أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    17-Jul-2025

البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بحاجة إلى سياسة جديدة لدول الشرق الأوسط*م. مهند عباس حدادين

 الراي

بداية سنقدم تعريفا مختصرا عن مؤسستين عالميتين عريقتين هما مجموعة البنك الدولي (WBG) وصندوق النقد الدولي (IMF) واللتان تأسستا في مؤتمر بريتون وودز في عام 1944 ولهما رسالتان يكمل بعضهما بعضا، في حين تعمل مجموعة البنك الدولي مع البلدان النامية على الحد من الفقر وتعزيز الرخاء المشترك، فإن صندوق النقد الدولي يعمل على تحقيق استقرار النظام النقدي الدولي، ورصد حركة العملات في العالم.
 
وتقدم مجموعة البنك الدولي التمويل والمشورة بشأن السياسات والمساعدة الفنية للحكومات، كما تركز على تدعيم القطاع الخاص في البلدان النامية. ويراقب صندوق النقد الدولي الاقتصاد على الصعيد العالمي وفي البلدان الأعضاء، ويقدم قروضا للبلدان التي تواجه مشاكل في ميزان المدفوعات، ويقدم المساعدة العملية للبلدان الأعضاء، ويجب على البلدان أن تنضم أولا إلى الصندوق كي تتأهل للانضمام إلى مجموعة البنك؛ واليوم يبلغ عدد أعضاء كل منهما 189 بلدا عضوا، وقد قام البنك الدولي بتمويل ما يزيد على 15 ألف مشروع إنمائي عن طريق تقديم القروض التقليدية، وذلك لتوجيه التعاون مع البلدان للقضاء على الفقر وتعزيز الرخاء على كوكب صالح للعيش فيه، لذلك يركز البنك الدولي على خمسة مجالات إنمائية وهي: الإنسان، والرخاء، والكوكب، والبنية التحتية، والرقمنة. كما ينظر في تأثير عمله على قضايا النوع الاجتماعي والهشاشة والصراع والعنف في هذه المجالات. والاعتمادات بدون فوائد، والمنح.
 
بعد هذه المقدمة التعريفية والتي اقتبست جزءاً منها من موقعهما، سأعرج على تقرير البنك الدولي الأخير الجزء الأول:" آفاق الاقتصاد الكلي" ضمن المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا /نيسان 2025.
 
في الجزء الأول من التقرير، توضح تقديرات خبراء الاقتصاد في البنك الدولي، أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حققت نموا متواضعا بنسبة 1.9٪ في عام 2024، ومن المتوقع أن يرتفع النمو الاقتصادي بشكل معتدل إلى 2.6٪ في عام 2025. وبالنسبة للبلدان المصدرة للنفط، يرتبط انتعاش النمو بالتراجع بشكل مخطط عن تخفيضات إنتاج النفط. وبالنسبة للبلدان المستوردة للنفط، فمن المتوقع أن ينتعش النمو بفضل قوة الاستهلاك الخاص مع تراجع التضخم وانتعاش القطاع الزراعي في بعض الاقتصادات. وعلى الرغم من هذه التوقعات الإيجابية، فإن الآفاق المستقبلية للمنطقة لا تزال يكتنفها قدر كبير من عدم اليقين.
 
أدى الصراع إلى تراجع التنمية في جميع أنحاء المنطقة، وستبقى آثاره لفترة طويلة، مما يفاقم تاريخا من النمو المنخفض بشكل مزمن، ويتناول الجزء الأول حالة البلدان الهشة والمتأثرة بالصراعات، حيث لا تزال آفاق السلام والانتعاش محفوفة بالمخاطر.
 
من خلال تقرير البنك الدولي هذا وتقارير سابقة نستنتج أن منطقة الشرق الأوسط هي أكثر منطقة في العالم تتعرض للحروب والنزاعات على مستوى الإقليم على مر العقود الأربعة الماضية نظرا للموقع الجغرافي الذي يربط بين القارات الثلاث آسيا وإفريقيا وأوروبا، وتأثير النزاعات الجيوسياسية على دول منطقة الشرق الأوسط أثرت على إقتصادات هذه الدول وعلى خططها التنموية ورؤيتها الإقتصادية التي رسمتها، وتستهدف تحقيقها لعقود قادمة، فالنزاعات هذه هرّبت رؤوس الأموال من المنطقة كما أثر على الإستثمار فيها واضر بالقطاع الخاص الذي أخفق في توفير فرص العمل للشباب الذين يبحثون عن عمل، وليس هذا فحسب بل إرتفعت تكاليف النقل اللوجستي في تجارة هذه الدول الإقليمية والدولية مما حمّل مواطنين تلك الدول تكاليف إضافية على السلع الضرورية، إضافة الى تأثر التجارة البينية بين دول الشرق الأوسط فعلى سبيل المثال لا الحصر تأثرت الأردن تأثيرا كبيرا بحروب إسرائيل على غزة ولبنان خلال العقدين الماضيين وحربها على إيران الأخيرة وما نتج عنها من إغلاقات للمنافذ الجوية والبحرية والبرية، وتاثرت الأردن أيضا بإغلاق الحدود مع العراق لسنوات عديدة نتيجة حرب الولايات المتحدة عليها، ومثلها الحدود مع سوريا نتيجة الصراعات الداخلية، ناهيك عن استقبال الأردن لللاجئين من تلك البلدان نتيجة عدم الاستقرار لما خلفه الربيع العربي من اضرار ومضاعفات.
 
كل ذلك حمل موازنة الأردن خلال عقود النزاعات أعباءً مالية إضافية وزيادة في تكاليف المعيشة، مما دفع بها الى التوجه الى تلك الموسستين.
 
فالرسالة الموجه لتلك الموسستتين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي هو أن يكون لديهما سياسة جديدة ضمن خطة مخاطر بأفضلية الدعم للدول التي تتأثر بتلك النزاعات، وخصوصا إذا كانت نتيجة أخطاء وفشل في التقديرات الدولية بافتعال تلك الأزمات والحروب، ليكون الدعم سواء في دعم موازناتها المباشر لتحقيق أهدافها التي تتواءم مع سياسات البنك الدولي والصندوق الدولي، أو إعفاء جزئي من المديونية، أو حتى السماح بالفوائد المرتبة على القروض خلال فترة النزاعات لتحقق الأضرار الإقتصادية، إضافة إلى زيادة في دعم المشاريع التنموية والتي تصب في تحسين مستوى الفقر والبطالة لأنها تتناسب طرديا مع تلك النزاعات والأحداث في المنطقة.
 
إن استقرار دول الشرق الأوسط ومنعتها الإقتصادية هي ضرورة لتنفيذ أي مشاريع عالمية تربط الشرق مع الغرب في ظل منافسة بين قطبين برئاسة الولايات المتحدة والصين، فالتشريعات الجديدة لتلك المؤسستين يجب أن تتضمن تقييم جديد لإجراءات التعامل مع الدول التي تتعرض لتأثير نزاعات جيوسياسية، وخصوصا أن معظم دول الشرق الأوسط هي تحت مظلة القطب الغربي الداعم لتلك المؤسستين، وأن هناك في الأفق منافسة جديدة لدى القطب الآخر بزعامة الصين عن طريق مجموعة بريكس بما يسمى بالبنك الإنمائي والذي يبدو أنه قد تفهم لما تعانيه الدول من القوانين الصارمة لدى تلك المؤسستين في تحصيل أموال الإقتراض، من تخفيض عملة الدول كما حصل مع مصر وتركيا، أو حتى الضغوطات التي قد تمارس على الدول المقترضة لصالح تنفيذ توجهات سياسية غربية، فالبنك الجديد للتنمية هو بنك تنمية متعدد الأطراف أنشأته الدول المؤسسة لمجموعة بريكس (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا) بهدف تعبئة الموارد لمشروعات البنية الأساسية والتنمية المستدامة في الأسواق الناشئة والبلدان النامية.
 
لذلك أصبح لزاما على المؤسستين الغربيتين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مراجعة سياساتهما والتعديل عليها، وخصوصا في منطقة التوترات الجيوسياسية لتحقيق أهدافها وعدم التفريط بالحلفاء من الدول المقترضة.