أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    14-Sep-2014

إنهم يورطون البلد* سلامة الدرعاوي
المقر - تقاعد النواب يدلل على تواطؤ الحكومة معهم لعقد هذه الصفقة كمكافاة لتمرير التعديلات بسرعة، في المقابل يفتح الباب على مصراعيه لمطالب مالية جديدة من الجميع، والمحصلة ان أحدا لم يعد يثق بالخطاب الرسمي للحكومة
 
الرسالة الملكية التي وجهت لرئيس الوزراء عبد الله النسور يوم 22 تشرين اول 2012 بشأن رفض قانون التقاعد كانت واضحة لا لبس فيها؛ فالملك أمر بإعادة النظر في قانون التقاعد وتعديله دون تحميل الخزينة أعباء مالية جراء تقاعد النواب، خاصة في ظل ظرف اقتصادي صعب يستوجب من الحميع ترشيد النفقات والحفاظ على المال العام.
 
ما حدث تحت القبة يوم الخميس الماضي وقيام اعضاء المجلس بإقرار تقاعد أبدي لهم يخالف رغبة الملك وتوجيهاته بهذا الخصوص، مخالفة صريحة ليس فقط من النواب وبعض الاعيان، وإنما من قبل رئيس الوزراء، الذي تواطأت حكومته مع رئيسي مجلس الأمة على هذه الصفقة، باعتبار ان إقرارها من مجلس الامة بالاغلبية سيضع الملك في موقف محرج لرفضه مجددا.
 
كان من المفترض على الحكومة أن تترجم التوجيهات الملكية بهذا الخصوص وتعد قانونا يلغي الامتيازات او اية مكتسبات للنواب، تحمل الخزينة اعباء مالية، لكن للاسف، تقدمت الحكومة بمشروع قانون يعطيهم امتيازات ومكتسبات ابدية، وهو ما حظي بموافق غالبية اعضاء مجلس الامة دون تردد.
 
ما قامت به الحكومة وأعضاء مجلس الامة حول التقاعد فتح باب النقد على مصراعيه، فالسخرية والشتائم انهالت عليهم جميعا على صفحات التواصل الاجتماعي، والحوار الذي يدور في هذه الصفحات من قبل مواطنين وهيئات وفعاليات شعبية، يدلل على مدى الاحتقان في الشارع الاردني تجاه الحكومة ومجلس النواب، ويزيد من سخطه على العاملين في هاتين السلطتين، لا بل يرفع من عدم الثقة بين الشارع والمؤسسات الرسمية.
 
تداعيات التقاعد الابدي للنواب لن تكون عند هذا الحد، فبمجرد ان انتهت جلسة الخميس المشؤومة، حتى تداعت فعاليات نقابية وحزبية واهلية للمطالبة بحقوقها وتحسين سبل معيشة منتسبيها، فالمهندسون بالبلديات طالبوا بالعلاوة، والجولوجيون، ونقابة المعلمين علقت عودتها للاضراب حتى اقرارها بشكل نهائي، وهناك الكثير من المطالبات الخدمية والشخصية والقطاعية التي ستظهر قريبا تطالب الحكومة بدفع علاوات لتحسين احوال معيشة العاملين فيها.
 
هذا التقاعد وبهذا الشكل المجحف بحق الخزينة والمواطن يعزز القناعة لدى الشارع ان هناك تواطؤ رسميا على ابرام هذه الصفقة بهذا الشكل كمكافأة للنواب الذي اقروا التعديلات الدستورية الاخيرة بفترة قياسية دون ادنى حد من المناقشات العلمية.
 
الامر لن يكون محصورا بالمطالب المالية التي ستنهال على الحكومة من كل حدب وصوب، لكنها ايضا ستؤكد عدم مصداقية الخطاب الحكومي برمته، فلن يصدق أحد الحكومة بعد اليوم في تبريراتها للشان الاقتصادي وقرارات الرفع التي تتخذها بين الحين والاخر، خاصة بعد أن رفضت مطالب المعلمين الهادفة للحصول على علاوة بمقدار عشرة دنانير للمعلم، بحجة تردي الوضع الاقتصادي، في حين تسمح موازنته بتحمل تقاعد ابدي لاعضاء مجلس الامة.
 
كيف لحكومة ونواب بهذا الاستهتار بأمن البلد واستقراره أن يكونوا مؤهلين لادارة البلاد أو حتى، من خلال ما يتم تداوله الآن من حكومة برلمانية قادمة، أي ثقة ستحظى بها في الشارع أو حتى عند الملك الذي تم قلب توجيهاته بالتقاعد رأسا على عقب، لذلك لم يبق امام المواطنين اليوم سوى الملك للجوء إليه لإعادة اعتبارهم، وتحصيل حقوقهم من مؤسسات لا ترى غير مصلحتها الشخصية.