الغد-أحمد الرواشدة
العقبة- أنعش الموسم الشتوي الحركة في أسواق الملابس في العقبة، مسجلا تحولا واضحا في حركة الطلب على الملابس بعد فترة ركود نسبي استمرت قرابة شهرين، وهو ما انعكس مباشرة على مستويات المبيعات ونشاط المحال التجارية.
وجاء هذا التحول مدفوعا بعوامل عدة، أبرزها الحاجة إلى ملابس دافئة مع دخول فصل الشتاء، وتزايد حركة الزوار خلال عطلات نهاية الأسبوع، ما أسهم في رفع وتيرة الإقبال على التسوق، خصوصا في مركز المدينة والأسواق الرئيسية، التي شهدت نشاطا تجاريا متصاعدا.
واستبق تجار الملابس في العقبة الموسم الشتوي بخطط تسويقية مرنة اعتمدت على تنويع المعروض السلعي وتوفير بدائل سعرية تلائم مختلف شرائح المستهلكين، في محاولة لتعويض الخسائر التي تكبدوها خلال فترة الركود السابقة، وتعزيز السيولة داخل السوق المحلي، في وقت لعبت العروض الترويجية والتنزيلات غير الاعتيادية دورا محوريا في تحفيز الطلب، لا سيما مع توسع التجار في استخدام منصات التواصل الاجتماعي كقناة تسويق مباشرة، ما أسهم في توسيع قاعدة المستهلكين وجذب متسوقين من خارج المحافظة، خصوصا في قطاعي الملابس والأحذية.
ووفق تجار، يعكس هذا الحراك مرونة السوق في العقبة وقدرته على التكيف مع المواسم، إلا أنهم يؤكدون في الوقت ذاته على أهمية استدامة هذا النشاط عبر سياسات تسعير متوازنة وتحفيز الطلب المحلي، بما يضمن استقرار القطاع التجاري خلال الفترة المقبلة.
وأشاروا إلى أن أسواق العقبة كانت شهدت ركودا في الأشهر الماضية، مؤكدين أن التنزيلات أدت إلى نشاط تجاري ملموس، وازدياد المنافسة بين التجار لاجتذاب المستهلكين، مما انعكس على ارتفاع نسب التخفيضات المتاحة، لا سيما في قطاع الألبسة والأحذية. وأضافوا أن الموسم الشتوي شكل نقطة تحول حقيقية في حركة المبيعات بعد فترة من التباطؤ أثرت على السيولة التشغيلية للمحال، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن المبيعات ارتفعت نسبتها بنحو 30 إلى 40 بالمائة بعد العروض والتنزيلات والترويج لها بكافة الوسائل، وأن التخفيضات تتراوح بين 50 و70 بالمائة لمعظم الملابس والأحذية.
تنزيلات غير اعتيادية
كما قال مواطنون وزوار للعقبة، إن التنزيلات غير الاعتيادية على البضائع في أسواق العقبة، لا سيما العروض على منصات التواصل الاجتماعي، خصوصا أسعار الملابس والأحذية، أدت إلى إقبال كبير من المواطنين على الشراء من المحلات التي علقت بعض واجهاتها عبارات مثل: "تنزيلات جنونية – وأي قطعة بـ 5 دنانير".
وقال تاجر الملابس محمد الخواجا، إن نسبة الإقبال ارتفعت بشكل ملحوظ، حيث سجلنا تحسنا في المبيعات مقارنة بالشهرين الماضيين، خصوصا مع تزايد أعداد الزوار القادمين إلى العقبة، مشيرا إلى أن سياسة التخفيضات المدروسة ساعدت في تحريك المخزون الراكد.
وأوضح، أن العروض الحالية لا تستهدف الربح السريع بقدر ما تهدف إلى إعادة تنشيط السوق واستعادة ثقة المستهلك، وهو ما انعكس على حجم المبيعات اليومية.
ووفق التاجر محمد زياد، فإن العروض التي عمل عليها أدت إلى زيادة مبيعاته، وتحديدا المتسوقين والزوار من المحافظات، مؤكدا أن ملابس الموسم الشتوي يكثر عليها الطلب من قبل المستهلكين أكثر من الموسم الصيفي.
وأشار إلى أن التنزيلات في فصل الشتاء تكون أكثر مقارنة بالصيف، لأن أسعار الألبسة الصيفية أقل مقارنة بالشتوية، إضافة إلى أن المواطنين يفضلون الملابس الشتوية.
أما تاجر الأحذية حسن الرياطي، فلفت إلى أن المواطنين ينتظرون فترة التنزيلات والتخفيضات، وأن جميع البضائع موجودة وبجودة عالية وبمتناول جميع أفراد الأسرة، مشيرا إلى أنه مستمر بالتنزيلات إلى آخر قطعة في محله الواقع وسط السوق التجاري، وأن الطلب يكثر على الأحذية الشتوية التي تتناسب مع المناطق الباردة في محافظات المملكة.
تحول أنماط الاستهلاك
من جهته، ربط الخبير الاقتصادي محمد الرواشدة النشاط التجاري بمؤشرات الإنفاق والسياحة الداخلية، مشيرا إلى أن العقبة تستفيد سنويا من التحول الموسمي في أنماط الاستهلاك.
وأكد أن ارتفاع وتيرة السياحة الداخلية خلال فصل الشتاء يسهم في زيادة الإنفاق المباشر في قطاعات التجزئة والخدمات، لا سيما الملابس والمطاعم والنقل، ما يعزز الدورة الاقتصادية المحلية، مبينا أن اعتماد التجار على منصات التواصل الاجتماعي كأداة تسويق منخفضة الكلفة ساهم في توسيع دائرة الطلب واستقطاب متسوقين من محافظات أخرى، ما يرفع متوسط إنفاق الزائر ويطيل مدة بقائه في المدينة، وهو مؤشر إيجابي على أداء السوق.
كما أشار الرواشدة إلى أن استمرار هذا النشاط مرهون بعوامل عدة، أبرزها استقرار الأسعار، وتوفير تنوع سلعي يتناسب مع القدرة الشرائية للأسر، إضافة إلى الحفاظ على زخم السياحة الداخلية، مؤكدا أن العقبة تمتلك مقومات اقتصادية وسياحية قادرة على دعم الأسواق المحلية إذا ما جرى استثمارها ضمن رؤية موسمية مستدامة.
إلى ذلك، قالت الموظفة بنان المراعية إنها تنتظر الموسم الشتوي بفارغ الصبر، وتتابع منصات التواصل الاجتماعي للمحلات في العقبة لتشتري ملابسها وملابس أبنائها، مشيرة إلى أن التنزيلات "مغرية"، خصوصا في الأسواق الشعبية في الوسط التجاري حيث تجد ما تريد بأسعار مناسبة وغير اعتيادية وغير مسبوقة.
وبين المواطن علاء العشوش أنه اشترى ملابس عائلته من وسط البلد بأسعار منافسة وجودة عالية مقارنة بالسلع المطروحة خلال السنوات الماضية، مؤكدا أنه اشترى "جاكيت" لابنته بأسعار خيالية؛ حيث كان يُباع بـ25 دينارا وحاليا بـ15 دينارا.
من جهته، نائب رئيس غرفة تجارة العقبة أحمد سالم الكسواني، إن الحركة التجارية التي تشهدها أسواق المدينة مع بداية الموسم الشتوي تعكس تحسنا تدريجيا في مؤشرات الطلب والإنفاق بعد فترة من التباطؤ أثرت على عدد من القطاعات، وفي مقدمتها تجارة الملابس، مشيرا إلى أن تزايد السياحة الداخلية خلال عطلات نهاية الأسبوع أسهم في رفع وتيرة النشاط الشرائي، لا سيما في مركز المدينة والأسواق الشعبية.
وأضاف أن التنزيلات والعروض الترويجية لعبت دورا مهما في تحفيز المستهلكين وتحريك المخزون لدى التجار.
وأكد الكسواني أن غرفة تجارة العقبة تتابع عن كثب واقع السوق، وتعمل بالتنسيق مع الجهات المعنية على دعم القطاع التجاري، بما يضمن تحقيق توازن بين مصلحة التاجر وقدرة المواطن الشرائية، مشددا على أن المرحلة الحالية تتطلب استدامة الحراك الاقتصادي وعدم الاكتفاء بالانتعاش الموسمي، وأن العقبة، بما تمتلكه من مقومات سياحية وتجارية، قادرة على تعزيز الإنفاق المحلي وجذب متسوقين من مختلف محافظات المملكة، الأمر الذي ينعكس إيجابا على التشغيل والنشاط الاقتصادي العام في المدينة.