أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    29-May-2023

أوقفوا حملات التنظيف*رمزي الغزوي

 الدستور

الأسبوع الماضي انطلقت حملة النظافة العامة تحت شعار «بسواعدنا نحمي بيئتنا»، نظمتها وزارة البيئة، بالتعاون مع الجهات الرسمية المعنية، ومنظمات المجتمع المدني في محافظات المملكة. وضجت مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية والصحافة بصور المشاركين في الحملة.
مع تقديري لجهود وحماس ونشاط القائمين على الحملة، والحملات المماثلة التي تنطلق تحت بصر الإعلام وسطوته. أقول بكل بصراحة إن هذه الحملات لم تعد ذات جدوى أبداً، هي مجرد تقليد نجتره في المناسبات، دونما وعي بمعناه أو فحواه. حملات لم تحدث الأثر المرجو منها عبر مسيرها الطويل. فمنذ كنت طفلا في الثامنة من عمري وأنا أشترك بمثل هذا الشيء المكرور، ولكن الوضع لم يتغير بل يزداد سوءا سنة إثر سنة.
فالناس ما زالت ترمي قمامتها في الشوارع (لاحظوا شارع الأردن)، وتدمر الغابات بإبلاستيك المشروبات الغازية، وتترك مخلفات الرحلات ببرود أعصاب ودون شعور بالخزي أو التقصير. ولهذا فحملات النظافة ليست إلا ذراً للرماد في عين الحقيقة. فكيف تريد أن يجمع عشرات من الشباب في ساعة زمن، ما (يزبله) ويوسخه شعب على مدار العام. تلك إذن قسمة ضيزى، غير عادلة ولا مقبولة.
المشكلة تكمن في ثقافة المواطنين، وفي نظرتهم لأنفسهم ولبلدهم ومدنهم وقراهم وغاباتهم. فثقافتنا تؤمن أن البيت هو الوطن فقط، وخارجه للكلاب كما يقولون. ولهذا ترى بيوتنا براقة نظيفة فيما شوارعنا وساحاتنا وغاباتنا وسخة قذرة.
فلو كان لدى المواطن شعور حقيقي، بأن الوطن بيته؛ لحافظ عليه. وهذا شيء جد خطير. أي لا يوجد لدينا حسٌّ جمعي، يشعرنا أن الوطن بيتنا. ومن هذه النقطة المؤلمة الحسّاسة يجب أن تنطلق صرخات وحملات كل جهد بيئي وتطوعي مؤثر.
فلم يعد مجديا أن نعالج العرض ونترك المرض. نحن بحاجة لصرخة من أجل بناء ثقافة تعلي من شأن هذه القيم التي أهملناها وافتقدناها. ثقافة تُعدُّ (الوطن بيتاً). نريد أن نوجه جهودنا نحو التثقيف والتنوير وتأصيل القيم المثلى.
لا نريد أن نقرع زجاج حافلة الوطن، لنقول: نريد النزول، بكل ما في الكلمة من يأس وقنوط وهروب، فلا وطن لنا غيره ولا بيت لنا سواه. ولهذا أتمنى أن نشمر عن عقولنا وأفكارنا ومواهبنا ووسائلنا؛ من أجل أنشطة نوعية تسهم بتأصيل معنى الوطن ومعنى نظافته، وتعيد بناء الشعور بالمسؤولية والإحساس بها لدى الناس. فهذا ما يعول عليه، وما سواه، ليس إلا كيس قمامة نجمعه، ليتراكم بدلاً منه أطنان وأطنان.