"معدل الضمان".. مناقشة كل الحقيقة أم نصفها؟*محمود خطاطبة
الغد
لا يوجد مواطن واحد من المواطنين الأردنيين لا يحب أن يمضي المعنيين والجهات المسؤولية، قدمًا، وبكُل قوة وإرادة جريئة، في تحقيق أكثر الأهداف وأهمها بخصوص “الإصلاح المالي” للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، التي تُعتبر تحويشة الأردنيين، فهي من الضمانات الرئيسة لعيش كريم في خريف أعمارهم، لا بل ويسعون جاهدين للمُساهمة في ذلك بأي طريقة تراها الدولة فيها منفعة للوطن والمواطن، على حد سواء.
الكثير من الكُتاب والمحللين والمُتابعين والمراقبين، قدموا تحليلات ونصائح حول التعديلات الجديدة على قانون الضمان الاجتماعي، فضلًا عما تنوي تنظيمه بعض المؤسسات ومراكز البحث والدراسات والأحزاب والنقابات، من ورش عمل وندوات وحوارات حول هذا الموضوع في قابل الأيام، للخروج بأفضل النتائج.
إلا أن ما يُلاحظ أن مُعظم ما تم الإشارة إليه أو البحث والتمحيص به، هو مُتعلق بعدة بنود أو محاور، يقف على رأسها: “إلغاء التقاعد المُبكر، أو تشديد اللجوء إليه مع رفع سن هذا النوع من التقاعد، وكذلك رفع سن الشيخوخة إلى أكثر من ستين عامًا بالنسبة للذكور و59 عامًا بالنسبة الإناث”.
وساعد بذلك، أي التركيز على النقاط آنفة الذكر، مؤسسة الضمان نفسها، تاركة جُل أولئك يسبحون في تفنيد تلك النقاط المنوي تعديلها، والتأشير على إيجابياتها أو سلبياتها، فضلًا عن تقديم النصائح تارة، والنقد تارة أُخرى.
وكأن المُراد ظاهريًا، هو بحث ومُناقشة نقاط مُعينة، بينما المُراد باطنيًا هو “تمرير” بنود ثانية، من غير أي “شوشرات” عليها.. وكأنه هُنا يتم تطبيق نظرية “النُظم” في السياسة، ولكن من خلال إجراء تعديلات بسيطة عليها.
فهذه النظرية مُهمتها الأساس قياس الرأي العام في قرار أو إجراء مُعين، فتعمل الدولة على طرحه أو تسريبه للرأي العام، لتقوم بعدها بقياس ردة فعل الشارع، ثم المضي قدمًا في ذلك الإجراء أو تعديله أو إلغائه تمامًا.. وفي حالة مؤسسة الضمان قامت بذلك، لكن مع تعديل بسيط، تضمن تسليط الضوء على نقاط ما، وإهمال أُخرى أكثر أهمية.
في رأي المُتواضع، هُناك نقاط في غاية الأهمية، يجب التركيز عليها أكثر، وتمحيصها بشكل دقيق، أهمها هي: تغيير احتساب مُعادلة رواتب التقاعد المُبكر والوفاة.. وهُنا، مربط الفرس، فالمعلومات التي تم تسريبها، تُشير إلى أن هذه المُعادلة، تتضمن تخفيض لنسبتها، ويأتي ذلك في ظل أوضاع معيشية صعبة، وستكون أصعب في المُستقبلين القريب والبعيد، بناء على ما يوجد من مُعطيات على أرض الواقع.
فعلى سبيل المثال، الشخص المُحال إلى التقاعد المُبكر، أكان برغبته أم برغبة مسؤوليه، وكانت أعوام خدمته تتراوح ما بين 28 و30 عامًا، فإنه يتحصل على راتب تقاعدي لا يقل عن 85 بالمائة من مُجمل أجره الشهري الخاضع للضمان الاجتماعي.. أما وفق مشروع القانون الجديد، فإنه لا يتحصل على أكثر من 65 بالمائة من مُجمل أجره الشهري!.
قد يقول البعض بأن ذلك من الأسباب الرئيسة حتى لا يكون اللجوء إلى مثل هذا التقاعد مُتاحًا على مصراعيه، وبالتالي المُحافظة على الملاءة المالية لـ”الضمان”، خصوصًا أن مؤسسة “تحويشة الأردنيين” تؤكد أن نسبة المُتقاعدين مُبكرًا تبلغ 64 بالمائة من إجمالي المُتقاعدين.. لكن ما قول هذه الفئة والجهات المسؤولة عن تطبيق مثل هذا المُعادلة على أولئك الذين يتوفاهم الله عزوجل، أو ممن يتعرضون لإصابات، بعضها قد يُسبب لأصحابها إعاقات دائمة، خصوصًا في حال كان لديهم أبناء على مقاعد الدراسة، أو أطفال رُضع.
ومن النقاط المُهمة أيضًا، الخوف أن تلجأ التعديلات الجديدة إلى “تغيير” احتساب مُتوسط أجور المؤمن عليه، فحاليًا يتم احتساب المُتوسط الحسابي لآخر 36 اشتراكًا بالنسبة لتقاعد الشيخوخة، أي من أكمل 60 عامًا للذكور و55 عامًا للإناث، و60 شهرًا لمن يُريد الذهاب إلى التقاعد المُبكر..
أقول الخوف أن يتم زيادة هذه النسبة إلى حد يتآكل فيه الراتب التقاعدي، وإن كانت هذه النسبة قد تغيرت لأولئك الداخلين الجُدد، إذا أصبح الراتب التقاعدي يُحسب بناء على المُتوسط الحسابي لجميع الاشتراكات!.