أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    13-Jul-2025

دور القطاع المصرفي في تعبئة المدخرات وإعادة توظيفها*غسان الطالب

 الغد

مما لا شك فيه أن اقتصاديات الدول الإسلامية وخاصة العربية منها، وكما هي بقية اقتصاديات الدول النامية أو تلك التي هي في طريق التنمية، أكثر ما تكون بحاجة إلى مصادر تمويل قادرة على تلبية حاجات خطط التنمية الاقتصادية، فإما أن تلجأ هذه الدول إلى الاقتراض الخارجي وما يترتب عليه من أعباء وتكاليف مرتفعة تمس أحيانا بسيادة هذه الدول، أو تبحث عن تعبئة مواردها المحلية والمتمثلة في مدخرات الأفراد والمجتمع، ثم تعيد توظيفها في المشاريع التنموية المرجوة،  وهنا يأتي دور القطاع المصرفي للقيام بهذه المهمة، من خلال وظيفته كوسيط مالي ينظم انسياب رؤوس الأموال من الوحدات الاقتصادية ذات الفائض إلى الوحدات الاقتصادية ذات العجز، فالمشكلة أحيانا تكمن في شح الموارد المحلية لبعض المجتمعات وعدم قدرتها على الاستجابة لحاجة الخطط التنموية من التمويل اللازم لها، ففي هذه الحالة تكمن وظيفة الجهاز المصرفي في الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة والحفاظ عليها من التشتت والضياع والتوجه إلى تقديم التمويل للمشاريع الاقتصادية التي من شأنها أن تحدث تنمية اقتصادية وتساهم في توظيف الأيدي العاملة والتقليل من حدة الفقر من منطلق المسؤولية الوطنية، فعندما يساهم هذا القطاع في خلق بيئة اقتصادية سليمة، فإنه ومما لا شك فيه سيجد (أي قطاع البنوك) فرص استثمار أفضل يسعى من خلالها إلى زيادة حصته من الأرباح ويحقق أهدافه التي وجد من أجلها، وهنا الحديث يشمل مكونات القطاع المصرفي كافة، وبشقيه الإسلامي والتقليدي، ولهذا نجد أن الجهاز المصرفي أو قطاع البنوك -إن جاز التعبير- وعلى سبيل المثال هو المسؤول عن التقدم الاقتصادي في اليابان والعديد من الدول الأوروبية والصين والحفاظ على قطاع الإنتاج أن ينمو بشكل متواصل ويحافظ على المكانة الاقتصادية لهذه الدول، وغيرها من الدول التي حققت تقدما ونموا اقتصاديا، وفي الوقت نفسه، فإنه هو نفسه المسؤول عن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي اندلعت في العام 2008، وما تزال إرهاصاتها إلى يومنا هذا في العديد من دول العالم، عندما تجرد هذا القطاع من المسؤولية الأخلاقية بهدف تعظيم أرباحه بشتى الوسائل فكانت أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة، وما تلاها من انهيارات في أكبر المجموعات المصرفية في العالم وخاصة الأميركية منها، وقد عزا العديد من خبراء الاقتصاد والمال ذلك إلى سلوك "الجشع"، في جني الأرباح الطائلة من ارتفاع معدلات الفائدة وعدم قدرة المقترضين سواء الصغار منهم ممن اقترضوا لتأمين مأوى لهم وتسوية حاجاتهم الاستهلاكية، أو على مستوى كبرى المجموعات الاستثمارية التي تراجع لديها الطلب ولم تعد قادرة على تسديد التزاماتها تجاه البنوك، فكانت بداية الأزمة، وهنا اتجهت الأنظار إلى الصناعة المصرفية الإسلامية، وخاصة بعد نجاحها النسبي في تجاوز آثار الأزمة المالية العالمية وما رافق ذلك من زيادة في الطلب على منتجاتها المالية، مما أوجد لديها حالة من التحدي لكسب المزيد من الحصة السوقية في الأسواق المالية العالمية وتسابقت المصارف في دول عدة، غلى فتح نوافذ مالية إسلامية لديها لغرض المنافسة، مما فرض على مصارفنا الإسلامية التمسك بقوة برسالتها الأخلاقية الملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية.
 
 
فالمبادئ التي قامت عليها المصارف الإسلامية ومنحتها القوة والثقة لتصبح منافسا حقيقيا في السوق المصرفي العالمي، بنيت على مبدأ التمويل الأخلاقي الذي يفرض عليها عدم تقديم أي نوع من التمويل للمشاريع التي تنتج أي سلعة محرمة يمكن أن تلحق الضرر بالمجتمع، وعليه، فإنها ملزمة بنهج السلوك الاخلاقي، والمقصود هنا الالتزام بكل المعايير الأخلاقية التي وردت في الشريعة الإسلامية، وأقرها القرآن الكريم والسنة النبوية؛ مثل عدم الاحتكار واستغلال حاجيات الناس وضروريات المجتمع، ونهى عن التبذير والإسراف وعدم حبس النقود حتى تساهم في النشاط الاقتصادي، وبالتالي زيادة الثروة للأفراد والمجتمع على حد سواء.