أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    26-Jan-2020

تقرير حالة البلاد والمسعى النبيل*د. مهند مبيضين

 الدستور

تقرير حالة البلاد الصادر عن المجلس الاقتصادي الاجتماعي، في نسخته الثانية، هو تجديد للنقد الداخلي الوطني من داخل بنية المعرفية الوطنية، والممارسة العملية وسبر الآراء وتوظيف المعلومات، عبر منهجية علمية، ومراجعات وجلسات عصف ذهني، وكل ذلك في سبيل تجويد العمل والكشف عن حال الدولة وإداراتها العامة وشكل بُنيتها الإدارية الراهنة.
التقرير قدم موضوع الإدارة والاقتصاد الكلي، ليس لكونهما الأهم، لكنهما الركن المكين في الإصلاح، وهما السبيل الأفضل لعلاج الضعف الراهن، والتقرير ليس تنظيراً، بل شهادات ومعلومات وارقام موثقة عن السياسات النقدية واداء السياسيين، والاقتصاد الكلي والجباية الضريبة والسياسات الاقتراضية ومدى نسبة العمل على تطبيق رؤية الأردن 2025، والاحتياطي النقدي، وغير ذلك من تفصيلات التقرير، الذي يمكن أن يكون سبيلا لاستعادة البلاد من راهنيتها الضعيفة إدارة وخططاً وبرامجاً.
والتقرير يؤشر بوضوح إلى أصحاب المصلحة، الذين يقاومون التغيير، ويتفاعلون مع القرارات والسياسات سلباً ومعارضة، عبر التحشيد والـتأثير ضد القرارات والسياسات، كونهم يعرفون الاضرار بمصالحهم ويدركون قوتهم التاثيرية، في مواجهة الحكومات.
أصحاب المصلحة هو أهل « البازار» ومن في حكمهم من أهل «الكارات» وطبقة الفاسدين، ممن لهم علاقات زبائنية ومصالح مع مجمل الاقتصاد الكلي للدولة، ومن الطبيعي أن يقف هؤلاء ضد التحديث، والإصلاح، والرقمنة، هؤلاء يريدون إدارة بيروقراطية متحالفة معهم، ودوما السلطة تريد نفوذا والنفوذ يجلب التأثير والمال.
قصة الأردن، هي في هذا التقرير، كيف تحول اصحاب المصلحة، من بائعي خضار أو طوب او حلال أو ماء، إلى أصحاب رأي ومؤثرين، ثم هم في غضبهم منظرو إصلاح، وهم في الحقيقة قادة عامون مرتجفون هم عنوان غياب الهياكل- وهو ما اشار إليه التقرير- وسبب الضعف في اداراة مؤسسات الدولة، التي تغيب فيها أسس المفاضلة في اختيار قيادتها ويندر فيها تقييم الأداء الحقيقي. وكلما رأيت أنا شخصيا يافطة مكتوب وحدة تقييم الأداء المؤسسي في أي وزارة اصابني الضحك والاستغراب .
محمد النابلسي أمين المجلس الاقتصادي أوضح حجم الاغتراب بين مؤسسات الدولة والتقرير، حيث أشار في برنامج صوت المملكة أن لا مؤسسة من مؤسسات الدولة ووزاراتها تفاعلت مع التقرير الأول جدياً، باستثناء الهيئة المستقلة للانتخابات ومراجعتها بعض المعلومات فيما يخص عملها، وهذا ما يعني حقيقة أن الأردن «البلد اللذيذ» برأي رئيس المجلس الاقتصادي مصطفى الحمارنه، الذي لا يكلُّ ولا يملُّ عن ممارسة دوره الإصلاحي في كل مواقعه التي شغلها.
يُذكرني مصطفى الحمارنه بأعمال مدحت باشا ومصيره هو ورفاقه في الدولة العثمانية، وكان رأي مدحت يوم هبت عاصفة الإصلاحات بعد حركة التنظيمات العثمانية عام 1839 وصار هناك تيار تغريبي صرف، وتيار داخلي تزعمه مدحت، أن الإصلاح يكون بتحسين الإدارة والانصات لصوت الناس في الولايات البعيدة عن المركز، لكن للاسف كانت قوة أصحاب المصلحة آنذاك أكبر منه. وفي حال د. مصطفى وجهود المجلس الاقتصادي، يجب الاعتراف بأننا نلج مسعى نبيلاً واسلوبا متطورا بنقد وتقييم الأداء وبشكل ممنهج وعلمي ورصين، مما يوجب احترامه والتفاعل معه.