أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-Aug-2024

الشركات الناشئة.. عقبات محلية تدفع للتسجيل خارج الأردن

 الغد-ابراهيم المبيضين

 رغم التقدم الملحوظ الذي شهدته منظومة ريادة الأعمال الأردنية خلال السنوات الأخيرة في مجال التمويل وتعدد الجهات الحاضنة للرياديين، ما تزال ظاهرة تسجيل الشركات الناشئة خارج الأردن مستمرة، الأمر الذي يتطلب دراسة مستفيضة لهذا السلوك.
 
 
خبراء يرون أن هذا السلوك مرده الرئيسي هو عدم استقرار التشريعات والانظمة الضريبية، في وقت يطلب فيه المستثمرون ويفضلون الاستثمار في شركات ناشئة مسجلة في مناطق حول العالم تسمى بـ"ملاذات الضريبية" أو "الاوف شور" والتي توفر مزايا وتخفيضات ضريبية كبيرة جدا مقارنة بالانظمة الضريبية في بلدان كثيرة مثل الأردن والتي ينظر إليها بأنها غير مستقرة. 
 
وأكد الخبراء أن الشركات الناشئة تحتاج أكثر من غيرها من الشركات لمصادر استثمار وتمويل بشكل أساسي في جميع مراحل حياتها وصولا للتوسع والنمو، ولذلك لا تجد مهربا من موضوع التسجيل خارج الأردن في مناطق تعد "ملاذات ضريبية" مثل جزر العذراء البريطانية وولاية دلاوير الأميركية وغيرها من مناطق يطلق عليها بـ" الاوف شور"، لتلبي مطالب المستثمرين وفقا للخبراء. 
وبين الخبراء أن ثمة عوامل أخرى تدفع الشركات الناشئة للتسجيل خارج الأردن منها ارتفاع تكاليف التسجيل، والعبء الضريبي الذي يعتبر مرهقا للشركات الناشئة، وطول عملية التسجيل، والخوف من البيروقراطية الحكومية والتدخل المحتمل، وتحدي الوصول إلى التمويل فقد تجد الشركات غير الرسمية وتعدد المرجعيات في مجال تسجيل الشركات وبغية الحصول على التراخيص اللازمة.
وأكد الخبراء بأن هذا السلوك لا يقتصر على الأردن فالشركات الناشئة في المنطقة مثل المصرية والسعودية والإماراتية وغيرها تنتهج نفس السلوك لغرض رئيسي هو جذب الاستثمار وإرضاء المستثمر الذي يحب التواجد والاستثمار في شركات مسجلة داخل انظمة مستقرة وواضحة ضريبيا مثل منطقة جزر العذراء البريطانية وولاية دالاوير الأميركية وغيرها من المناطق. 
ودعا الخبراء إلى فهم السوق الأردنية بشكل أوسع وإيجاد تعريف محدد للشركات الناشئة، والعمل على تعديل انظمة وتشريعات وتعليمات لتتواءم ومتطلبات الشركة الناشئة وطبيعة عملها وحاجتها خصوصا في بدايات عملها للتسهيلات والدعم، كما دعوا إلى إجراء تحليل شامل للسوق الأردنية لتحديد حجم الشركات غير المسجلة وذلك سيشمل بيانات عن عدد هذه الشركات وحجم الاقتصاد غير الرسمي في قطاع التقنية والاتصالات وأسباب عدم التسجيل والتأثير على العمال والاستقرار الوظيفي وأثرها بشكل عام على الاقتصاد الوطني بشكل عام. 
وجاء في تقرير سابق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني حول الاقتصاد غير الرسمي بأن الشركات الناشئة والجديدة في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات في الأردن تمثل شريحة من المؤسسات غير الرسمية في الأردن، حيث يعتقد بأن حجم هذا القطاع غير الرسمي غير معروف فقد اختارت العديد من هذه الشركات تجنب التسجيل في الأردن وبدلا من ذلك التسجيل ضمن سلطات قضائية أخرى مثل (جزر العذراء البريطانية) على سبيل المثال.  
وذكر التقرير ان هذه الشركات الناشئة في الأردن ليست محددة أو معروفة بشكل كاف ولذلك لا يمكنها الاستفادة بشكل نظامي من الحوافز الحكومية والاستفادة من الاستثمار، حيث يؤدي عدم وجود الإطار التنظيمي المؤهل للشركات الناشئة غالبا إلى تسجيل الشركات الناشئة في سلطات قضائية خارج الأردن وتسجيلها محليا كفروع لشركة أجنبية ما يسمح للشركات بتجنب رسوم التسجيل والترخيص والضرائب ومساهمات الضمان الاجتماعي. 
ريادي الأعمال زيد الحسبان، الذي أسس عدة شركات ناشئة نجحت واستطاعت استقطاب الاستثمارات أكد لـ"الغد" ما ذهب إليه تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي، مبينا أنه أصبح هناك عرف سائد منذ سنوات وإلى الآن، هو أن تتجه الشركة الناشئة لتأسيس شركة قابضة في واحدة من الإقاليم أو المناطق التي تعد " ملاذات ضريبية" أو تتمتع بحوافز وتسهيلات كبيرة مثل جزر العذراء البريطانية وولاية دالاوير الأميركية وغيرها من المناطق، بحيث تمتلك هذه الشركة القابضة أو الأم الشركات التي تسجل وتتواجد عملياتيا في الأردن أو غيرها من الأسواق. 
وبين الحسبان أن المستثمرين دائما ما يطلبون ويفضلون الاستثمار في شركات ناشئة مسجلة في هذه المناطق، وليس في بلدان مثل الأردن وغيرها من الدول لأن قوانينها وخصوصا المتعلقة بالضرائب متغيرة وغير مستقرة، فضلا عن عدم وضوح عدد من الانظمة والتعليمات المنظمة لعمل الشركات الناشئة. 
وأكد الحسبان أن الأعباء الضريبية وعدم استقرار القوانين هي السبب الرئيسي لهذه السلوك من قبل الشركات الناشئة بشكل عام داعيا لملاءمة وتعديل بنود عدد من القوانين لتكون مواتية وتتناسب مع طبيعة وعمل الشركات الناشئة التي تحتاج وخصوصا في بداياتها إلى الاستثمار والدعم وتخفيض التكالف لتتمكن من النمو والتوسع مستقبلا، فمن غير المنطقي التعامل ضريبيا وفي الإجراءات مع الشركات الناشئة بنفس الطريقة والشكل الذي يجري التعامل بها مع الشركات الكبرى. 
وبلغة الأرقام، يحتل قطاع ريادة الأعمال في الأردن المركز الرابع على مستوى الإقليم، مع وجود حوالي 30 مؤسسة تمويلية وصندوقا استثماريا معنيا بالاستثمار في المشاريع الريادية، مع وجود أكثر من 40 حاضنة ومسرعة أعمال في المملكة. 
ويحتضن الأردن 200 شركة ناشئة مسجلة وفقا لدراسات محايدة، فيما تقدر دراسات أخرى أن عدد الشركات الريادية في الأردن يتجاوز 400 شركة معظمها تقنية، أو تطوع التقنية لخدمة القطاعات الأخرى.
وتواصل الحكومة من خلال وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة العمل من سنوات قليلة على تنفيذ السياسة العامة الوطنية لريادة الأعمال والتي جاء في واحد من محاورها التركيز على توفير بيئة تشريعية تنظيمية مواتية لريادة الأعمال حيث تولت الوزارة الجهود الحكومية بالتنسيق والتعاون مع العديد من الجهات من أجل تقييم الحاجة إلى إجراء أي تعديلات على القوانين والانظمة والتعليميات التنظيمية ذات العلاقة بريادة الأعمال وإجراء التعديلات وتطويرها وتطبيقها وفقا لذلك، وادخال تحسينات جوهرية عليها لتصبح أكثر اتساقا وصديقة وحاضنة لريادة الأعمال. 
وعن الأسباب التي تدفع الشركات الناشئة الأردنية للتسجيل خارج الأردن، قال ممثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في غرفة تجارة الأردن المهندس هيثم الرواجبة إن من أهمها الضرائب المرتفعة فالنظام الضريبي في الأردن قد يكون عبئا على الشركات الناشئة التي تعمل بأرباح محدودة في مراحلها الأولى والضرائب على الدخل والشركات قد تشجع الشركات على البحث عن بيئات ضريبية أكثر جاذبية.
وقال إن من الأسباب أيضا التكاليف التشيغيلة العالية بما في ذلك الإيجارات والأجور والتي تعتبر مرتفعة مقارنة ببعض الدول الأخرى التي تقدم بيئات عمل ملاءمة للشركات الناشئة مع تكاليف أقل.
وأشار إلى أن واحدا من أهم الأسباب أيضا التمويل المحدود فقد تواجه الشركات الناشئة في الأردن تحديات في الحصول على التمويل المحلي والعديد من الدول الأخرى توفير برامج دعم وتمويل مخصصة للشركات الناشئة ما يجعل التسجيل خارج الأردن أكثر جاذبية.
وأوضح الرواجبة أن الشركات الناشئة وبتوجهها للتسجيل خارج الأردن فهي تخسر العديد من المزايا ومنها ميزة الاستفادة من برامج الدعم المحلي فالشركات التي تسجل في الأردن قد تستفيد من برامج الدعم المحلي مثل الحوافز الضريبية والتمويل الحكومي والاحتضان ضمن حاضنات الأعمال المحلية. 
وقال إن الشركات التي تسجل خارج الأردن قد تخسر ميزة (الاندماج في السوق المحلية) فالشركات المسجلة محليا تتمتع بفرص أكبر للتفاعل مع الشركات المحلية والاستفادة من شبكات الأعمال المحلية والمشاركة في المبادرات الحكومية والقطاعية. 
وأشار إلى أن الشركة التي تسجل خارج الأردن قد تخسر ميزة (السمعة والثقة) فتسجيل الشركة محليا يعزز من ثقة العملاء والمستثمرين المحليين ويعطي انطباعا بأن الشركة ملتزمة بالنمو في السوق المحلية. 
وعن السلبيات على الاقتصاد والتي تتمخض عن تسجيل الشركات خارج الأردن، قال الرواجبة إن اهمها خسارة العائدات الضريبية التي يمكن أن تعزز الاقتصاد المحلي، وانخفاض الفرص الوظيفية فعندما تسجل الشركات خارج الأردن قد تفضل توظيف العمالة من الدول التي تم التسجيل فيها ما يؤدي إلى انخفاض فرص العمل في الأردن. 
وأشار إلى سلبيات مثل تسرب العقول والكفاءات المحلية إلى الخارج حيث يتوجه المهنيون والمهارات العالية إلى العمل في بيئات توفر لهم فرصا أكبر. 
وأشار إلى أن من السلبيات التسبب في ضعف النمو الاقتصادي فتوجه الشركات الناشئة للتسجيل خارج الأردن يقلل من فرص النمو الاقتصادي المحلي حيث إن تلك الشركات قد لا تسهم في الاقتصاد الأردني بنفس القدر الذي تسهم به الشركات المسجلة محليا. 
واما عن انعكاس تجنب التسجيل في الأردن على حقوق العمال والاستقرار الوظيفي فقد ينتج عنها ضعف الحماية القانونية فالشركات غير المسجلة محليا قد لا تكون ملتزمة بتوفير نفس مستويات الحماية القانونية للعاملين فيها مثل التأمينات الاجتماعية والتأمين الصحي والحماية من الفصل التعسفي. 
وأشار إلى انه قد ينجم عنها استقرار وظيفي أقل مبينا أن العاملين في الشركات غير المسجلة محليا قد يواجهون مشاكل في الاستقرار الوظيفي حيث يمكن أن تكون هذه الشركات أقل التزاما بالقوانين العمالية المحلية. 
ويرى الخبير في مجال الاتصالات والتقنية وصفي الصفدي أن قرار الشركات الناشئة في مجال التقنية والاتصالات بالعمل بشكل غير رسمي والتسجيل خارج الأردن مسألة معقدة تتأثر بالعديد من العوامل منها ارتفاع تكاليف التسجيل حيث يمكن أن تكون العقبات البيروقراطية والرسوم المرتبطة بها باهظة بالنسبة للشركات الناشئة ذات الموارد المالية المحدودة، والعبء الضريبي الذي يعتبر مرهقا للشركات الناشئة، وطول عملية التسجيل حيث انه غالبا ما ينطوي تسجيل نشاط تجاري على خطوات متعددة وأوراق مهمة والتي يمكن أن تكون سببا في عدم التسجيل. 
وبين الصفدي أن من الأسباب الأخرى الخوف من البيروقراطية الحكومية والتدخل المحتمل، وتحدي الوصول إلى التمويل فقد تجد الشركات غير الرسمية أنه من الأسهل تأمين التمويل من خلال القنوات غير الرسمية، كما أن العمل بشكل غير رسمي قد يكسب الشركة ميزة تنافسية بسبب انخفاض التكاليف، علاوة على تعدد المرجعيات في مجال تسجيل الشركات وبغية الحصول على التراخيص اللازمة.
وأكد أنه في حين أن البيانات المتوفرة في الأردن حول الاقتصاد غير الرسمي وتسجيل الشركات خارج الأردن فقد أظهرت الدراسات من بلدان أخرى مثل الهند والبرازيل وجنوب افريقيا اتجاهات مماثلة في الاقتصاد غير الرسمي حيث نفذت هذه البلدان إستراتيجيات مختلفة لمعالجة هذه المسألة بدرجات متقاوتة من النجاح.
ولفهم السوق الأردنية بشكل أوسع دعا الصفدي إلى ضرورة إجراء تحليل شامل للسوق الأردنية لتحديد حجم الشركات غير المسجلة وذلك سيشمل بيانات عن حجوم هذه الشركات وعددها وحجم الاقتصاد غير الرسمي في قطاع التقنية والاتصالات وأسباب عدم التسجيل والتأثير على العمال والاستقرار الوظيفي وأثرها بشكل عام على الاقتصاد الوطني بشكل عام. 
ولإجراء عملية تحكم وتتبع للشركات غير الرسمية اقترح الصفدي مجموعة من الاقتراحات، منها تبسيط عمليات التسجيل لتقليل التكاليف والوقت، وتقديم إعفاءات ضريبية وحوافز لتشجيع التسجيل ضمن الاقتصاد الرسمي، وزيادة عمليات التفتيش والعقوبات على عدم الامتثال. 
واقترح الصفدي أيضا استخدام التقنيات الحديثة لتتبع الأنشطة الاقتصادية وتحديد الشركات غير المسجلة، وتحسين نظم جمع البيانات لفهم الاقتصاد غير الرسمي بشكل أفضل، والتعاون مع القطاعات الأخرى مثل البنوك والاتصالات لجمع المعلومات عن الأعمال غير الرسمية وتحديد انظمة توفير الخدمات شريطة إبراز الرقم الوطني للمنشأة على سبيل المثال.