أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    11-Sep-2025

سلوك الاقتصاد النفسي*حسام عايش

 الدستور

يرافق الحديث عن أسعار الذهب والنفط والمعادن وأسواق المال مصطلح الحد النفسي-او العتبة النفسية، او الحاجز النفسي ..الخ- وهو في مقاييس الاقتصاد والاسواق، مستوى رقمي/عددي رمزي- سعر، نسبة، مؤشر...- ينظر اليه كنقطة ارتكاز تؤثر على سلوك المتعاملين، والجمهور، حتى دون تغير جوهري في الاساسيات الاقتصادية .
الحد النفسي، يقوم، على ادراك جماعي اكثر منه معطى رياضي او احصائي صرف، وتغذيه الذاكرة المشتركة، والاثر الاعلامي، وتكرار السلوك والتقديرات التي تتبناها الجهات الرسمية او الفاعلون في السوق.
الحد النفسي، يرتكز على تكرار رقم ما بحيث يتحول الى مرجع ذهني في الاخبار والتصريحات والتحليلات. وعلى التقديرات الرسمية، حين تضع الحكومات او المصارف المركزية اهدافا رقمية تصبح موجهة للتوقعات. وعلى الاثر السلوكي، الذي يعيد تشكيل المزاج العام، ويدفع الناس الى قرارات استهلاك او استثمار او تداول فورية عند الاقتراب من الرقم او كسره، وفي كل ذلك لا يكون الرقم مجرد قيمة حسابية بل اشارة نفسية.
الحد النفسي، غالبا ما يكون دائريا وسهل التذكر مثل 100 او 1.0 او 10، ومن تكراره يوجد قناعة جمعية بان هذا الرقم مهم، بحيث يؤدي تجاوزه ارتفاعا او انخفاضا الى موجة تفاعلية سريعة في الاتجاه نفسه.
لا توجد صيغة حسابية واحدة تقيس الحد النفسي بدقة، لان جوهره سلوكي كما اسلفنا، لكن يمكن تقديره تقريبيا وبالذات عندما تكون المؤشرات ذات الصلة مستقرة تاريخيا كمعدلات النمو، الفقر، عبر متوسط بيانات خمس سنوات + 2(متوسط الانحراف المعياري). او بربط قمم وقيعان سابقة للبطالة او التضخم بردات فعل نفسية ذعر، تفاؤل، بيع جماعي للاسهم، الذهب، النفط، العملات. او عبر الارقام الدائرية المتداولة التي ترصدها الاسواق والاعلام.
فالذهب اليوم، يتم تداوله في نطاق يقارب 3640 الى 3680 دولار للاونصة في العقود القريبة، ما يجعل سعر 3600 دولار رمزيا ليتحول الى مرجع نفسي لحركة الملاذات.
أيضا النفط، فسعر خام برنت يدور هذه الايام قرب 66 الى 67 دولار للبرميل، ولديه حد نفسي عند سعر 70 دولار، حبث يعد علامة دائرية تتابعها الصناديق والمتعاملون كاشارة قوة او ضعف في الاتجاه.
كذلك في الاسواق العالمية، يدور مؤشر اس اند بي 500 قرب 6500 نقطة، وهو مستوى نفسي دائري تحول الى مرجع نفسي للسوق، وعندما يقترب المؤشر منه تتغير شهية المخاطرة، وعتبات جني الارباح.
في الاقتصاد الاردني، تبرز عتبات نفسية لها وزنها في المزاج العام والسياسات، فالتضخم دون 3 ٪ عادة ما يبعث على الطمانينة لدى الحكومات ورجال الاعمال والمستهلكين ويغير توقعات الاسعار والاجور.
 ايضا معدل النمو الحقيقي، له حد نفسي عند 3 ٪، وهو مهم لانه يسمح بادماج اوسع للداخلين الجدد الى سوق العمل، وللانطلاق نحو معدلات نمو اعلى .
كذلك، تغطية الإيرادات المحلية للنفقات الجارية، والتي لها حد نفسي عند نسبة 90 ٪، وهو حد يظهر انضباط الانفاق الجاري، وزيادة النشاط الاقتصادي معبرا عنه بالايرادات المحلية، والاقتراب منه اوتجاوزه يؤثر في توقعات المستثمرين والمواطنين والحكومات ايضا.
وظيفة الحد النفسي تظهر في لحظات الاقتراب من هذه العلامات، اذ قد تبادر الجهات المعنية الى اجراءات سريعة لحماية الاستقرار عندما تقترب المؤشرات من حدودها النفسية السلبية، او تزيد من وتيرة ادائها الايجابي عندما تقترتب او تتجاوز حدودها الايجابية.
الحد النفسي ليس رقما محضا بل اداة تحليل سلوكي تفسر جانبا خفيا من حركة الاسواق لا تلتقطه الارقام وحدها، وهو اداة مساندة للحكومة ومجلس النواب والاقتصاديين والاعلام لقراءة المزاج العام، ولتصميم رسائل وسياسات تقلل التقلب غير الضروري، وتحافظ على الاستقرار، وعندما تتكامل القراءة النفسية مع المؤشرات الاساسية تصبح الصورة اوضح، والقرارات اكثر رشدا.