أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    20-Feb-2020

«الرقمنة».. والفساد الصغير!*أحمد حمد الحسبان

 الراي

قبل أيام، أطلقت الحكومة «الحزمة الخامسة» من سلسلة إجراءاتها التي تسميها إصلاحية أحياناً، و«تحفيزية» أحياناً أخرى. والتي لا يستطيع أحد من المتابعين التقليل من شأنها، استناداً إلى فرضية نعرفها ونتعامل بها وتقوم على فكرة «الجود من الموجود».
 
ومع إدراكنا أن «الموجود» كان ممكناً أن يكون أكثر مما هو متاح حالياً، وأن عوامل تراوحت ما بين الفساد، وسوء الإدارة والاجتهاد من جهة، وبين المعطيات الخارجية من جهة أخرى، أحبطت أحلام الأردنيين بالعيش ضمن قدر من الاكتفاء بحده المقبول، إلا أننا ما زلنا نتأرجح بين الإحباط والأمل. إحباط من واقعنا المعيشي الصعب، وأمل بأن القادم سيكون أجمل بإذن الله.
 
فقد ركزت الحزمة الخامسة، على مسألة التحول الرقمي، باعتباره الوسيلة التي تمكن المواطن من إنجاز معاملاته المشمولة بـ«الرقمنة»، مباشرة، ودون تدخل مباشر للموظفين المعنيين. واعتبرت الحكومة تلك الخطوة بأنها «واسطة» من لا واسطة لديه.
 
وفي الوقت نفسه اعتبرت أن الخطوة تحارب «الفساد الصغير»، الذي نعترف جميعاً بأنه منتشر، وأنه يدخل في كل معاملة حكومية، ولدرجة أن المواطن أصبح يتهيّب من مراجعة دائرة حكومية لأي سبب ما لم يكن يعرف أحد موظفيها. أو يقوم شخص آخر بالتوصية عليه لتسهيل معاملته.
 
ما لفت الانتباه في هذه المسألة توقف البعض عند الفساد الكبير، وهل تراجع إلى المستوى الذي تؤكده الحكومة، حيث تصفه بأنه «فساد انطباعي» بالدرجة الأولى؟ وتصر على تجاوز حالات واضحة وضوح الشمس. وتتمسك بطي ملفات يعتقد العامة أنه لو تم فتحها وعولجت بشكل قانوني لنجحت الدولة في تخطي الكثير من الصعوبات الاقتصادية المعاشة.
 
ومن التساؤلات، هل من وصفة» رقمية» جديدة من شأنها أن تكون موجهة للفساد الكبير؟
 
بالتوازي، ومع الترحيب بتلك الحزمة، وعدم التقليل من شأنها، ودورها في التسهيل على المواطنين وغيرهم في استكمال معاملاتهم بيسر وسهولة، هناك من يسأل: هل تعتقد وزارة الاقتصاد الرقمي أن البنية التحتية أصبحت جاهزة للتعامل مع مشروع «الرقمنة»؟ وهل يمكن ل «أبناء القويرة» مثلاً ـ الحصول فعلاً على نفس الخدمة التي يحصل عليها أبناء العاصمة؟.
 
الإحساس العام يرى أن تلك المسألة محكومة ببعدين:
 
الأول: طبيعة الناس ومستوى ثقافتهم، خاصة وأن أبناء القرى والمناطق البعيدة ـ ما زالوا يتهيبون التعامل مع التكنولوجيا بنسختها المطورة اللازمة لإنجاز المعاملات والدفع الالكتروني. فالغالبية من هؤلاء يتعاملون مع النقد بالطرق التقليدية وليس ببطاقات الائتمان. كما يترددون في التعامل مع التكنولوجيا الرقمية في إنجاز المعاملات.
 
وفي البعد الآخر، ما زالت الكثير من المناطق غير مغطاة بشبكة الاتصالات الرقمية، حيث تتكرر الشكاوى من ضعف البث أو انعدامه في الكثير من المحافظات. كما تتكرر الشكاوى من ارتفاع كلفة الاشتراك بخدمات الإنترنت وبخاصة محدودي الدخل الذين يعانون من ارتفاعات تكاليف المعيشة ويعتقدون أن «الرقمنة» ستضيف عليهم أعباء إضافية.
 
وفي المحصلة، فهم بحاجة الى وقت لتطبيع أنفسهم مع هذه التكنولوجيا، وإجراءات لتوفير الخدمة وتخفيض كلفتها.