الغد
هناك نشاط ملفت لبورصة عمان والتي تطورت فيها القيم السوقية هذا العام مقارنة مع العام 2024 بما يزيد على 5 مليارات دينار، وارتفع مؤشر الأسعار منذ بداية العام وحتى نهاية أغسطس بحوالي 19 % ولا ننسى أن أحجام التداول اليومية أصبحت تدور في فلك 9 ملايين دينار بينما كانت في العام 2024 لا تتجاوز 4 ملايين دينار، والأهم استثمارياً أن الرقم القياسي للعائد الكلي الاستثماري يتجاوز 29 %، وصافي الأرباح المحققة للشركات المدرجة حتى النصف الأول ارتفع بنسبة 9.4 %.
هذا النشاط يدعو للتفاؤل المشجع على طرح الاكتتابات الجديدة وهو ما يحدث في كافة البورصات، حيث يبدأ النشاط في البورصة إحجاماً وتداولاً وقيماً سوقية وارتفاعاً في المؤشر ثم يتشجع القطاع الخاص على البدء بتجهيز المشاريع الاقتصادية المدروسة الجدوى والقائمة بنجاح.
عندها تتحرك البنوك لدعم التمويل للأفراد والمؤسسات وتبرز المنافسة والتسابق لسحب السيولة المطلوبة التي تنتقل من السوق الثانوي إلى الأولي بما حققه المسثمرون من أرباح وبما لدى البنوك من سيولة متاحه ومريحة للاكتتابات ومن يسبق يحصل على أفضل تغطية لاكتتابه قبل غيره.
أما من يتأخر فقد يفوته الموسم وتبقى وثائق شركته في الأدراج بانتظار نشاط قادم، بمعنى على القطاع الخاص، وربما الشركات المملوكة حكومياً جزئياً أو كلياً أن تسارع للبورصة بأسعار تشجيعية، وأعتقد المناخ العام مهيأ لاستقبال الاكتتابات وتغطيتها، والكل يعلم أن هذه الاكتتابات معناها شركات جديدة أو توسع في القائمة منها، مما يعني نشاطاً وتشغيلاً وتصديراً أكثر.
من مقومات النجاح تبسيط الإجراءات التنظيمية بوجود نافذة واحدة للخدمات (One-Stop Shop): توفر نظاماً متكاملاً يجمع كل الجهات المعنية بالاكتتابات، مثل هيئة الأوراق المالية والبورصة ومركز الايداع ، والبنوك الاستثمارية، والمستشارين القانونيين، والمدققين. هذا يقلل من الوقت والجهد اللازم لإتمام العملية.
ولا بأس إن لزم من مراجعة شروط الإدراج لضمان مرونتها وتوازنها بين متطلبات حماية المستثمرين ومتطلبات الشركات. ويمكن تطوير ما يجذب الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث تكون متطلبات الإدراج أقل صرامة لتنمو تلك الشركات في بيئة صحية وتكبر لتصبح مساهمة عامة.
للعلم العديد من البورصات العالمية تقدم برامج لمساعدة الشركات على الاستعداد للتحول من شركة خاصة إلى شركة عامة. هذه البرامج تتضمن التدريب على الإفصاح عن التقارير المالية وغير المالية والحوكمة، والعلاقات مع المستثمرين.
تشجيع الاكتتابات وتسهيل طريقها لا يعني إغفال حماية المستثمرين اعتمادا على نظام رقابة فعال للكشف عن أي تلاعب في السوق أو معلومات مضللة، لأن الثقة في نزاهة السوق هي العامل الأساسي لجذب السيولة. كما يجب تسريع اعتماد معايير حوكمة قوية (Corporate Governance) تطبق على الشركات المدرجة لضمان الشفافية والإدارة السليمة. هذا يبني ثقة المستثمرين ويشجعهم على ضخ أموالهم في السوق.
وأخيراً يمكن لمؤسسات سوق رأس المال أن تساعد الشركات في الترويج لاكتتاباتها من خلال تنظيم فعاليات، ومؤتمرات للمستثمرين، وتقديم الدعم الإعلامي، ومن خلال تسليط الضوء على قصص النجاح التي حققتها بعد الإدراج، لإظهار أن التحول لشركة عامة هو وصفة إستراتيجية ناجحة للنمو.