريت جورنال» أن هناك أربعة تأثيرات مستمرة للجائحة، هي: تنامي الدور الحكومي في الاقتصاد والسياسة النقدية التي أصبحت أكثر ارتباطا بالسياسة المالية للحكومة، والتراجع عن العولمة، واللجوء إلى خطوط إمداد أقصر مع زيادة الاعتماد على إنتاج المكونات محلياً، وزيادة مستويات المخزون، وأخيرا تنامي قوة الدولار.
يقول شيلينغ في تحليل حديث أن التاريخ يخبرنا بأن الصدمات الكبرى على مستوى الدولة تسفر عن تزايد في التدخل الحكومي في الاقتصاد والأسواق المالية لا يتلاشى مطلقا- على الأقل في العصور الحديثة. وهكذا أصبح لجوء الرئيس الأمريكي إلى إصدار قرارات تنفيذية لتجاوز الكونغرس أمراً معتاداً.
فالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أصدر 217 أمراً تنفيذياً خلال 4 سنوات، وهو ما يعادل أربعة أمثال عدد الأوامر التنفيذية الرئاسية الصادرة في الولايات المتحدة منذ عهد جيمي كارتر. وجاء الرئيس الحالي جو بايدن ليصدر 48 أمراً تنفيذياً في أول سبعة أيام من رئاسته.
وفي ظل الانقسام داخل الكونغرس، من المنتظر زيادة اعتماد بايدن على الأوامر التنفيذية لتنفيذ تعهده بخفض الانبعاثات الغازية في الولايات المتحدة بحلول 2030 بنسبة تتراوح بين 50 و52% من مستوياتها عام 2005.
ويقول غاري شيلينغ أن الجائحة فتحت الباب أيضا أمام الحكومة لكي تعيد توزيع الدخل القومي بين المواطنين، حيث يأمل الديمقراطيون في إنجاز ذلك بفرض حد أدنى قدره 15% لضريبة الشركات، وزيادة الضرائب على الأفراد الأثرياء والأرباح الرأسمالية مع زيادة الدعم الحكومي للفئات ذات الدخل المنخفض من الأمريكيين.
وخلال سنتي الجائحة أصبح مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) الأمريكي، رغم استقلاليته القانونية عن السلطة التنفيذية، ذراعاً لوزارة المالية حيث ضخ المجلس كميات ضخمة من السيولة النقدية لصالح وزارة الخزانة أثناء الأزمة المالية عام 2008، ثم أثناء جائحة كورونا الأخيرة.
وزادت قيمة الأصول التي اشتراها مجلس الاحتياط الاتحادي من 910 مليارات دولار عام 2008 إلى 8.56 تريليون دولار حالياً. وخلال العامين الماضيين اشترى أكثر من 3.3 تريليون دولار من سندات الخزانة والأوراق المالية المضمونة بقروض عقارية، ومَوَّل أكثر من نصف عجز الميزانية الاتحادية للولايات المتحدة، ورد 85% أو أكثر من 100 مليار دولار من الفوائد على محفظته من سندات الخزانة إلى وزارة الخزانة.
وعززت الجائحة الدعوات إلى التراجع عن العولمة، التي كانت قد شهدت قبل أربعة عقود انتقال مراكز التصنيع من أمريكا الشمالية وأوروبا إلى الصين ودول آسيا الأخرى منخفضة التكلفة. وخلال تلك العقود، استمتع المستهلكون في الغرب بالواردات منخفضة التكلفة الآتية من آسيا، لكنها أدت إلى فقدان الوظائف ذات الأجر المرتفع وانكماش الدخل الحقيقي في الغرب، مما فتح الباب أمام ظهور الشعبوية السياسية.
وقد انتقلت الصناعات الأقل تقدما خلال السنوات الأخيرة من الصين إلى دول أخرى أقل تكلفة مثل فيتنام والهند. ولكن عندما جاءت الجائحة اكتشفت الدول الغربية أن تزايد الاعتماد على المُكوِّنات والواردات الآتية من مراكز التصنيع البعيدة في آسيا فجّر أزمة كبيرة في الإمدادات، نتيجة ارتفاع زمن الرحلات وتكاليف النقل. وقد ارتفعت حصة سلاسل الإمداد من إجمالي التجارة العالمية من 30% عام 1990 إلى 48% قبيل تفشي الجائحة، حسب بيانات البنك الدولي.
وعززت أزمة نقص الإمدادات واضطراب حركة التوريد الأصوات المطالبة بالعودة إلى مراكز التصنيع المحلية في الغرب حتى لا تتكرر هذه الأزمات.
وأخيراً فإنه من المنتظر استمرار قوة الدولار بعد الجائحة، مع بقائه كعملة ملاذ آمن رئيسية. وهذا الاتجاه الصعودي يمثل تغييراً للاتجاه النزولي السابق الذي بدأ في 1985 وسمح للأسواق الصاعدة التي اقترضت بشدة بالدولار بسداد ديونها بتكلفة أقل نتيجة انخفاض قيمة الدولار بعد ذلك.
وحسب بيانات «بنك التسويات الدولي» ارتفع معدل دَين الحكومات والأفراد والشركات في الدول الصاعدة من 110% من إجمالي الناتج المحلي عام 2007 إلى 236% خلال الربع الأول من العام الحالي.
ومع ارتفاع سعر الدولار ستزيد أعباء الديون على تلك الدول. كما أن ارتفاع سعر الدولار يرفع تكلفة الحصول على السلع والمواد الخام المُقوَّمة في الأسواق العالمية بالعملة الأمريكية.
فمن بين سلع المواد الخام التي يجري تداولها في الأسواق العالمية هناك 42 سلعة مُقوَّمة بالدولار، وثلاث سلع فقط مُقوَّمة بعملات أخرى وهي زيت النخيل بالرينجت الماليزي والصوف وبالدولار الأسترالي والعنبر بالروبل الروسي.
ومن المهم الإشارة هنا إلى أن هذه الآثار المستمرة للجائحة على الاقتصاد الأمريكي لن تظل داخل الحدود الأمريكية، وإنما ستمتد تأثيراتها إلى باقي دول العالم.