السياحة تنمو.. والأفكار ساكنة*علاء القرالة
الراي
تشهد السياحة في الأردن نموا ملموسا وغير مسبوق في أعداد الزوار والإيرادات، حيث تتزايد الأرقام بشكل يعكس مكانة المملكة كوجهة سياحية واعدة في منطقة متقلبة الأوضاع، إلا أن هذه الزيادة لم تواكب بتطور في الأفكار التي تثري المنتج السياحي، فما زلنا في مكاننا بين التكرار والكلاسيكية، فإلى متى؟
الأردن يعيش اليوم فرصة تاريخية لوضع نفسه بقوة على خارطة السياحة الإقليمية والعالمية، فالأرقام تثبت أن القطاع السياحي يشهد نموا لافتا، مع ارتفاع عدد الزوار بنسبة 18% في النصف الأول، ما يعكس مدى الثقة بالمملكة واستقرارها سياسيا وأمنيا واقتصاديا وسط إقليم مليء بالتقلبات، الأمر الذي يجعلني اتساءل: هل يترافق مع هذا النمو ارتفاع في الأفكار والاستراتيجيات المبتكرة؟.
التجارب السابقة، اثبتت أن الاعتماد على المنتجات "السياحية التقليدية فقط " مثل "المواقع الأثرية الشهيرة" والفنادق الكلاسيكية لم يعد كافيا، فنمو أعداد الزوار يجب أن يصحبه تطور بنوعية المنتجات المقدمة، لأجل تلبية تطلعات جمهور متنوع ومتغير، يحاكي جميع الفئات،وهنا يكمن دور المهرجانات الفنية الثقافية السينمائيةو الموسيقية في لعب دور محوري في تنويع المنتج السياحي.
اليوم، لابد من إقامة فعاليات ذات طابع محلي وعالمي، وتنظيم مهرجانات سينمائية و ثقافية تبرز جماليات الأردن وتاريخه، الى جانب حفلات موسيقية تجمع بين التراث والحداثة، وهذه كلها ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل عامل جذب سياحي يخلق ديناميكية مستدامة في القطاع ويجذب فئات عمرية مختلفة ويزيد التفاعل بين الزائر والمجتمع المحلي.
الأرقام الصادرة تشير إلى ارتفاع ملحوظ في "سياح المبيت"، خصوصا من الأسواق الأوروبية والآسيوية والأمريكية، ما يعني أننا قادرون على استقطاب من يبحثون عن تجارب فريدة ومتنوعة، وهذا يتطلب إعادة النظر في الخطط التسويقية والترويجية لتشمل مزايا غير تقليدية،وتوظيف التكنولوجيا لتحسين تجربة الزائر ونقله لتجربه فريدة.
الدخل السياحي كذلك ارتفع بنسبة 16% في الأشهر الخمسة الأولى، وهذا يبرز مدى الإمكانات الاقتصادية التي يمكن الاستفادة منها بشكل أفضل، غير أن تحقيق قفزات نوعية بالقطاع يتطلب تعاوناً حقيقياً وتشاركية بين القطاعين العام والخاص، والتركيز على دعم الفعاليات والمنتجات التي تضيف بعدا ثقافيا وفنيا مميزا، كاستقطاب فنانين عالمين واحداث دولية.
خلاصة القول، نحن أمام تحد حقيقي، وهو تحويل هذا النمو العددي إلى جودة حقيقية في الخدمات والمنتجات السياحية، لضمان ولاء الزوار وتحقيق المزيد من العوائد، وما علينا الا أن نغادر منطقة الراحة، والكلاسيكية وأن نبتكر، ونفتش عن الفرص الجديدة التي تقدمها السياحة الحديثة، لنحافظ على مكانة الأردن ونرفعها إلى مصاف الدول الرائدة في السياحة المستدامة والمبتكرة.