وسط تحديات إقليمية وضغوطات مالية خانقة، تأتي مؤشرات اقتصادية أردنية تعكس تحسّنا تدريجيا في الأداء العام للاقتصاد الوطني. فقد سجل الناتج المحلي الإجمالي نموا بنسبة 2.7 % في الربع الأول من عام 2025، مقارنة بـ2.2 % للفترة ذاتها من العام الماضي، وفقا لبيانات دائرة الإحصاءات العامة. 

 

 

ويكتسب هذا النمو أهمية خاصة في ظل المعطيات الحالية، لا من حيث الرقم فقط، بل من حيث دلالاته على تحرك العجلة الإنتاجية.

 

القطاعات المحرّكة للنمو كانت واضحة: الصناعات التحويلية (5.1 %)، الزراعة (8.1 %)، والكهرباء والمياه (5.8 %). ويعكس هذا التقدم عودة النشاط الصناعي إلى الواجهة، إلى جانب انتعاش الزراعة.

لكن ما يُعزز من تفاؤل المشهد هو ما أعلنه البنك المركزي الأردني من ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 14.3 % خلال نفس الفترة، لتصل إلى 240 مليون دينار، مقابل 210.4 مليون في الربع الأول من 2024. هذا الارتفاع يشير إلى تنامي الثقة في البيئة الاستثمارية الأردنية، وهو عامل أساسي في دعم النمو المستدام وخلق فرص العمل.

ومع ذلك، تبقى تساؤلات جوهرية قائمة: هل هذا النمو قابل للاستمرار؟ وهل يُترجم إلى تحسين ملموس في حياة المواطن؟ الاستثمار والإنتاج هما الأساس لأي تحول اقتصادي حقيقي، ولا بد من سياسات تُحفّز التصدير وتُعالج اختلالات الميزان التجاري، وتُعيد هيكلة القطاعات الحيوية مثل التعليم والنقل والصحة.

الأرقام مبشرة، المطلوب اليوم خطط وإستراتيجيات اقتصادية متكاملة تحاكي مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي، خصوصا ما يتعلق بالاستثمار والتوظيف، تُبنى على مؤشرات إيجابية وتُعالج مكامن الضعف، وعندها فقط، تصبح هذه الأرقام بداية لمرحلة تنموية جديدة.