أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    28-May-2023

«طريق التنمية»*د. عدلي قندح

 الراي 

غالبًا ما يُستخدم مصطلح «مشروع مارشال» مجازيًا للإشارة إلى برنامج إعادة الإعمار أو التنمية على نطاق واسع في بلد ما. فقد كان «مشروع مارشال» مبادرة فعلية نفذتها الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية لتقديم المساعدة الاقتصادية والمساعدة في إعادة بناء أوروبا التي مزقتها الحرب. وقد سمي على اسم وزير الخارجية الأمريكي جورج سي مارشال، الذي اقترح الخطة.
 
وعندما يستخدم الناس مصطلح خطة أو مشروع مارشال اليوم، فإنهم عادة ما يرسمون بشكل مواز للطبيعة الطموحة والشاملة للخطة الأصلية. إنهم يدافعون عن نهج مماثل للتصدي للتحديات الاقتصادية أو الاجتماعية أو المتعلقة بالبنية التحتية في بلد أو منطقة معينة.
 
علاوة على ذلك، كانت خطة مارشال جهدًا تعاونيًا شارك فيه العديد من البلدان والمنظمات التي تعمل معًا لتحقيق هدف مشترك. وبالمثل، عندما يشير الناس إلى «خطة مارشال»، فهم يطالبون بالتعاون الدولي والمساعدة من مختلف أصحاب المصلحة، مثل الحكومات والمنظمات الدولية والهيئات غير الحكومية.
 
يوم أمس السبت، أعلن رئيس الحكومة العراقية محمد السوداني، عن مشروع «طريق التنمية» الذي يمتد من أقصى جنوب العراق إلى تركيا. وقال السوداني خلال كلمته في افتتاح مؤتمر «طريق التنمية»، إن «طريق التنمية بما يحمله من منصات للعمل وقيمة مضافة للنواتج القومية والمحلية ورافعات اقتصادية، هو خطة طموحة ومدروسة لتغيير الواقع نحو بنية اقتصادية متينة». وأضاف أن «هذا المشروع ركيزة للاقتصاد المستدام غير النفطي، وعقدة ارتباط تخدم جيران العراق والمنطقة».
 
ميناء الفاو الكبير في محافظة البصرة، وهو بوابة «طريق التنمية»، قطع شوطاً كبيراً نحو الإتمام، وسيكون نقطة انطلاق حراك اقتصادي مهم، وسوف تتكامل مع الميناء المدن الحضرية، التي ستؤسس بجوارها مدينة صناعية ذكية هي الأحدث في المنطقة والعالم، وستحاكي التطور التكنولوجي الحالي والمتوقع للسنوات الخمسين المقبلة.
 
كما كان حال «مشروع مارشال» في أوروبا، من المتوقع أن يكون «طريق التنمية» مشروع واعد نحو شراكة اقتصادية مع دول الجوار والمنطقة، تجعل بلدان المنطقة مصدرة للصناعات الحديثة والبضائع، بالاعتماد على ممرات متعددة الوسائط، وأكثر من (1200) كم من السكك الحديدية، والتشغيل البيني المشترك، والطرق السريعة، حسب ما أعلن أمس في بغداد.
 
مشروع «طريق التنمية» اذا ما رأى النور كما هو مخطط له، وكل العوامل تشير الى أنه سيرى النور، سيكون شبيه بمشروع مارشال الاوروبي من حيث عدد الدول المشاركة. وهذا سيدفع بالمزيد من آليات التعاون والشراكة بين دول المنطقة، بدل المنافسة السياسية غالية الثمن. والدول المشاركة هي إيران والمملكة العربية السعودية وتركيا وسوريا والأردن والكويت والبحرين وقطر والإمارات وعُمان.
 
التوقعات تشير الى أن «طريق التنمية» سيحول العراق لمحطة رئيسية للتجارة ويقلل زمن الرحلات البحرية. فالمرحلة الأولى للمشروع تمتد لخمس سنوات بكلفة 17 مليار دولار، وتقوم على خط سكك حديدية يمتد من ميناء الفاو الكبير في البصرة إلى الأراضي التركية، حيث اكتملت التصاميم الأساسية للخط، وفق دائرة السكك العراقية. ويشمل المشروع أيضاً طريقًا بريًا سريعًا يبدأ من البصرة وصولاً إلى الحدود العراقية التركية بتمويل عراقي بالكامل. كما يشمل مدنًا صناعية ومحطات تجارية وترفيهية، ومن المؤمل أن يوفر 100 ألف فرصة عمل بعد إنجاز المرحلة الأولى في ظرف خمس سنوات.
 
نأمل أن يعود هذا المشروع بالمنفعة على جميع الدول المشاركة فيه وعلى اقتصاداتها المتعطشة لمثل هكذا مشاريع. جميع عناصر المشروع تدفع باتجاه انجاحه وتشبيكه بغيره من المشاريع الاقليمية الاخرى. الاحداث السياسية والعسكرية والامنية التي مرت بها دول المنطقة وخاصة الشمالية منها، أنهكت الارض والزرع والناس، وشعوب المنطقة وبنيتها التحتية بحاجة ماسة لمثل هذه المشاريع لتنقلها من الاوضاع التي تعيشها الى مراحل من التنمية شبيهة بتلك التي أوصل «مشروع مارشال» أوروبا لها بعد الحرب العالمية الثانية.