أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    22-Nov-2021

أمراض الزراعة المزمنة! * احمد ذيبان

 الراي 

عثرت في أرشيفي الورقي على مقال عمره 33 عاما، كتبته ونشرته في صحيفة «صوت الشعب» بتاريخ 7 نيسان 1988، بعنوان «أسعار الخضراوات بين العرض والطلب». لم يكن في تلك المرحلة إنترنت وأرشيف إلكتروني وأجهزة موبايل، وأظن كانت بداية استخدام أجهزة «البيجر».
 
قرأت المقال مجددا بتمعن، لاحظت وكأنه كتب هذه الأيام، انتقلت الصحيفة إلى رحمة الله، وبقيت نفس الأزمات والمشكلات التي تواجه القطاع الزراعي، ويضطر المزارعون للتعايش معها مثل الأمراض المزمنة كالسكري والضغط.
 
منذ عشرات السنين بقي الحال على ما هو عليه، رغم تناوب ما يقارب 20 حكومة وعدد أكبر من وزراء الزراعة بسبب كثرة التعديلات الوزارية، ويتكرر الحديث عن استراتيجيات وخطط، وأذكر أنني خلال عملي في الصحافة منذ عام 1982، كتبت «أكواما» من الورق عن قضايا الزراعة والنتيجة «مكانك سر».
 
والمفارقة أنه في أغلب الأوقات يشكو المستهلكون من ارتفاع الأسعار، بينما يشكو المزارعون من أزمة التسويق وانهيار أسعار منتجاتهم التي يرسلونها إلى الأسواق، وغالبا تكون النتيجة «سالبة»، بمعنى أن سعر المحصول لا يغطي كلفة الانتاج.
 
في المقال المشار إليه ذكرت بعض الأمثلة على ذلك، فأحد المزارعين باع 220 صندوق «فلفل حلو»، وتسلم ثمنها من الوسيط «الحسبة» شيكا قيمته «160 فلسا–16 قرشا"! ومزارع آخر باع 650 صندوقا من نفس المحصول، وتلقى قيمتها «12» دينارا..! وثالث باع سيارة سبانخ تقدر حمولتها بطنين اثنين، عندما كان السوق يخلو من هذا المنتج، بسعر سالب قيمته 9 دنانير، لكن الأكثر مرارة ما فعله صديق لي واسمه «م.ح»، كان يعمل بالزراعة وابتكر طريقة احتجاج جديدة، حيث نشر إعلانا في جريدة صوت الشعب، ودفع أجرة نشره 78 دينارا، دعا فيه أصحاب المواشي إلى مراجعته في مزرعته بمنطقة داميا بالغور الأوسط، لتسلم محصول الباذنجان مجانا، بالإضافة إلى تحمله أجور قطف المحصول، الذي كان يباع بالسوق بحال البلاش! ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقد لفتني في بداية 2020 انتشار المواشي في مزرعة خس بمنطقة الغور الأوسط، وكانت المواشي ترعى محصول الخس، فالتقطت بعض الصور وسجلت حوارا قصيرا مع الراعي، وسألته عن سبب ذلك، فأجاب بحرقة وشفقة على أحوال المزارعين، بأنه استأذن صاحب المزرعة الذي تركها بسبب انهيار الأسعار، وقد فضل أن يكسب «أجر» إطعام المواشي، على أن يدفع من جيبه أو يستدين أجرة قطف المحصول، ونقله إلى السوق حيث كانت الأسعار بالحضيض.
 
هذا مقطع حديث من مأساة القطاع الزراعي المتواصلة منذ عقود، ونحن ندور في حلقة مفرغة، وتتكرر نفس المشكلات والأزمات، وتتمثل بارتفاع كلف الإنتاج والاختناقات التسويقية وشح مياه الري وإشكالية العمالة الوافدة، وترتب على هذه الأزمات مديونية هائلة على غالبية المزارعين، وعدد كبير منهم مطلوبون للتنفيذ القضائي.
 
ويبقى السؤال: هل نحن أمام لغز معقد؟