قد يقال بأن وزارة الصناعة والتجارة هي المسؤولة عن توفير الغذاء على المائدة الأردنية، وقد تعطى مسؤوليات وأهمية للمؤسسة العامة للغذاء والدواء، لكن الوزارة المسؤولة فعلا عن المائدة الأردنية هي وزارة الزراعة، وهي وزارة الاقتصاد والصحة والخدمة اللوجستية والاستقرار الاجتماعي، فالأمن الغذائي هو أهم أنواع الأمن، والجوع أبو الكفار.

 

سلة الغذاء الوطنية الأردنية تأتي من تراب الأردن، ومعظم المواطنين في الأردن هم مزارعون أو مربو مواشي وأغنام أو أصحاب مزارع دواجن وأسماك، فعلى الرغم من أنهم حرفيون أو موظفون أو حتى أصحاب مصالح خاصة، إلا أنهم لهم علاقة مباشرة بقطاع الزراعة، وعلاقة كبيرة بالصناعة الغذائية المحلية، وأتحدث هنا عن الأرياف والبوادي وسائر المناطق الزراعية.

 

أهم القطاعات المطلوبة اليوم هي الأمن والصحة والخدمات اللوجستية المحترفة، واليوم أصبح العبء الكبير على كاهل وزارة الزراعة، فهي من جهة مسؤولة عن الزراعة والمزارعين، ومطلوب منها حمايتهم، ومن جهة أخرى أصبحت معنية بتأمين المنتجات الغذائية الزراعية في ظل حالة الطوارئ التي نعيشها ونتمنى الخروج منها بالسلامة والنجاح.

 

منذ اليوم الأول لتطبيق قانون الدفاع قامت الوزارة بإنشاء غرفة عملياتها، وتم تحديد أدوار استثنائية لجميع كوادرها في المديريات المنتشرة في كل المملكة، وهي اليوم مستعدة تماما للانطلاق في تأمين المنتجات وحمايتها وحماية المزارعين وإعادة تفعيل العمل في مزارعه النباتية والحيوانية وقطاعات الإنتاج والتصنيع المرتبطة بالزراعة وسائر المؤسسات المختصة..

 

كان يوم الجمعة الماضي هو آخر قطاف للمنتجات الزراعية، وبعدها وبحكم الظروف السائدة توقف العمل هناك، واحتاجت الحكومة وقتا لتنظم إجراءات العمل على العمليات الزراعية كالقطاف والنقل وتأمين السوق ضمن ظروف السلامة العامة التي تتطلبها الحالة الصحية، وسوف ينطلق العمل من جديد إنقاذا للزراعة والمزارعين وتأمينا للمواطنين بالسلع الزراعية من الخضار والفواكه واللحوم والدواجن ومنتجات الألبان وغيرها.

 

الجهود التي تبذلها الوزارة الكبيرة تجري على قدم وساق بلا توقف، ولأننا نواجه جائحة وبائية استثنائية، لا نملك لا نحن ولا كل العالم خبرة سابقة معها، فإن التريث ودراسة الإجراءات أكثر من مرة أمر مطلوب خشية الوقوع في الأخطاء، فلا يمكن أن نتصور أن تقع أخطاء تنظيمية تتسبب في نشر الفيروس الفتاك، لهذا تتوخى وزارة الزراعة الحذر وتحاول النجاح بالعلامة الكاملة حين تبدأ المنتجات بالتدفق إلى الأسواق، وصولا الى موائد الأردنيين الذين يمتثلون لتداعيات الحالة الصحية وتعليمات الدولة ومؤسساتها.

 

الحظر والحجر وعدم الاختلاط مطلوب من الجميع في كل مواقعهم، وعلى الرغم من مشاهدتي لمظاهر تجري فيها الحياة طبيعية في أطراف عمان وبعض المناطق الريفية النائية، إلا أنني أقول بأن الالتزام بالحظر هو المطلوب وذو الأولوية الوطنية، وعلى كاهل الذين يشرفون على الأمن والصحة والخدمة اللوجستية يقع العبء الأكبر، وهو ما يجب أن نراعيه حتى وإن حدثت أخطاء تنظيمية أو تأ خرت الخدمة، فالالتزام هو السبيل الأول لوصولها بسلاسة..