أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    06-Nov-2025

«النظام الائتماني العالمي» في 2026*لما جمال العبسه

 الدستور

في تقرير يعكس تصاعد المخاطر البنيوية في النظام الاقتصادي العالمي، خفّضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 1.9% نهاية العام الجاري، و2.3% في العام 2026، مقارنة بتقديرات سابقة بلغت 2.5%،  هذا التعديل لا يُقرأ مجردا كمراجعة رقمية، بل كمؤشر على تحوّل هيكلي في البيئة الائتمانية الدولية، حيث تتزايد الضغوط على السيولة، وتتعاظم المخاطر السيادية، وتتراجع قدرة الدول والشركات على السداد، في ظل مناخ مالي وتجاري يتسم بالتقلب والتشظي.
اذا ما قمنا بتفنيد هذا التقرير، نجد ان السبب البنيوي الأول لهذا التراجع يتمثل في تصاعد السياسات الحمائية، إذ أدت الزيادات في الرسوم الجمركية والتعريفات القطاعية خصوصاً على منتجات استراتيجية مثل الصلب والألمنيوم إلى إعادة تشكيل خريطة التجارة العالمية، هذه السياسات، التي تتخذ طابعاً انتقامياً في كثير من الحالات، تسببت في تراجع تدفقات التجارة العابرة للحدود، واضطراب سلاسل الإمداد الصناعية، وتقويض الثقة في اتفاقيات التجارة متعددة الأطراف، والنتيجة المباشرة كانت انخفاضاً في الاستثمار الإنتاجي، وتراجعاً في معدلات النمو المحتمل، وتآكلاً في قدرة الاقتصادات الكبرى على قيادة دورة النمو العالمي.
أما السبب الثاني يرتبط بارتفاع تكاليف الاقتراض، إذ أدت السياسات النقدية المتشددة في الاقتصادات الكبرى إلى رفع أسعار الفائدة إلى مستويات غير مسبوقة منذ الأزمة المالية العالمية، وبالتالي الضغط على ميزانيات الدول ذات العجز المالي المرتفع، وإثقال كاهل الشركات بالديون، ويهدد استقرار الأسواق الناشئة التي تعتمد على التمويل الخارجي، في هذا السياق، يصبح الوصول إلى السيولة أكثر تعقيداً، وتزداد احتمالات التخلف عن السداد، سواء في القطاع العام أو الخاص، ما يهدد استقرار النظام المالي العالمي برمّته.
والسبب الثالث يرتبط بحالة عدم اليقين السياسي، حيث يشهد العالم تصاعداً في الاستقطاب داخل الاقتصادات الكبرى، إلى جانب تفاقم النزاعات الجيوسياسية، وهذا المناخ يحدّ من قدرة الحكومات على تنفيذ إصلاحات هيكلية، ويزيد من مخاطر إعادة هيكلة الديون السيادية، ويضعف الثقة في المؤسسات المالية الدولية، ويخلق بيئة غير مستقرة للاستثمار طويل الأجل.
هذه الأسباب مجتمعة دفعت موديز إلى التحذير من أن ظروف الائتمان العالمية ستكون «أضعف في 2026»، ما  يعني أن التصنيفات السيادية قد تواجه موجة من التخفيضات، خاصةً في الدول التي تعاني من عجز مالي مزمن، وضعف في احتياطيات النقد الأجنبي، وهشاشة في المؤسسات المالية.
وهنا لا نغفل عن أن ارتفاع التضخم المتوقع في الولايات المتحدة إلى أكثر من 3% في 2026، متجاوزاً هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%، سيضع البنوك المركزية أمام معضلة مزدوجة... فهل تواصل رفع الفائدة لكبح التضخم، أم تخفف السياسة النقدية لدعم النمو؟ وكلا الخيارين يحمل مخاطره، ويزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي العالمي، ويضع النظام المالي أمام اختبارات غير مسبوقة في قدرته على امتصاص الصدمات.
أما الدول العربية، خاصة تلك التي ترتبط عملاتها بالدولار أو تعتمد على التمويل الخارجي، فستكون عرضة لتداعيات هذه الأزمة الائتمانية، فارتفاع الفائدة الأميركية سيؤدي إلى نزوح رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة، وارتفاع تكلفة خدمة الدين العام، وضغوط على الاحتياطيات النقدية، أما الدول النفطية، فرغم استفادتها من ارتفاع أسعار الطاقة، إلا أن تراجع النمو العالمي قد يحدّ من الطلب على النفط، ويؤثر على الإيرادات الحكومية، ويعيد طرح أسئلة جوهرية حول استدامة النمو في ظل الاعتماد على الموارد الطبيعية، ويكشف هشاشة النماذج الاقتصادية الريعية في مواجهة التحولات البنيوية في الاقتصاد العالمي.