أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    13-Apr-2025

قرارات ترامب وسلاسل التوريد الأردنية.. ما التأثير؟

 الغد-عبدالله الربيحات

 تشهد الساحة الاقتصادية العالمية منذ تسلم الرئيس الأميركي دونالد ترامب مهام منصبه، تحولات عميقة بفعل سياسات جمركية اتسمت بالحمائية، وارتكزت على شعار "أميركا أولاً"، والذي شكّل الإطار العام لنهج ترامب الاقتصادي، وهو ما انعكس سلبا على بعض الشركات الأردنية التي تضررت نتيجة اضطراب سلاسل التوريد، وكذلك جراء ارتباط العملة الأردنية بالدولار. 
 
 
وفي المقابل كان سلفه جو بايدن تبنى مقاربة تستند إلى فرض رسوم جمركية على عدد من الواردات الرئيسة، تشمل الحديد والألمنيوم، بالإضافة إلى مئات المليارات من السلع القادمة من الصين، وهي إجراءات جاءت ضمن حرب تجارية مفتوحة بين واشنطن وبكين، وتزامنت مع انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقيات دولية مهمة، مثل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، وإعادة التفاوض حول اتفاقية "نافتا" لتصبح "اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا" بشروط أكثر تشددًا لصالح العمال الأميركيين.
 
وأدت هذه السياسات إلى تقويض التجارة العالمية وعرقلة سلاسل التوريد، خاصة في ظل ارتفاع التكاليف وتعاظم حالة عدم اليقين في الأسواق الدولية؛ إذ اضطرت الشركات العالمية إلى إعادة النظر في خططها الإنتاجية، ونقل بعض عملياتها من الصين إلى دول أخرى مثل فيتنام والهند، لتجنّب الرسوم المرتفعة. 
كما تأثرت اقتصادات كبرى تعتمد على التصدير، مثل ألمانيا وكوريا الجنوبية، نتيجة تراجع الطلب الأميركي وارتفاع تكلفة دخول أسواقه. 
أما على مستوى الداخل الأميركي، فقد أدت هذه السياسات إلى ارتفاع أسعار عدد من السلع، ما ألقى بأعباء إضافية على المستهلكين والشركات المحلية، رغم ما وفرته من بعض الحماية للصناعة الوطنية.
الأردن ليس بمنأى
ورغم أن الأردن لم يكن مستهدفًا بشكل مباشر بهذه السياسات، إلا أن اقتصاده لم يكن بمنأى عن ارتداداتها؛ إذ تضررت شركات أردنية نتيجة اضطراب سلاسل التوريد العالمية، لا سيما تلك التي تعتمد على مواد خام أو مدخلات إنتاج مستوردة من الصين. 
وهذا الاضطراب أدى إلى زيادة الكُلف التشغيلية والتأخيرات في الشحن، ما انعكس سلبًا على القدرة التنافسية للمنتجات الأردنية في الأسواق الإقليمية والدولية، كما شهد السوق الأردني تقلبات في أسعار السلع، نتيجة التغير في أنماط العرض والطلب العالمية، مثل دخول منتجات أميركية زراعية بأسعار مدعومة إلى أسواق جديدة بعد تراجع صادراتها إلى الصين، ما أثّر على أسعار المنتجات المشابهة في الأردن.
وفي ضوء تراجع النمو الاقتصادي للشركاء التجاريين الكبار مثل الاتحاد الأوروبي والصين، تقلصت فرص التصدير الأردنية، وخاصة في قطاعات الملابس والأسمدة والفوسفات، كما أدى دخول منتجات معاد توجيهها من أسواق أخرى إلى الأسواق الأردنية بأسعار منخفضة إلى ما يشبه الإغراق غير المباشر في قطاعات معينة. 
ورغم أن بعض السياسات الأميركية خلقت فرصًا للمنتجات الأردنية لدخول السوق الأميركي، إلا أن ضعف الجاهزية الصناعية وكلفة الإنتاج المرتفعة حالتا دون الاستفادة الكاملة من هذه النوافذ التجارية الجديدة.
ارتبط العملات
وفي سياق أكثر ارتباطًا بالنظام المالي والنقدي، فإن الدينار الأردني، المرتبط بالدولار الأميركي بسعر صرف شبه ثابت منذ منتصف التسعينيات، يستمد استقراره من هذه العلاقة، والتي ساهمت في خفض معدلات التضخم وتعزيز الثقة بالعملة الوطنية، إلا أن هذا الربط، رغم ما يوفّره من استقرار نقدي، يفرض على السياسة النقدية الأردنية مجاراة تحركات الفيدرالي الأميركي في أسعار الفائدة، حتى وإن لم تكن مناسبة للواقع الاقتصادي المحلي، إذ يفرض رفع الفائدة في واشنطن ضغوطًا على كلفة الاقتراض في عمّان، ما يثقل كاهل القطاع الخاص ويحدّ من قدرته على التوسع وخلق فرص عمل جديدة.
وتترتب على تقلبات الدولار عالميًا آثار مباشرة وغير مباشرة على معيشة المواطن الأردني، فارتفاع قيمة الدولار يزيد من كلفة استيراد السلع من دول لا تستخدم الدولار، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأدوية، والإلكترونيات، والسلع الأساسية في السوق المحلي، كما يرفع من كلفة القروض العقارية والشخصية نتيجة رفع أسعار الفائدة محليًا، وهو ما يضعف القوة الشرائية للأفراد. 
في المقابل، قد يستفيد بعض المواطنين من ارتفاع قيمة تحويلات العاملين في الخارج التي تُرسل بالدولار أو عملات مرتبطة به، إلا أن ذلك لا يكفي لتعويض الضغوط الاقتصادية العامة.
تنويع الشراكات
وبالنظر إلى التحديات المتزايدة التي تفرضها طبيعة النظام الاقتصادي العالمي القائم على هيمنة الدولار، فإن من الضروري أن يضع الأردن إستراتيجية وطنية لتقليل اعتماده المفرط على هذه العملة. 
ويتطلب ذلك تنويع الشراكات التجارية، والانفتاح على التبادل بعملات بديلة مثل اليوان واليورو، وتوسيع القاعدة الإنتاجية المحلية، وتعزيز الاحتياطيات الأجنبية بعملات متعددة، إلى جانب تبني سياسات نقدية أكثر مرونة، واستكشاف فرص الابتكار المالي من خلال التحول الرقمي والاعتماد على العملات الرقمية الوطنية مستقبلاً.
ويخلص سفير الأمم المتحدة للأغذية سابقا، والخبير الدولي في الأمن الغذائي الدكتور فاضل الزعبي، إلى أن السياسات الاقتصادية الأميركية في عهد ترامب كانت حافزًا لكثير من الدول، ومنها الأردن، لإعادة النظر في خياراتها الاقتصادية، وإدراك أن الهشاشة في سلاسل التوريد والاعتماد المفرط على الدولار ليسا مجرد قضية نظرية، بل مسألة تمسّ صميم الأمن الاقتصادي والمعيشي للمواطن. 
ومن هنا، فإن الأردن مطالب ببناء اقتصاد أكثر استقلالية وتنوعًا، وعليه ألا يكتفي بالتفاعل مع التغيرات العالمية، بل إن يستبقها برؤية إستراتيجية متكاملة تضع الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في صميم أولوياته، وفق الزعبي.