أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    05-Nov-2025

أسعار الدواء صداع دائم*أحمد حمد الحسبان

 الغد

لنبدأ بالنصف الممتلئ من الكأس، ونعترف بأن قطاع الدواء هو القطاع الوحيد الذي يخضع للمتابعة الحكومية في مجال المراجعة السعرية بشكل شبه دوري، حيث تقوم الحكومة بتخفيض أسعار بعض الأدوية وفقا لمعطيات تراها اللجنة وينص عليها نظام التسعير. 
 
 
غير أن العملية، ورغم أهميتها ليست كافية، ولا تحل مشكلة ارتفاع أسعار الأدوية التي تكشف عن نفسها، وتتجذر دون أن تجد حلا شافيا يصوب عملية التسعير، بحيث تجري وفقا لأسس واضحة، تراعي المعادلات التجارية المعتمدة دوليا، ومصالح الأطراف المعنية، وتأخذ في عين الاعتبار حساسية الحاجة للدواء. والأسعار السائدة في دول الجوار.   
آخر وجبة تخفيض تم الإعلان عنها قبل يومين ـ تقريبا ـ وشملت ـ بحسب بيان رسمي ـ  97  صنفاً دوائياً بنسب تراوحت ما بين 5 % إلى 72 %، الأمر الذي يعيد فتح ملف التسعير من بداياته. فتخفيض سعر دواء بنسبة 72 بالمائة يطرح سؤالا حول نسبة الربح» الفاحش» التي كان يدفعها المواطن على مدى سنوات عديدة سبقت عملية التخفيض. ويثير التساؤل حول منطقية آلية التسعير المعتمدة وصولا إلى مرحلة ما ـ قبل التخفيض ـ. 
يساعد في ذلك حقيقة تدني الأسعار في الكثير من دول الجوار، أو الدول القريبة من الأردن، ومنها ـ على سبيل المثال ـ تركيا وسورية ومصر. حيث تتدنى أسعار بعض الأدوية إلى أقل من النصف في هذه الدول، ويحرص بعض الأردنيين على التزود باحتياجاتهم من الأدوية من تلك الدول، وبخاصة الأدوية مرتفعة السعر. 
القضية هنا تبدو واضحة، وتتعلق ببعدين اثنين كانا السبب في تلك المشكلة:
الاول: ان عملية التسعير التي تقرها لجنة مختصة تعتمد آلية مختلفة عن تسعير أي سلعة اخرى. فبدلا من أن يقدم المستورد بياناته بخصوص الكلفة كاملة، ويضاف عليها نسبة الربح وأي مصاريف أو ضرائب أخرى، لتحديد السعر. تعتمد اللجنة آلية معقدة تتكون من عدة عناصر بعضها يتعلق بالدواء نفسه وأهميته، وبعضها الآخر يتعلق بالدولة المنتجة، وبدول أخرى لا علاقة لها بالمنتج إلا من زاوية أنها تستورده. 
والثانية تتعلق بتعدد الحلقات التجارية الأمر الذي يزيد من الهوامش الربحية لها، الأمر الذي يضاعف السعر عدة مرات. 
في الأولى، يتم اعتماد متوسط أسعار نفس الدواء في عدة دول، ليكون سعر الأساس الذي تبنى عليه المعادلة. وتضاف عليه الكلف الأخرى من شحن وغيره. بدلا من إضافة هامش ربحي محدد على أسعار الاستيراد. 
وفي الثانية يتم تحديد نسبة الربح للحلقات المعنية لتصل في مجموعها إلى ما بين 41 بالمائة و50 بالمائة. فنسبة ربح الوكيل 16 بالمائة في حدها الأدنى، وبعد أن يحتسب كافة مصاريفه ومنها عمولة الموزع وتكاليف الشحن وغيره. كما يتم تحديد نسبة ربح الصيدلية ب»  25 بالمائة»، ما يعني أن المريض يكون مضطرا لدفع تكاليف إضافية تزيد في حدها الأدنى عن نصف ثمن الدواء مع رسوم ضريبية بقيمة 4 بالمائة.  
الملاحظ في كل تلك الحالات أن عملية تحديد السعر لا تأخذ بعين الاعتبار الثمن الحقيقي للدواء، وما يحصل عليه الوكيل من خصومات وامتيازات يستغل بعضها في عمليات التسويق ويوظفها في التنافس مع منتجات شركات أخرى. بحيث تتعدد الأطراف المستفيدة من الدواء سعريا باستثناء المريض الذي يتوجب عليه أن يدفع الثمن كاملا، سواء أكان مؤمّنا ـ صحيا ـ أو غير مؤمن. والذي يشكل له سعر الدواء حالة صداع دائمة.