الغد
ليس جديدا على الأردن مواجهة التحديات والمخاطر، فربما يمكن لأي باحث أن يفترض فرضياته ويخلص إلى نتيجة بحثه وفق المنهج التاريخيّ والإحصائي بأن قيادته الهاشمية على مدار العقود بحكمتها ومنعتها حمت شعبها رغم كل التحديات.
وليس جديدا على المملكة مواجهة الضغوط على مواردها المالية ومقايضتها، وأكبر مثال وأحدثها تحمّل أزمة اللجوء السوري في ظل عدم وفاء المجتمع الدولي بالتزاماته، ليكابد الأردن الاقتراض من القطاع التجاري الدولي ليغطي متطلبات عقد ونصف العقد من نقص الالتزامات الدولية تجاه أزمة اللجوء السوري، التي تزامنت مع الأوضاع غير المستقرة في مصر الشقيقة وانقطاع إمدادات الغاز المصري، لتتكبد مديونية شركة الكهرباء الوطنية ما يفوق 5 مليارات دينار (7 مليارات دولار).
هذه شواهد بسيطة على الأزمات التي عاناها الأردن خلال السنوات الماضية، والتي تصعب إدارتها على أي دولة، حيث تحمّل الأردن حماية شعبه والأشقاء اللاجئين، ولولا حكمة قائد هذا البلد وشعبه الملتف حول قيادته لم صمد الأردن.
الباحث في علم إدارة المخاطر، يجد أن جلالة الملك عبدالله الثاني خبير محنك؛ حيث أدرك خطورة الأوضاع والتحديات واستبق الأحداث، حيث كان وما يزال يوجه الحكومات لاتخاذ إجراءات مناسبة لتجاوز المحن والمعضلات التي تواجه الاقتصاد الوطني ووجهها لرؤية التحديث الاقتصادي (2023 - 2033).
أنا شخصيا كنت شاهدا على عدد من توجيهات جلالته، حيث كان حازما في مصلحة شعبه وصاحب بصيرة في سيناريوهات لم نكن ندركها أو نتوقعها.
على صانع القرار اليوم المسارعة لإجراءات استباقية مثل السرعة في الاقتراض من الأسواق المالية العالمية لإطفاء مستحقات هذا العام، لأن الأردن يتمتع بثقة في الأسواق العالمية ولديه احتياطيات أجنبية تكفي المستوردات لمدة تتجاوز 8 أشهر.
وعلى الجميع إعطاء البنك المركزي مساحته المستقلة واحترام قراراته سواء كانت شعبية أو عدم شعبية حتى لو خالف الفيدرالي الأميركي بزيادة أسعار الفائدة بدلا من تخفيضها؛ لأن هدفه تعزيز الاستقرار النقدي أولاً وجذب الاستثمارات ثانيا.
وعلى الجميع تحمّل كلفة القرارات السيادية، فاليوم علينا تحمّل مسؤولياتنا والالتفاف حول قيادتنا الهاشمية، لأن الشعب أثبت قدرته على مساندة الأشقاء في غزة وتماهى الموقف الرسمي مع الشعبي بل كان أكثر تقدما في المحافل الدولية، ولا يستطيع أحد أن ينسى المساعدات التي قدمها الأردن للأشقاء في غزة، والتي لم تكن بتوجيهات ملكية فقط، بل أكثر من ذلك حيث شارك الملك في إيصالها للغزيين بيديه.