منح الجنسية مقابل الاستثمار.. قرارات بطابع استثنائي*لما جمال العبسه
الدستور
في خطوة لافتة أقرّ مجلس الوزراء أمس حزمة جديدة من الأسس تمنح الجنسية أو الإقامة للمستثمرين وفق شروط إنتاجية محددة، هذه المبادرة تندرج ضمن استراتيجية أشمل لتحفيز الاقتصاد، وتوفير فرص العمل، وتعزيز القطاعات الإنتاجية الحيوية، وذلك عبر جذب استثمارات نوعية ترتبط بالتشغيل وتنشيط القطاعات الإنتاجية ذات الأولوية.
الشروط الجديدة التي أقرتها الحكومة أمس تعتمد على استثمار حقيقي وموثّق، وتربط بوضوح بين التدفق الرأسمالي وحجم التأثير المباشر على سوق العمل والبنية الاقتصادية، ولابد ان لها آثارا إيجابية كبيرة وتنعكس بشكل بارز، والاكيد ان هناك تحديات محتملة لتطبيقها.
في قراءة للقرارات الجديدة فإنا نجد انها تحمل في طياتها رؤية اكثر نضجا للتحفيز الاقتصادي، خاصة وانها ربطت الاستثمار بالإنتاج والتشغيل، فهي تمنح الأولوية للمشاريع التي تؤثر مباشرة على سوق العمل من خلال خلق فرص حقيقية للأردنيين، ما يعكس فهما جديدا لدور المستثمر كمساهم في التنمية، لا مجرد ممول عابر، عدا عن ذلك فإنها راعت توزيعا جغرافيا متوازنا، ذلك انها تشجّع على الاستثمار خارج العاصمة، من خلال اشتراطات تمويل وفرص عمل أقل، ما يُسهم في تقليص فجوة التنمية بين المحافظات.
وفي جانب القطاعات المستهدفة، فإن القرارات شجعت على الاستثمار في قطاعات حيوية، مثل الطبية واللوجستية، وغيرها، الامر الذي يوضح توجها ذكيا نحو القطاعات التي تمتلك قابلية للنمو وسد الفجوات التنموية، عدا عن ذلك فانها اتجهت نحو اشعار المستثمر بالامن الاجتماعي من خلال إتاحة الميزات لافراد العائلة بشروط هينة.
القرارات الصادرة امس ذات ابعاد ودلالات متوسطة وطويلة الامد، وهذا الامر لابد له من متطلبات لضمان التنفيذ وتحقيق الاهداف، بمعنى ان على الجميع تحمل مسؤولياته تجاهها خاصة وانها خطوة غير مسبوقة في هذا المجال، الامر الذي يوضح اهمية المتابعة الدقيقة لالتزام المستثمرين فيما يتعلق بتوظيف الاردنيين وتطبيق الشروط الملزمة لهم ضمن ادوات رقابية دقيقة وفعالة.
القرارات الجديدة تمثّل انفتاحا اقتصاديا محسوبا نحو العالم لكن بمسار اوسع، وتفتح آفاقا حقيقية للنمو إن أُحسن تنفيذها ومراقبتها، وبين الفرص والتخوفات، فإن الحكومة تسعى لربط رأس المال الأجنبي بمفهوم الالتزام طويل المدى عبر التشغيل والتثبيت داخل المملكة، غير أن قوة هذه السياسة لا تكمن فقط في نصوصها، بل في مدى جدّية تطبيقها وقدرتها على تعزيز الشفافية والمساءلة، وبين الحاجة لتحفيز الاستثمار، والحفاظ على قيمة الهوية الوطنية، لا بد من السير في خطين متوازيين.. فتح الباب، دون خرق الجدران.