أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    02-Jan-2018

عمالة الأطفال في صناعة الشوكولاتة في ساحل العاج تخلف مذاقا مرا

 د ب أ: اعتادت الطفلة مواهي، البالغة من العمر تسع سنوات، أن ترش مبيدات للقضاء على الأعشاب الضارة خلال عملها في مزرعة للكاكاو يملكها والدها. وفي الصباح والمساء، دائما ما تحمل الفتاة الهزيلة دلاء الماء، التي تتجاوز وزنها، من بئر القرية وصولا إلى منزلها.

وحتى وقت قريب، كانت مواهي واحدة من حوالي مليوني طفل يعملون في مزارع الكاكاو في ساحل العاج وغانا، للمساعدة في إنتاج المواد الخام لصنع حلوى الشوكولاتة التي يتم إنتاجها وبيعها في البلدان الغنية والمتقدمة.
وتقول مواهي معتذرة «لم أكن أدري أن العمل كان شيئا سيئا … بالنسبة لي، كان شيئا طبيعيا».
ولكن في المرحلة التي تبدأ فيها عمالة الأطفال تنتهي مرحلة الطفولة؛ لما تشكله من تهديد على صحة الطفل علاوة على التأثير السلبي على تعليمه. ومع ذلك، وبسبب خليط من الجهل والتقاليد والفقر، لا تزال عمالة الأطفال ممارسة شائعة في العديد من القرى في جميع أنحاء غرب أفريقيا.
ويأتي حوالي ثلثي إنتاج الكاكاو في العالم من المنطقة، حيث يتم توريد المواد الخام لمنتجي الشوكولاتة مثل هيرشي ومارس ونستله وفريرو وغيرهم من الشركات، والتي سيستهلك الكثير منها في البلدان الغنية خلال عطلة عيد الميلاد المقبلة.
وتزداد حاليا أعداد الفتيان والفتيات العاملين في مزارع الكاكاو. ففي ساحل العاج، ازدادت أعدادهم بين عامي 2009 و 2014 بحوالي 50% لتصل إلى 2ر1 مليون طفل، وفقا لدراسة أجرتها جامعة تولان في نيو أورليانز بتكليف من وزارة العمل الأمريكية . أما في غانا، فقد شهد العدد انخفاضا طفيفا خلال الفترة نفسها، ليصل إلى 9ر0 مليون طفل. ومن حيث المبدأ، فإن ساحل العاج تحظر عمل الأطفال. فحمل مواد ثقيلة مثل حبوب الكاكاو، ورش المبيدات الحشرية أو حمل المناجل لتهذيب الحشائش والأعشاب الضارة أو قطع قشر حبوب الكاكاو، كل هذه المهام تعتبر مخالفة للقانون الخاص بالأطفال، حيث لا يسمح لهم سوى القيام بأعمال خفيفة. ومن بين المنظمات التي تكافح عمل الأطفال على أرض الواقع، مبادرة الكاكاو الدولية (آي.سي.آي). وبناء على طلب من شركة نستله، فقد وضعت نظاما نجح في منع عمل الأطفال في كونان ياكرو، فضلا عن حوالي 2700 قرية أخرى.
ويعمل النظام عن طريق موظفين، مثل سيرج آلان أفيان، يعمل مباشرة في القرى. وزار مزارع الكاكاو البالغ من العمر30 عاما كل أسرة في كونان ياكرو من أجل تحديد عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت سقف واحد، وما هي مهنهم وما إذا كان جميع الأطفال يذهبون إلى المدرسة.
وبعد جمع كل البيانات عبر محادثاته مع السكان المحليين وزياراته للمزارع على هاتفه الذكي، أرسل أفيان المعلومات إلى (آي.سي.آي).
ويقول أفيان: «يجب حماية الطفل وأن ينتمي إلى مدرسة»، مضيفا أنه يحاول أن يشرح للسكان المحليين مدى خطورة عمل الأطفال. من خلاله جهوده وجهود غيره، فقد تمكنت (آي.سي.آي) من مساعدة العديد من الأطفال العمال بالفعل مثل مواهي.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد تم بناء أو تجديد حوالي 1400 فصل دراسي، كما ساعدت (آي.سي.آي) أيضا في دفع الرسوم الدراسية. ولمنع اصطحاب الأطفال الأصغر سنا إلى الحقول، فقد قامت (آي.سي.آي) أيضا بإنشاء رياض أطفال.
ويذهب الكاكاو، الذي يتم حصاده في كونان ياكرو، من خلال جمعية تعاونية في بلدة ندوسي القريبة، إلى شركة كارجيل الأمريكية للمتاجرة في المواد الخام، والتي بدورها تبيعه إلى شركة نستله.
وتشتري شركة المنتجات الغذائية السويسرية العملاقة، مباشرة، حوالي 47 ألف طن من حبوب الكاكاو سنويا عبر نظام (آي.سي.آي)، أو ما يقرب من 11% من مشتريات نستله العالمية من الكاكاو سنويا. ويقول يان فيس، كبير مديري إدارة الأثر الاجتماعي والبيئي في نستله، إنه «غير مسموح بعمل الأطفال في سلسلة التوريد لدينا». ويتعين الآن توسيع نطاق نظام (آي.سي.آي)، الذي وضع للمرة الأولى عام 2012، كي نصل إلى أن كل حبه كاكاو مشتراه يجب أن تكون بعيدة عن عمل الأطفال.
ويضيف فيس: «المشكلة موجودة في سلسلة التوريد لدينا، ونحن نتخذ هذا الأمر على محمل الجد». وفي عام 2016، بلغت قيمة مبيعات حلويات نستله 7ر8 مليار فرنك سويسري (8ر8 مليار دولار). ولكن في معركتها ضد عمالة الأطفال وفي الجهود الرامية إلى بناء المزيد من المدارس، أنفقت نستله حتى الآن 5ر5 مليون فرنك. وتجعل أيضا العوامل الهيكلية مكافحة عمالة الأطفال في غرب أفريقيا صعبة بشكل خاص. فمعظم مزارعي الكاكاو لا يزرعون سوى بضعة هكتارات من الأراضي ولا يستطيعون استئجار عمالة، الأمر الذي يدفعهم إلى اللجوء إلى عمالة الأطفال.
بالإضافة إلى ذلك، فإن مزارعي الكاكاو يقعون تحت رحمة السوق العالمية. ففي عام 2014، بلغ سعر طن الكاكاو حوالي 3200 دولار؛ أما حاليا فإن سعره يبلغ حوالي 1900 دولار.
وبينما تدخلت الحكومات للتخفيف من حدة هذه التقلبات، تم ضمان سعر ثابت للمزارعين بنحو 1900 دولار للطن العام الماضي. فإن هذا السعر انخفض هذا العام إلى حوالى 1300 دولار للطن.
ويقول أتالي أندريه ياو، أحد مزارعي الكاكاو: «حاليا، الجهد بالكاد يستحق كل هذا العناء».
وعلى الرغم من قضاء الكثير من الأيام الطويلة في القيام بالعمل اليدوي الشاق الذي يؤدي إلى إنتاج مثل هذا المنتج الرائع، فإن الطفلة مواهي لم تتذوق طعم حلوى الشوكولاتة سوى مرة واحدة فقط طوال حياتها.
وأجابت مواهي عندما سئلت كيف كان طعم حلوى الشوكولاتة وقد ارتسمت على شفتيها ابتسامة: «لذيذة للغاية». ولكنها كانت مرة واحدة فقط. ففي النهاية، من الصعب أن يتمكن أي شخص في قريتها التي يقطنها نحو 500 شخص من تحمل ثمن قطعة صــغيرة من الشوكولاتة.