أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    09-Jan-2021

التحول الرقمي- قرار أم اختيار*م. بلال خالد الحفناوي

 الراي

مع بداية دخولنا في عامنا الجديد 2021، وبعد انقضاء عام طويل مليء بالتحديات والصعوبات، لم يكن بإمكاننا تجاوز كل الظروف التي عشناها بدون العزيمة والإصرار على النجاح رغم كل الظروف والمعيقات. وإن عامنا الجديد سيكون استكمالا لما وصلنا له، لكن يجب ان تكون فيه سمة مميزة وهي وجود قرار واضح في داخلنا للتغيير وليس مجرد اختيار أو ردة فعل بناء على الظروف التي قد تواجهنا.
 
إن التقدم التقني والتحول الرقمي كان من أهم أعمدة استمرار حياتنا خلال العام الماضي منذ بداية الجائحة، والذي فرض نفسه بقوة وامتياز كوسيلة لاستمرار حياتنا في قطاعاتنا الحيوية المختلفة كالتعليم والصحة والتجارة والإنتاج واستمرار العمل وديمومة عجلة الاقتصاد، لكن لا بد لنا من وقفة تأمل ومراجعة لنقيّم فيها ما وصلنا له ونرسم أمامنا خارطة طريق متكاملة للاستمرار في نهج التقدم، ليس بمجرد الاختيار، وإنما بقرار من الجميع للسير بخطى واضحة ومدروسة للوصول إلى تحول رقمي متكامل في كافة القطاعات.
 
كما هو معلوم فإنّ التحول الرقمي يشكّل منظومة متكاملة من تسخير التقنية لتطوير نماذج الأعمال وتغيير السلوك وتنمية التفكير في كافة القطاعات لخدمة المستفيدين بشكل أسرع وبجودة أفضل، وإن استخدام التقنية هو وسيلة وليس غاية في حد ذاته، لذلك فإنّ من الواجب التأكد من ماهية حالنا والتفكير من الاستفادة من التقنية في الانتقال لمرحلة جديدة بما يناسب احتياجاتنا، ومن المهم هنا التأكيد على أننا يجب أن نركز في اختيار التقنية على ما يناسب طبيعة أعمالنا، وهنا يكمن قرارنا في التحول في الاتجاه المناسب.
 
هنالك مساران مهمان في التحول الرقمي للشركات والمؤسسات بكافة القطاعات، ويجب اعطاؤهما نفس الدرجة من الاهتمام عند اتخاذ القرار بالتحول: المسار الأول هو تطوير القدرات الرقمية (Digital Capabilities)، والمسار الآخر هو تطوير القدرات القيادية (Leadership Capabilities)، وفي حال عدم الاهتمام بالمسارين فسنصل لنتيجة مشوهه مثل الاستثمار بتقنيات كثيرة لا داعيَ لها، أو وجود قدرات قيادية فعالة ليس لديها الأدوات المناسبة لإتمام عملها مما يتسبب في فشلها أو انسحابها.
 
يركز تطوير القدرات الرقمية على استخدام التقنية في تحسين تجربة المستخدم وأخذ التغذية الراجعة بناء على استخدام المنتج أو الخدمة المقدمة، كما يركز على تحسين استراتيجيات الأعمال للوصول إلى أكبر عدد من المنتفعين من الخدمات، كما يركز على الاستفادة من تجارب الآخرين والتعلم من أخطائهم، وأيضا يجب أن نركز على الابتكار والريادة والتمكين للوصول إلى مستويات جودة عالية بكافة الخدمات.
 
أما تطوير القدرات القيادية فهو القدرة على التصور وقيادة التغيير في المؤسسات والشركات مرارًا وتكرارًا، لأن الصعوبة لا تكمن باستخدام التقنية وإنما بالنجاح بتحويل فكر الافراد والفكر المؤسسي؛ إذ إنّ كل خطوة بالتغيير لا بد ان تنعكس على إجراءات العمل داخل المؤسسة وبالأخص الافراد المتعلقين بتكنولوجيا المعلومات وقطاعات الأعمال. وبشكل عام فإن المؤسسات والشركات لا تحبّذ التغيير بل تقاومه، والناس لديهم نفس التخوف والمقاومة للتغيير. هنالك دور مهم للقيادة في رسم صورة توضح أسباب التغيير ووجهة وهدف الوصول بعد التغيير مما يساعد الموظفين على فهم التغييرات القادمة، واستعدادهم للعمل بطرق جديدة، واستخدام الموارد المناسبة لحل المشاكل الملائمة لخبراتهم، مما يضمن إعادة استخدام الوظيفة بدلاً من إعادة اختراعها، وتنسيق الأنشطة عبر وحدات العمل المتعددة، مما ينجم عنه تغيير إيجابي بالطريقة الكاملة لعمل الشركة سواء بتقديم الخدمات أو بتعاملها مع الأفراد.
 
وهنا تكمن القيادة ليس فقط في تنفيذ التحولات الرقمية، وإنما في صياغة رؤية رقمية تصف المستقبل مما يساعد في رسم صورة توضح سبب كون الطريقة الجديدة أفضل بالنسبة للمؤسسة، وعلى نفس القدر من الأهمية بالنسبة للموظفين وأيضا بالنسبة للمستفيدين. ويجب أن تكون الرؤية واضحة بحيث يجب أن تستفيد من الأصول الإستراتيجية للمؤسسة وأن يبني عليها لتطوير ميزة تنافسية. ومن الجدير بالذكر أنه لا توجد معادلة بسيطة لإنشاء رؤية رقمية، لكنّ هنالك عدة خطوات يمكنها أن تساعد القائد في القيام بذلك، ومنها تحديد الأصول الاستراتيجية الخاصة بالمؤسسة وخلق طموحات من التحول الرقمي وتحديد الأهداف والنتائج المتوقعة، ومن ثم تطوير الرؤية مع مرور الوقت للوصول لنفس الأهداف المنشودة.
 
إنّ المعيار الرئيسي للتحقق من تنفيذ التحول الرقمي هو الحوكمة. حيث إن التحول سيظل يتطلب إشرافًا وتنسيقًا قويين ليتم تحقيقهما بالكامل للوصول إلى تحول رقمي حقيقي. فكلما زاد حجم التغيير ازدادت الحاجة إلى مزيد من الحوكمة لتوجيه طاقة الموظفين في اتجاه مشترك. حيث يمكن أن يؤدي إنشاء الحوكمة الرقمية إلى تحويل الخبرات المتنوعة للموظفين في جميع أنحاء المؤسسة إلى اتجاه واحد متماسك يقود التحول الرقمي إلى الأمام، وتهدف الحوكمة إلى هدفين رئيسين: التنسيق والمشاركة، وذلك لتوجيه كافة قادة المشاريع أو مدراء الإدارات والوحدات لتنسيق العمل بنفس الاتجاه ولو كان بطرق متعددة، كما تهدف لمشاركة الجميع في تحقيق الأهداف مما يزيد من كفاءة العمليات وتقليل المخاطر.
 
ومجمل القول إن التحول الرقمي ليس مجرد اختيار.