الغد-عبدالرحمن الخوالدة
مع انطلاق الحملات الانتخابية لمجلس النواب الأردني العشرين وبدء تكشف ملامح البرامج الانتخابية لأغلب الاحزاب والقوائم المترشحة، انقسمت آراء الخبراء الاقتصاديين حول إذا ما حملت هذه البرامج رؤى وافكارا تلامس مشكلات الاقتصاد الوطني والحلول الممكنة لمعالجتها.
إذ يرى بعض هؤلاء الخبراء أن النسبة الاكبر من برامج القوائم والأحزاب الانتخابية المختلفة المعلنة، حملت في طياتها مضامين ورؤى اقتصادية تعبر عن تحديات الاقتصاد الوطني، وأنه تم طرحها بناء على دراسات مستفيضة للواقع الاقتصادي المحلي.
وأكد هؤلاء أن هذه البرامج أشارت بصورة واضحة إلى الملفات الاقتصادية الملحة التي تستدعي المعالجة والاصلاح كالضرائب العامة والبطالة والعدالة الاجتماعية، إلا أن اللغة التي استخدمتها في طرح هذه القضايا اتسمت بالتقليدية ولم تلامس مشاعر الجمهور بالصورة المأمولة.
في المقابل يرى فريق آخر من الخبراء أن برامج أكثر القوائم الانتخابية المعلنة لم تعبر عن واقع الاقتصاد المحلي وتحدياته بصورة جلية، وأن الطروحات والشعارات المرفوعة من قبلها لا تنم عن فكر ورؤية اقتصادية بحتة وهي لا تعدو ان تكون شعارات واطروحات عامة ومتكررة.
واعتبر هؤلاء أن ضعف البرامج الانتخابية لأغلب الاحزاب والقوائم المختلفة يؤكد افتقادها للنضج السياسي والاقتصادي، الذي يمكنها من احداث التغير المنشود.
واتفق الخبراء الاقتصاديون بشكل عام، على انه في ظل البيئة الاصلاحية الجديدة والشكل الذي سيكون عليه مجلس النواب القادم، فإنه منتظر من المجلس القادم انجاز الكثير من التشريعات والإصلاحات الاقتصادية، والعمل عليها، ومنها سن تشريعات وقوانين لتنظيم الاقتصادي غير الرسمي ودمجه في العملية الاقتصادية الرسمية، إضافة إلى تنفيذ برامج اقتصادية وموازنات عامة تستهدف تحسين معدلات النمو الاقتصادي، إلى جانب سن تشريعات لإصلاح القطاعات الاقتصادية المختلفة لاسيما قطاعات الطاقة والنقل والصناعة ومعالجة ملف الاحتكارات في هذه القطاعات.
ويضاف إلى ذلك، سن قوانين لتنظيم الشركات الأسرية والحد من التقلبات التي تشهدها باستمرار، إلى جانب سن تشريعات إضافية لتسهيل البيئة الاستثمارية وتصحيح السلوك الاستثماري القائم لدينا محليا، علاوة على أهمية التركيز على تدشين بنك وطني للتنمية لدعم تنفيذ المشروعات الاقتصادية الكبرى التي تضمن خلق فرص العمل وتحقيق النمو الاقتصادي
ويعقد الأردنيون آمالا كبيرة على الانتخابات النيابية لمجلس النواب العشرين، في إحداث التغيير وإصلاح الاقتصاد الوطني والتحديات التي تثقل كاهله، في ظل ورشة الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري التي دشنت مع دخول الدولة الأردنية مئوياتها الثانية، بتوجيهات من لدن الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في إطار سعيه المستمر لتعزيز التمكين السياسي للأردنيين والمشاركة في عملية صناع القرار والتخطيط. وتعقد الانتخابات النيابية المقبلة وفق قانون انتخابي جديد، ارتفع بموجبه عدد أعضاء مجلس النواب من 130 إلى 138، خصص منها 41 مقعدا للأحزاب، حيث يتم الانتخاب من خلال قائمتين إحداهما عامة وهي مخصصة للمقاعد الحزبية، فيما القائمة الثانية تخصص للدوائر المحلية والبالغ عددها 18 دائرة.
يشار إلى ان عدد القوائم الأولية المعتمدة للمترشحين للانتخابات مجلس النواب العشرين قد بلغت نحو 199 قائمة، 174 قائمة منها مترشحة عن الدوائر الانتخابية المحلية، و25 قائمة مترشحة على الدائرة الانتخابية العامة المخصصة للأحزاب، وفقا للهيئة المستقلة للانتخابات.
وكشفت بيانات الهيئة أن عدد المترشحين عن قوائم الدائرة العامة قد بلغ 697 مترشحاً ومترشحة، أما عدد المترشحين عن الدوائر الانتخابية المحلية والتي بلغ عددها 174 قائمة مترشحة على 18 دائرة انتخابية، فقد بلغ إجمالي عدد هؤلاء المترشحين 954، إذ شكل الحزبيين منهم نحو 28 % من إجمالي المترشحين عن الدوائر المحلية.
وقال نائب رئيس الوزراء السابق جواد العناني أن البرامج والحملات الانتخابية المعلنة من الاحزاب والقوائم المختلفة تطرقت بشكل واضح إلى مختلف مشكلات الاقتصاد الأردني، وضمنتها في أطروحاتها وحملاتها الإعلامية والجماهيرية، إلا انها تقليدية إلى حد ما وتفتقد للأفكار الخلاقة.
وأضاف العناني ان البرامج الانتخابية المختلفة ركزت على القضايا الاقتصادية الملحة، إلا ان اللغة التي استخدمتها في طرح هذه القضايا لم تلامس مشاعر الجمهور بالصورة المأمولة ولم تعبر عن همومه الاقتصادية بما يكفي، حيث إن اللغة المطلبية احيانا تكون هي الأهم، إذ إن "الطبيب الممتاز هو من يعرف كيف يخاطب المريض وليس كيف يعلاجه" وأكد العناني إلى ان الوقت ما يزال متاحا امام كافة الحملات الانتخابية للاحزاب والمترشحين، لتتعمق بشكل أكبر في طرح قضايا الاقتصاد الوطني والنقاش حول السبل الممكنة لمعالجة مشكلاته، وتوضيح الخطوات المطلوب السير عليها لمختلف المشكلات من بطالة وفقر وضعف نمو.. الخ، إضافة إلى رؤيتها لشكل الموازنة العامة للعام القادم وتقديم الافكار للحكومة حول كيفية تخفيض الاتفاق العام، وكذلك رؤيتها في الاستراتيجية الممكنة لمعالجة معضلة الدين العام، حيث إن ذلك يساهم في إبراز البرامج الانتخابية والمنافسة فيما بينها وبالتالي مساعدتها في اقناع الجمهور، عدا عن مساهمتها في تنويع وإثراء الخيارات المتاحة لإصلاح الاقتصاد الأردني.
وشدد العناني على أن هناك الكثير من التشريعات والإصلاحات الاقتصادية المرتقب من مجلس النواب القادم إنجازها والعمل عليها ومنها سن تشريعات وقوانين لتنظيم الاقتصادي غير الرسمي ودمجه في العملية الاقتصادية الرسمية، إضافة إلى سن قوانين لتنظيم الشركات الأسرية والحد من التقلبات التي تشهدها باستمرار، إلى جانب سن تشريعات إضافية لتسهيل البيئة الاستثمارية وتصحيح السلوك الاستثماري القائم لدينا محليا، علاوة على أهمية التركيز على تدشين بنك وطني للتنمية لدعم تنفيذ المشروعات الاقتصادية الكبرى التي تضمن خلق فرص العمل وتحقيق النمو الاقتصادي.
بدوره أكد الخبير الاقتصادي جواد عباسي أن النسبة الاكبر من برامج القوائم والأحزاب الانتخابية المختلفة المعلنة، حملت في طياتها مضامين ورؤى اقتصادية لامست مشكلات وتحديات الاقتصاد الوطني، حيث انه من الواضح تم طرحها بناء على دراسات مستفيضة للواقع الاقتصادي المحلي.
وتابع أن كثيرا من هذه المضامين والرؤى أشارت بصورة واضحة إلى الملفات الاقتصادية الملحة التي تستدعي المعالجة والاصلاح كالضرائب العامة والبطالة والعدالة الاجتماعية وغيرها.
واعتبر عباسي أن تبني القوائم الانتخابية لطروحات اقتصادية بناءة ومعبرة عن التحديات الاقتصادية المحلية، يبعث الأمل والتفاؤل بالمجلس النيابي القادم، وقدرته على معالجة معضلات الاقتصاد الأردني وإصلاحها وتقييم اداء الحكومة الاقتصادي.
وأكد عباسي أنه ينتظر من مجلس النواب القادم، التركيز على حث الحكومة على تنفيذ برامج اقتصادية وموازنات عامة تستهدف تحسين معدلات النمو الاقتصادي، إضافة إلى سن تشريعات لإصلاح القطاعات الاقتصادية المختلفة لاسيما قطاعات الطاقة والنقل والصناعة ومعالجة ملف الاحتكارات في هذه القطاعات الذي يحد من قدرة الاقتصاد الوطني على المنافسة والنمو.
في المقابل يرى وزير تطوير القطاع العام السابق ماهر المدادحة إلى أن كثيرا من القوائم الانتخابية والحزبية المترشحة للانتخابات البرلمانية تفتقد إلى البرامج الانتخابية المتكاملة والرؤى الاقتصادية التي تعبر عن واقع الاقتصاد المحلي، إذ انها نرفع شعارات عامة مجردة من أي رؤية اقتصادية حقيقية. وتابع لم أرصد برنامج انتخابيا يحدد احتياجات القطاعات الاقتصادية أو طرح استراتيجية واضحة للنهوض بالواقع الاستثماري واستقطاب الاستثمارات إلى الأردن أو معالجة مشكلة المديونية وغيرها من تحديات الاقتصاد الأردني، وهو ما يؤكد افتقاد اغلب هذه القوائم الانتخابية للنضج السياسي والاقتصادي التي يمكنها من احداث التغير المنشود. وأوضح المدادحة، أنه في ظل البيئة الاصلاحية الجديدة والشكل الذي سيكون عليه مجلس النواب القادم يتطلب أن تكون هناك قوى وتكتلات مجتمعة حول برنامج إصلاحي ما واضح، وهو ما يبدو انه غير متوفر بالشكل المأمول حتى اللحظة.
إلى ذلك قال استاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري إن الكثير من الطروحات والشعارات المتعلقة بالشأن الاقتصادي المرفوعة من قبل القوائم الانتخابية لا تنم عن فكر ورؤية اقتصادية بحتة، وهي لا تعدو ان تكون شعارات واطروحات عامة ومتكررة، لذلك يعول عليها في احداث أي تغيير اقتصادي. ويرى الحموري أن الخطط والحلول لمواجهة مشكلات الاقتصاد الأردني متوفرة لدى الخبراء والاكاديميين، والمطلوب من مجلس النواب القادم تبنيها والدفع بها نحو تنفيذها وتشريع الخطط الاقتصادية التي تتيح معالجة الازمات الاقتصاد الوطني لا سيما مشكلتي البطالة والفقر، وتنامي عبء المديونية العامة.