أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    14-Apr-2025

قطاع الطاقة.. ما شكل الاستثمارات المطلوبة في ظل تضخم المخاطر؟

 الغد- رهام زيدان

 في ظل تضخم المخاطر الاقتصادية وتنامي احتمالات تقلص التمويل الخارجي، يقف الأردن أمام ضرورة إستراتيجية لإعادة النظر في طبيعة الاستثمارات المطلوبة في قطاع الطاقة، بحسب خبراء في هذا المجال.
 
 
فالحديث اليوم، لم يعد يقتصر على زيادة إنتاج الطاقة فقط، بل اتسع ليشمل تحديث البنية التحتية، وتعزيز الكفاءة، والأهم من ذلك تحقيق أمن الطاقة بتكلفة "معقولة" تناسب المواطن والدولة.
 
خريطة الاستثمارات المطلوبة في قطاع الطاقة الأردني لا تتجه نحو مسار واحد، بل تشكل شبكة متعددة المحاور تمتد من التوليد إلى النقل، ومن التخزين إلى الكفاءة، ومن المشاريع المحلية إلى الإقليمية، بحسب خبراء إلا أن التحدي الأكبر يبقى في القدرة على جذب التمويل طويل الأجل في ظل الاضطرابات الاقتصادية العالمية، وهنا تبرز أهمية الشراكة والشفافية كمرتكزات أساسية لأي نجاح مستقبلي.
استثمارات إستراتيجية في الغاز والبنية التحتية
في هذا السياق، قال المدير العام الأسبق لشركة الكهرباء الوطنية م.عبدالفتاح الدرادكة " إن التحولات الاقتصادية العالمية المتسارعة وزيادة الحاجة إلى مصادر طاقة موثوقة ومستدامة تضع قطاع الطاقة في الأردن في مقدمة القطاعات الواعدة القادرة على جذب الاستثمارات".
وأضاف الدرادكة  "مع تقلبات الأسواق العالمية في الأسعار وسلاسل التوريد، يصبح من الضروري تحديد نوعية وطبيعة الاستثمارات المطلوبة وآلية استقطابها والحفاظ عليها".
وفيما يتعلق بأبرز أشكال الاستثمارات المطلوبة، أشار الدرادكة إلى أن المرحلة الحالية تتطلب استثمارات إستراتيجية طويلة الأمد تركز على الغاز الطبيعي، خاصة وأن حقل الريشة يُعد من أبرز المصادر المحلية الواعدة نظرا لما يتوفر فيه من احتياطي مثبت، بحسب مصادر حكومية.
ولتعظيم الاستفادة منه، أكد ضرورة تنفيذ دراسة جدوى شاملة لربطه بخط الغاز العربي، ما يسهم في تعزيز الأمن الطاقي للنظام الكهربائي والصناعي، ويفتح المجال أمام التصدير إلى دول الجوار إذا ما توافقت التقديرات مع الواقع.
وأضاف، " من الضروري كذلك الاستثمار في تعزيز البنية التحتية لنقاط الربط الكهربائي مع العراق والسعودية ومصر وفلسطين، لما يتيحه من فرص للتبادل الكهربائي ويعزز دور الأردن كمحور طاقة إقليمي".
 كما أشار إلى أهمية التوسع في مشاريع الطاقة الشمسية والرياح، مع وجود حاجة ملحة للإسراع في تنفيذ مشروع مستودع التخزين الهيدروليكي للطاقة، الذي سيمكن من استيعاب كميات أكبر من الطاقة المتجددة وتوفير طاقة مستقرة على مدار الساعة.
وأكد الدرادكة أهمية الهيدروجين الأخضر باعتباره طاقة المستقبل، مشددا على ضرورة تسريع دراسات الجدوى والتطبيقات العملية لإنتاجه، مستفيدين من وفرة مصادر الطاقة المتجددة في الأردن.
وفيما يخص الربط الكهربائي مع الجانب الفلسطيني، دعا الدرادكة إلى الاستثمار في مشاريع طاقة متجددة في منطقة الأغوار لتزويد السلطة الفلسطينية بالكهرباء، معتبرا أن التحديات التي تواجهها الأخيرة في تطوير بعض المناطق تمثل فرصة اقتصادية ووطنية وإنسانية وسياسية، من شأنها أن تعزز التعاون الثنائي ودور الأردن الإقليمي.
أما في ما يتعلق بالصخر الزيتي، فقال الدرادكة "الأردن من الدول الغنية بهذه الثروة، وتوظيف التكنولوجيا الملائمة لاستغلاله في توليد الكهرباء أو إنتاج النفط الصناعي يمثل فرصة استثمارية واعدة، شرط مراعاة الجوانب البيئية والتكاليف المرتبطة".
وأوضح الدرادكة أن التقلبات الاقتصادية العالمية تؤثر على قرارات المستثمرين، خاصة في القطاعات كثيفة رأس المال مثل الطاقة.
ومع ذلك، فإن الاستقرار السياسي النسبي للأردن، إلى جانب موارده المحلية المتزايدة وموقعه الجغرافي المحوري، يوفر بيئة واعدة للاستثمار شريطة توفير الحوافز المناسبة وتقليل المخاطر التشغيلية.
مشاريع البنية التحتية والطاقة المتجددة
من جهته، أكد الباحث في شؤون الطاقة، عامر الشوبكي أن قطاع الطاقة يُعد من أبرز القطاعات الجاذبة للاستثمار في الأردن، لما له من دور في تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتحقيق أمن الطاقة.
وأشار الشوبكي إلى أن الاستثمارات في هذا القطاع تشمل مشاريع البنية التحتية لنقل وتخزين الطاقة، وتنفيذ مشروع أنبوب النفط العراقي ومحطة التغيير في العقبة، إلى جانب مشاريع الطاقة المتجددة وزيادة الاستثمارات في محطات الطاقة الشمسية والرياح، خاصة مع التوجه لتشغيل محطات تحلية مياه باستخدام مصادر الطاقة المتجددة.
كما أشار إلى أهمية التعاون الإقليمي في تصدير الكهرباء وتعزيز الربط الكهربائي مع دول الجوار، مع التركيز في الوقت الراهن على سورية، التي من المتوقع أن تشهد زيادة في الطلب على الكهرباء.
وأضاف الشوبكي أن من بين أولويات الاستثمار أيضا، توسيع عمليات استخراج الغاز الطبيعي محليا، لتثبيت الاحتياطات المؤكدة، لا سيما في المنطقة الشرقية من المملكة، إلى جانب إنشاء مشاريع صديقة للبيئة باستخدام الصخر الزيتي لتقليل الكلف المرتبطة بسعر الكهرباء وتخفيف الاعتماد على الاستيراد.
وأكد أن التقلبات الاقتصادية العالمية الحالية، وما يصاحبها من تضخم وتغيرات جيوسياسية، تدفع المستثمرين إلى التحوط والحذر.
ومع ذلك، فإن موقع الأردن الإستراتيجي، واستقراره النسبي، يوفران أرضية مناسبة لجذب الاستثمارات، بشرط توفير بيئة استثمارية واضحة ومستقرة تركز على المشاريع ذات العوائد المضمونة مثل البنية التحتية والطاقة المتجددة.
وأشار الشوبكي إلى أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب من الحكومة اتخاذ خطوات حاسمة لضمان الاستقرار التنظيمي والتشريعي، من خلال تحديث مستمر للإطار القانوني بما يكفل الشفافية وحماية حقوق المستثمرين.
إصلاحات تنظيمية وتشجيع الاستثمار
كما دعا إلى تقديم حوافز ضريبية وجمركية وتسهيلات خاصة لمشاريع الطاقة، لا سيما تلك المعتمدة على مصادر الطاقة المتجددة وتقنيات الصخر الزيتي، إضافة إلى تشجيع الشراكات الإستراتيجية بين القطاعين العام والخاص، بهدف تقليل المخاطر وتوزيع التكاليف في مشاريع البنية التحتية الأساسية لدعم النمو وتسهيل حركة التجارة.
وأكد الشوبكي أهمية تفعيل الجهود الترويجية والتسويقية لتعظيم فرص الاستثمار، من خلال المشاركة الفاعلة في المؤتمرات والمعارض الدولية، وتقديم عروض استثمارية مدروسة وجاذبة.
وأوضح أن الالتزام بهذه التوجيهات كفيل بتحويل التحديات العالمية إلى فرص اقتصادية حقيقية في قطاع الطاقة، وتحقيق استدامة في هذا القطاع الحيوي، إلى جانب جذب استثمارات جديدة تسهم في النمو الاقتصادي المستدام.
التحول الرقمي وكفاءة الاستهلاك
من جانبه، قال المختص في الاستدامة وإدارة الطاقة، المهندس سائد السلايمة، إن اعتماد الأردن الكبير على واردات الطاقة يجعله عرضة لتقلبات أسعار النفط العالمية.
وأوضح السلايمة " أن السنوات الأخيرة شهدت تحولا ملحوظا نحو الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، بدعم من السياسات الحكومية والتشريعات المشجعة، ومع ذلك، ما تزال هناك فرص كبيرة غير مستغلة لتحقيق الأمن الطاقي في المستقبل القريب".
وأشار إلى أن هناك حاجة ماسة لتطوير البنية التحتية الرقمية للطاقة ضمن الشبكة الكهربائية، مثل العدادات الذكية، وأنظمة تخزين الطاقة، والشبكات الذكية، وأنظمة المراقبة الفورية، التي تعتمد على تحليل البيانات لاختيار منظومات التوليد المثلى وتحسين كفاءة التشغيل.
كما أكد أن الاستثمار في الطاقة الشمسية ما يزال مجديا، رغم التعديلات الأخيرة على قانون ربط أنظمة الطاقة المتجددة.
وفيما يتعلق بجانب الاستهلاك، أوضح السلايمة أن كفاءة استهلاك الطاقة في عدد من القطاعات، وعلى رأسها القطاع الصناعي والمباني العامة، ما تزال دون المستوى المطلوب، مما يفتح المجال أمام مشاريع خدمات الطاقة (ESCO) وحلول تعتمد على الذكاء الصناعي لإدارة الأحمال والتحكم الذكي، إلى جانب الاستمرار في تطوير برامج تمويل المواطنين لتحسين كفاءة منازلهم.
وأشار أيضا إلى الفرص المتاحة في مجالات الابتكار وريادة الأعمال، مؤكدا أهمية إنشاء حاضنات أعمال للطاقة الخضراء لدعم الابتكار المحلي والمبادرات الريادية.
وأكد السلايمة أن لدى الأردن إمكانيات كبيرة في مجالي الطاقة الشمسية والريحية تؤهله لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ورغم التكاليف العالية والمخاطر المرتبطة بهذا النوع من المشاريع، فإنه يُعد أحد المشاريع الإستراتيجية للمستقبل.
حوافز تحد من المخاطر
وشدد على أن جاذبية الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع الطاقة لا تعتمد فقط على وفرة الموارد، بل ترتبط أيضا بالبيئة الاقتصادية العامة التي يواجهها المستثمر، فارتفاع الدين العام، وتذبذب النمو الاقتصادي، وتراجع القدرة الشرائية، وارتفاع معدلات البطالة قد تثير قلق بعض المستثمرين، إلا أن العوامل الإيجابية مثل الاستقرار النقدي للدينار، ووفرة الموارد الطبيعية، والتمويل المناخي الدولي، إلى جانب البيئة التنظيمية الداعمة، تمثل حوافز قوية تحد من تلك المخاطر.
وأوضح السلايمة أن تعزيز جاذبية الاستثمار في القطاع يتطلب دورا نشطا من الحكومة بوصفها الضامن والميسر، من خلال إصدار قانون موحد للطاقة المتجددة يُبسط إجراءات التراخيص، ويوحد الجهات الرقابية، ويوفر وضوحا قانونيا كاملا لعقود شراء الطاقة طويلة الأجل (PPAs) ومشاريع خدمات الطاقة (ESCO)، إلى جانب تحسين الحوافز المالية والضريبية، لا سيما للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وللحفاظ على الاستثمارات القائمة، دعا السلايمة إلى ضمان الاستقرار التشريعي، والامتناع عن تعديل العقود بعد توقيعها، مؤكدا على ضرورة إنشاء وحدة مركزية لخدمة المستثمرين في قطاع الطاقة (One-Stop-Shop) لتسريع الإجراءات، وإشراك المستثمرين في رسم السياسات من خلال منتديات تشاورية فعالة.