أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    20-Mar-2025

الإستراتيجيات": 173 مليون دينار الذمم المالية المستحقة للجامعات الرسمية على الحكومات المتعاقبة

  الغد- أصدر منتدى الإستراتيجيات الأردني ورقة سياسات حول أهمية تعزيز استقلالية الجامعات الأردنية الرسمية، مع التركيز على الجامعة الأردنية كـ "حالة دراسة". وتهدف الورقة الى البحث في السبل الممكنة لتعزيز استقلالية الجامعات الأردنية الرسمية، وتأسيس أطر حوكمة فعّالة لها، بهدف تحسين جودة مخرجاتها التعليمية، وضمان استعدادها وقدرتها على مواكبة المتطلبات المتغيرة باستمرار، وتعزيز استدامتها المالية، وتنافسيتها إقليميًّا وعالميًّا.

 
 
وأكدت الورقة أن استقلالية الجامعات تعد عنصرًا حاسمًا في تحسين جودة التعليم العالي وتعزيز البحث العلمي والابتكار. مبينةً بأن مفهوم الاستقلالية يتمثل في "قدرة الجامعة على اتخاذ قراراتها دون تدخل خارجي سواء من الحكومات أو أي جهات أخرى" وضمن التوجهات الوطنية والإطار الكلي لإستراتيجية التعليم، بما يضمن لها حرية مؤسسية، وأكاديمية، ومالية، تمكّنها من تحقيق أهدافها التعليمية بكفاءة وفاعلية.
 
وأوضحت الورقة أن تحقيق الاستقلالية المؤسسية للجامعات يتطلب وجود هيكل إداري وحوكمة قوية، واستقلال أكاديمي، وإدارة فعالة للعلاقات مع المجتمع، واستدامة مالية متينة. بحيث تعمل هذه المكونات معًا لتوفير بيئة تعليمية وبحثية تتيح للجامعة تحقيق أهدافها بشكل مستقل وفعّال، وتعزز من قدرتها على التأقلم مع التحديات والتطورات المستمرة.
وحول واقع التعليم العالي في الأردن، بينت الورقة أن إجمالي عدد الطلبة في الجامعات الأردنية بلغ حوالي 475 ألف طالب وطالبة للعام الدراسي 2024/ 2025؛ أي ما نسبته 5 % من إجمالي عدد السكان في الأردن. كما أن نسبة أعداد الطلبة إلى أعضاء هيئة التدريس هي حوالي 36 طالبا لكل أستاذ في الجامعات الرسمية، و30 طالبا في الجامعات الخاصة. مما يعكس الدور البارز للتعليم العالي في المشهد التنموي والاقتصادي في المملكة.
وأوضحت الورقة أن الأردن يضم 10 جامعات حكومية موزعة على مختلف مناطق المملكة، تقدم العديد من البرامج الأكاديمية كحال الجامعات الأخرى. في حين يتركز غالبية الطلبة في مناطق الوسط والشمال بحوالي 80 %، نظرًا للكثافة السكانية المرتفعة، بينما تتوزع النسبة المتبقية على محافظات الجنوب. مبينة أن معظم جامعات الشمال والوسط قد تجاوزت طاقتها الاستيعابية.
كما بينت الورقة بأن معظم الجامعات الرسمية الأردنية تعاني من أعباء مالية ضخمة تحدّ من قدرتها على التطور والاستثمار. وتشير التقديرات إلى أن الذمم المالية المستحقة للجامعات الرسمية على الحكومات المتعاقبة تبلغ نحو 173 مليون دينار حتى عام 2023 (لم يتم سدادها بعد)، مما يفاقم الضغط المالي على هذه المؤسسات، بحسب ورقة عمل "الوضع النقدي للجامعات الرسمية" مقدمة الى "ملتقى التعليم العالي في الأردن، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في عام 2024.
فيما بينت الورقة بأن التكاليف التراكمية لأحد مسارات القبول في الجامعات الرسمية تقدّر بنحو 222 مليون دينار، وبكلفة سنوية تصل لحوالي 44 مليون دينار، ما يزيد من الأعباء التشغيلية، ويحدّ من قدرتها على تحصيل إيرادات إضافية، ويدفعها إلى اللجوء للاقتراض. مشيراً الى أن مديونية الجامعات الرسمية تقدر بحوالي 193.5 مليون دينار حتى نهاية السنة المالية لعام 2023.
وعلى مستوى توزيع المديونية بين الجامعات، شكلت مديونية كل من جامعة اليرموك وجامعة مؤتة حوالي 63 % من إجمالي مديونية الجامعات الرسمية.
أما فيما يتعلق باستقلالية الجامعات الرسمية، فقد أوضحت الورقة أنه رغم نصّ قانون التعليم العالي والبحث العلمي وتعديلاته، وقانون الجامعات الأردنية، على أن "الجامعة مؤسسة أكاديمية مستقلة ماليًا وإداريًا"، إلا أن هناك قيودًا على أرض الواقع تحدّ من هذه الاستقلالية. كما نص القانون ذاته على "أن مجلس التعليم العالي مسؤول عن وضع الضوابط اللازمة للحفاظ على استقلالية الجامعات"، في حين تعتبر هذه الضوابط مقيدة بحد ذاتها لعملية اتخاذ القرار بشكل مستقل.
وأشارت الورقة إلى أن أحد أبرز القيود على استقلالية الجامعات هو اشتراط موافقة مجلس التعليم العالي على قرارات مجالس الجامعات، سواء فيما يتعلق بأعداد المقبولين وتوزيعهم، أو استحداث البرامج الأكاديمية وتعديلها أو إلغائها، أو توقيع الاتفاقيات، وغيرها، وذلك وفقًا للمادة (6/أ) من القانون.
واستعرضت الورقة الجامعة الأردنية كحالة دراسة، والتي تعد أقدم الجامعات في المملكة، مشيرةً الى تقدمها الملحوظ هي وبعض الجامعات الرسمية الأخرى في التصنيفات العالمية، كتصنيف (QS World University Ranking 2025). وفي هذا السياق، بين التقرير أن الجامعة الأردنية قد تقدم تصنيفها ليصبح من بين أفضل 400 جامعة على مستوى العالم (المرتبة 368)، إضافة إلى كونها التاسعة عربيًا، والأولى محليًا.
كما أظهرت الورقة أن الدعم الحكومي المقدم للجامعة الأردنية قد انخفض تدريجيًا خلال الفترة (2020-2024) حتى توقف تماما. ومع ذلك، تمكنت الجامعة من تغطية نفقاتها وتحقيق وفر مالي ملحوظ، مصحوبًا بانخفاض كبير في مستويات العجز التراكمي. 
وبينت الورقة، بأن الجامعة الأردنية تعتمد حاليًا على الرسوم الجامعية كمصدر رئيسي للإيرادات، حيث تشكل حوالي 91 % من إجمالي دخلها (تتراوح هذه النسبة لدى بعض الجامعات العالمية ما بين 20 %- 60 %)، وهو ما يعكس الحاجة الملحة لتنويع مصادر التمويل لتعزيز استدامتها المالية، وتقليل المخاطر الناجمة عن تقلبات أعداد الطلبة. مشيرة في هذا السياق إلى أن 30 % من هذه الإيرادات تأتي من الطلبة الدوليين، مما يُبرز أهمية الحفاظ على تنافسية الجامعة وتعزيز مكانتها عالميًا.
كما أوضحت الورقة أن نسبة الإنفاق على البحث العلمي تعتبر متواضعة جدًا، حيث بلغت 5.8 % من إجمالي نفقات الجامعة عام 2024، في حين تركزت معظم النفقات (90 %) على الرواتب والتعويضات، مما يحدّ من قدرة الجامعة على تعزيز البحث والتطوير والابتكار.
وعلى الرغم من تغطية الإيرادات للنفقات، إلا أن هنالك تركزا كبيرا في مصادر الإيرادات وتحديدًا من برامج البكالوريوس باختلاف طبيعتها (أكثر من 70 % من إجمالي إيرادات الجامعة)، وهذا يهدد من الاستدامة المالية على المديين المتوسط والبعيد.
وقدمت الورقة ثلاثة سيناريوهات لتعزيز استقلالية الجامعة الأردنية، تمثلت في الإبقاء على الوضع القائم، أو العودة إلى قانون الجامعة الأردنية الأصلي لعام 1964، أو تحويلها لتعمل وفق نموذج الجامعات الخاصة. وكان السيناريو الأكثر تفضيلًا هو العودة إلى قانون الجامعة الأردنية الأصلي مع إدخال بعض التعديلات لتحديثه، مما يضمن لها استقلالية مؤسسية وقانونية تحميها من التدخلات الخارجية.
وقد سلطت الورقة الضوء على تجارب دولية ناجحة، مثل تجربة جامعة سنغافورة الوطنية وبعض الجامعات السعودية، حيث حققت هذه الجامعات تحسنًا ملحوظًا في التصنيفات العالمية بفضل منحها المزيد من الاستقلالية الأكاديمية والإدارية والمالية. وهو ما أسفر عن تحقيق نتائج ملموسة في تحسين جودة التعليم والبحث العلمي في تلك الجامعات.
كما قدمت الورقة مقترحات لتنويع مصادر دخل الجامعات، من بينها، تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص، وتطوير برامج أكاديمية مبتكرة، واستحداث صناديق استثمارية ووقفية، والتوسع في البحوث التطبيقية والاستشارات، واستحداث برامج تمويل بديلة، بالإضافة إلى تطوير النشاطات التجارية والخدمية داخل الحرم الجامعي.
وأوصى منتدى الإستراتيجيات الأردني بعدة إجراءات لتعزيز استقلالية الجامعات الأردنية، وهي: منح مجالس الأمناء صلاحيات أكبر في اتخاذ القرارات، وتمكين الكليات والأقسام الأكاديمية من إدارة شؤونها بمرونة أكبر، وتنويع مصادر التمويل والاستثمار في أصول الجامعات، وتعزيز نظم الحوكمة لضمان الشفافية والمساءلة. كما أشارت الورقة الى ضرورة الاستثمار في تحسين وسائل النقل العام الرئيسة وتوفيرها، وتعزيز دور هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي، والتوجه التدريجي لإلغاء القبول الموحد والعودة للقبول المباشر من قبل الجامعة.
وفي ختام الورقة، أكد المنتدى أن تعزيز استقلالية الجامعات الأردنية يمثل خطوة محورية نحو تطوير قطاع التعليم العالي في المملكة، وتحقيق استدامة مالية، وتعزيز تنافسية الجامعات الأردنية إقليميًا وعالميًا. وأوصى بأن يتم العمل على ذلك مرحليًّا ابتداءً من الجامعة الأردنية، كونها أقدم الجامعات، وكانت تعمل وفق قانون خاص بها (لسنة 1964 وسنة 1972 وتعديلاته)، وبإمكانها أن تكون نموذجا ناجحا يحتذى به من قبل الجامعات الأخرى لتعزيز استقلاليتها، وذلك من خلال عودة الجامعة الأردنية للعمل وفق قانونها الأصلي فقط، مع مراعاة التعديلات اللازمة لتحديث القانون وفق المتطلبات.