"العدل".. خطوات متسارعة نحو الرقمنة والتحديث
الغد-سماح بيبرس
تواصل وزارة العدل خطواتها المتسارعة نحو التحول الرقمي وأتمتة الخدمات، في إطار جهودها الرامية لتحديث منظومة العدالة، لرفع كفاءة العمل في المحاكم، وتسهيل وصول المتعاملين للخدمات العدلية.
وتظهر المؤشرات التي أعلنتها الوزارة مؤخرًا، تقدما ملموسا في اعتماد الحلول الإلكترونية، سواء على مستوى التقاضي عن بُعد أو إدارة المعاملات والخدمات القضائية.
وبحسب الأرقام الرسمية، فقد بلغ عدد جلسات المحاكمة المنعقدة عن بُعد منذ بداية العام وحتى نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) نحو 116 ألف جلسة، منها 14.8 ألف جلسة الشهر الماضي فقط، في مؤشر واضح على التوسع باستخدام التقاضي الإلكتروني لتسريع الفصل في القضايا. كما سُجل 292 إجراء رقابة إلكترونية (السوار الإلكتروني) في الفترة ذاتها، بينها 47 حالة في الشهر الأخير، توزعت بين 42 بديل عقوبة و5 بدائل توقيف.
وعلى صعيد الخدمات العدلية، أنجزت الوزارة 484 ألف معاملة لدى كتاب العدل إلكترونيًا منذ بداية العام وحتى نهاية الشهر ذاته، منها 35.3 ألف معاملة في شهر واحد، إلى جانب إصدار آلاف شهادات عدم المحكومية إلكترونيًا، شملت 37 ألف شهادة باللغة العربية و2468 شهادة باللغة الإنجليزية الشهر الماضي، كذلك شهد الشهر ذاته تنفيذ 713 مزادًا إلكترونيًا، وأرشفة 4 ملايين ورقة قضائية، ما أسهم بتقليل الاعتماد على الورق وتحسين كفاءة إدارة الملفات القضائية.
وتتكامل هذه المؤشرات مع الإطار التشريعي والمؤسسي الداعم للتحول الرقمي، لا سيما بعد اعتماد التوقيع الإلكتروني ومنحه الحجية القانونية في أيلول (سبتمبر) الماضي، ما أتاح استخدامه تدريجيًا في المعاملات الرسمية والقضائية، وفتح المجال أمام توسيع نطاق الخدمات الرقمية في مختلف القطاعات.
وقال عميد كلية الحقوق بجامعة البترا د. علي الدباس، إن التحول الذي تقوده الوزارة والمجلس القضائي لم يعد خيارًا مؤجلًا، بل أصبح متطلبًا حقيقيًا وضروريًا في ظل التوجه العالمي المتسارع نحو التحول الرقمي، إذ باتت المؤسسات محليا ودوليا، تسير بخطى متقدمة في هذا الاتجاه، ولم يعد من المنطقي أو المقبول، إبقاء قطاع العدالة بمنأى عن هذا التطور التقني المتسارع.
وأوضح الدباس، أن هذا التحول الرقمي يسهم بتسهيل إجراءات التقاضي لأطراف العملية القضائية، سواء القضاة أو المحامين أو المتقاضين، كما ينعكس إيجابًا على تحسين أداء السلطة القضائية، بتقليص أمد التقاضي، وتسريع الفصل في القضايا، وتوفير الوقت والجهد والكلف المالية على الدولة، فضلًا عن دوره في التخفيف من ظاهرة اكتظاظ السجون، ما سيكون له أثر إيجابي ملموس على الاقتصاد.
وأضاف أن للتحول الرقمي، دور مهم بدعم وتعزيز البيئة المستدامة داخل الدولة، نظرًا لما يوفره من تقليل للاعتماد على الورق والإجراءات التقليدية، وما يترتب على ذلك من آثار بيئية إيجابية. مؤكدا في هذا السياق أن الاستفادة من هذه الإيجابيات، تتطلب دعمًا جادًا ومتواصلًا للإجراءات الحكومية المرتبطة بالتحول الرقمي في قطاع العدالة، وتهيئة البنية التحتية الفنية والتقنية.
وشدد الدباس على أهمية تدريب السادة القضاة، والمدعين العامين، والمساعدين القضائيين على التطبيق السليم والفعّال لهذه الأنظمة والتقنيات، بما يضمن التعامل معها بكفاءة عالية، ودون وقوع أي خلل فني أو تقني قد يؤثر على سير المحاكم، أو يمس بصحة الأحكام القضائية أو نزاهة العدالة.
كما دعا لضرورة التأكد من جاهزية الأنظمة التقنية المستخدمة وقدرتها على توثيق الإجراءات القضائية بدقة وشفافية، وبما يضمن سير عمل المحاكم بصورة سليمة ومنتظمة، ويكفل في الوقت ذاته، التواصل القانوني السليم، ويحفظ حرية وإرادة وسلامة كل من المدعي والمدعى عليه والشاهد، دون أي تدخل أو تأثير قد يخل بسير العدالة أو يمس بحقوق أطراف الدعوى.
وفي هذا السياق، كان وزير العدل د. بسام التلهوني، في تصريحات سابقة، قد اكد أن التجارب الدولية أثبتت نجاح التحول الرقمي، بخاصة في الأنظمة القضائية، مشيرًا إلى أن الأردن يسير في هذا الاتجاه بثقة، وأن هذا التحول لن يقتصر على القطاع القضائي فقط، بل سيتوسع مستقبلًا ليشمل قطاعات أخرى.