حوافز مشاريع توليد الكهرباء.. فرصة لخفض كلف التشغيل والأسعار
الغد-رهام زيدان
أكد خبراء ومستثمرون في قطاع الطاقة أن الحوافز والإعفاءات الجديدة التي أقرتها الحكومة لمشاريع توليد الكهرباء، تشكل خطوة مهمة لتعزيز جاذبية الاستثمار وخفض كلف التشغيل، الأمر الذي يساهم في استقرار التزويد الكهربائي.
وبين الخبراء، أن تطبيق هذه الحوافز بشكل فعال سيؤدي إلى انعكاسات إيجابية على المستهلك النهائي، كخفض التعرفة الكهربائية وتقليل الاعتماد على الوقود المستورد، وتحقيق استدامة النظام الكهربائي على المدى الطويل، مع تأكيد أهمية متابعة تنفيذها ومراقبة أثرها على الكلف والتنافسية، بما ينسجم مع السياسات الاقتصادية الوطنية.
وقرر مجلس الوزراء مؤخرا، الموافقة على منح حوافز ومزايا جديدة لمشاريع توليد الطاقة الكهربائية بالطرق التقليدية وعن طريق الطاقة المتجددة للمشاريع الخاصة بالنظام الكهربائي الأردني، علما أن هذه القرارات كان معمول بها سابقا وألغيت في العام 2022.
وتتضمن هذه الحوافز منح الشركات إعفاء كاملا من جميع الرسوم والضرائب المقررة بموجب قانون البيئة الاستثمارية لسنة 2022 طوال مدة الاتفاقية التنفيذية، إضافة إلى إعفاء من ضريبة الدخل بنسبة 75 % لمدة عشر سنوات، اعتبارا من تاريخ بدء التشغيل التجاري للمرحلة الأولى من المشروع.
وشمل قرار مجلس الوزراء الأخير أيضا، إعفاء جميع المعدات والأجهزة وقطع الغيار المستوردة والخاصة بالمشاريع من الرسوم الجمركية والضرائب ورسوم الاستيراد، إضافة إلى إعفاء العقود والاتفاقيات الخاصة بالتمويل والتوريد والتركيب والصيانة وجميع اتفاقيات المشروع من رسوم الطوابع والرسوم الأخرى، وكذلك إعفاء مشاريع توليد الكهرباء من الضريبة العامة على المبيعات وأي ضرائب أخرى.
كما ستشمل الإعفاءات، البضائع والخدمات سواء أكانت محلية أو دولية اللازمة للمشاريع، وسيتم منح شركات المشاريع حق الاستفادة من أي إعفاءات إضافية قد تمنح مستقبلا للمشاريع الصناعية.
يذكر أن عدد شركات التوليد في المملكة يبلغ 7 شركات طاقة تقليدية وواحدة للصخر الزيتي، إضافة إلى نحو 24 مشروع طاقة متجددة، ما بين شمس ورياح بقدرات توليدية مختلفة، علما أن جميع هذه الشركات تبيع الكهرباء إلى شركة الكهرباء الوطنية، التي تبيع الكهرباء لشركات التوزيع الثلاث.
خطوة استراتيجية لتعزيز الاستثمار
أكد المستثمر في قطاع الطاقة د. فراس بلاسمة، أن قرار الحكومة الأخير يشكل خطوة استراتيجية ستحدث فارقا كبيرا في بيئة الاستثمار، سواء في المشاريع التقليدية أو المتجددة.
وأوضح أن هذه الحوافز، التي أقرها مجلس الوزراء، تهدف إلى تعزيز جاذبية الأردن كمركز إقليمي للطاقة وتحقيق الاستقرار في التزويد الكهربائي.
وأشار بلاسمة، إلى أن هذه الحوافز ستمنح الشركات العاملة في تطوير وتشغيل محطات التوليد ميزة تنافسية قوية من خلال خفض التكاليف الاستثمارية والتشغيلية بشكل كبير، ما يؤدي إلى تحسين العوائد المالية للمستثمرين وجعل السوق الأردني أكثر جذبا للاستثمارات المحلية والأجنبية، موضحا أن هذه القرارات تساهم في تسريع وتيرة التنمية في قطاع الطاقة، وقد تؤدي مستقبلا إلى تخفيض تكلفة إنتاج الكهرباء، بما ينعكس على قدرة الأردن على تصدير الكهرباء للدول المجاورة بأسعار تنافسية
وبين بلاسمة، أن الحوافز تشمل إعفاءات واسعة من الرسوم والضرائب، أبرزها الإعفاء الكامل من الضرائب المقررة بموجب قانون البيئة الاستثمارية طوال مدة الاتفاقية التنفيذية، إلى جانب إعفاء ضريبة الدخل بنسبة 75 % لمدة عشر سنوات، اعتبارا من بدء التشغيل التجاري للمرحلة الأولى من المشروع.
كما شملت الحوافز إعفاء المعدات والأجهزة وقطع الغيار من الرسوم الجمركية وضرائب الاستيراد، وإعفاء عقود التمويل والتركيب والصيانة من الرسوم كافة، وكذلك إعفاء المشاريع من الضريبة العامة على المبيعات وأي ضرائب أخرى ذات صلة.
انعكاس على المستهلك واستقرار الإمداد
وفيما يتعلق بالأثر على المستهلك النهائي، أوضح بلاسمة أنه في حال تحقق خفض حقيقي في تكلفة إنتاج الكهرباء، فمن المتوقع ألا يتم تحميل المواطن كلفة هذه الحوافز بشكل مباشر، مؤكدا أن انعكاس ذلك على فواتير الكهرباء يتطلب متابعة من الجهات المختصة لضمان تخفيض التعرفة، بما يتناسب مع انخفاض الكلف.
ولفت إلى أن تعزيز الاستثمارات في قطاع الطاقة يساهم في تقليل الانقطاعات وتحقيق استقرار الإمدادات الكهربائية، خاصة في فترات ذروة الاستهلاك في الصيف والشتاء، إضافة إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد، ما يقلل مخاطر تقلب الأسعار العالمية، ويعزز الاستدامة على المدى الطويل.
كما أشار إلى أن هذه الحوافز، إذا تم تطبيقها بالشكل الأمثل، يمكن أن تؤدي إلى انخفاض تدريجي في أسعار الكهرباء، تقليل الدعم الحكومي المباشر، وفتح المجال لبرامج دعم موجهة للفئات المستحقة بأسلوب أكثر استدامة، مؤكدا ضرورة متابعة تنفيذ هذه الحوافز بشكل فعلي، ومراقبة أثرها على التعرفة الكهربائية خلال السنوات المقبلة، مع إجراء مراجعة دورية لقياس نتائجها على كفاءة النظام الكهربائي.
أهمية الحوافز
في تعزيز أمن التزويد
من جهته، بين مدير عام شركة الكهرباء الوطنية الأسبق م. عبدالفتاح الدرادكة أن إقرار مجلس الوزراء حزمة الحوافز والإعفاءات لمشاريع الطاقة الكهربائية التقليدية والمتجددة، يعكس إدراك الحكومة للحاجة الملحة إلى تعزيز استقرار النظام الكهربائي الأردني وموثوقيته.
وأشار إلى أنه مع تزايد الأحمال الكهربائية وارتفاع الطلب، على غرار ذروة الشتاء والصيف للعام الحالي، أصبح واضحا أن الاستطاعة التوليدية الحالية، من دون الاستجرار من الخارج، غير كافية لتلبية الاحتياجات وضمان استمرارية التزويد من دون انقطاعات.
وأكد الدرادكة أن بناء محطات توليد كهرباء تقليدية تعتمد الدورة المركبة، إلى جانب الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة المقرونة بمحطات تخزين كهربائي أو مائي، أو حتى التوجه نحو الهيدروجين الأخضر، يمثل ضرورة استراتيجية لتأمين مستقبل الطاقة، متوقعا أن تساهم الحوافز الجديدة في خفض الكلف الاستثمارية والتشغيلية، ما يعزز جاذبية الأردن كمركز إقليمي للاستثمار في قطاع الطاقة.
كما شدد على أن لهذا القرار انعكاسا إيجابيا على التعريفة الكهربائية، إذ تشكل الكلف الرأسمالية والتشغيلية جزءا رئيسيا من كلفة الاستطاعة (Capacity Charges)، مشيرا إلى أن تشجيع المستثمرين المحليين والدوليين ودفعهم لتقديم عروضهم يوسع دائرة المنافسة ويؤدي إلى أسعار أكثر تنافسية، وبالنتيجة يساهم في تحقيق وفورات على المستهلكين وضمان استدامة أمن التزويد بالكهرباء في المملكة.
وقال المستثمر في قطاع الطاقة حنا زغلول "إن القرار جاء لتصحيح ما ورد في قانون البيئة الاستثمارية لسنة 2022، الذي ألغى الإعفاءات التي كانت تمنح سابقا لمشاريع الطاقة". وأوضح أن المشاريع المرتبطة بشبكة النقل، مثل مشاريع الطاقة المتجددة في الجولتين الأولى والثانية، كانت تستفيد من هذه الإعفاءات، إلا أن القانون الصادر العام 2022، ألغى هذه المزايا.
وأشار زغلول، إلى أن إعادة منح هذه الإعفاءات تهدف إلى تحفيز وتشجيع الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة والأحفورية، خاصة المشاريع التي تعتزم الحكومة طرح عطاءاتها، مثل مشروع الطاقة الشمسية بقدرة 200 ميجاوات، ومشروع الدورة المركبة بقدرة 600 ميجاوات العامل على الغاز.
وأضاف أن هذه الإعفاءات ستساهم في تشجيع المستثمرين على التقدم لمثل هذه العطاءات، ما يزيد التنافسية بين المشاركين ويصب في خدمة المصلحة الوطنية العامة.
وأكد زغلول أن منح الإعفاءات سينعكس إيجابيا على تخفيض التعرفة التي يقدمها المستثمر، وهو ما سينعكس بدوره على المستهلك، ويساهم في خفض تكلفة الكهرباء على المواطنين.