الغد
مع ازدياد حجم التعاملات المالية يصبح إلزاما تفعيل أدوات وقائية تحمي المتعاملين، لذلك جاء القرار الحكومي الأخير المعني بحماية متلقي الشيك قبل القبول بأي التزام مالي، حيث أتاحت خدمة الاستعلام الرقمي عن الملاءة المالية للأفراد عبر "كريف الأردن" ومن خلال تطبيق "سند"، لتعيد التوازن إلى أداة الشيك وتوفر ضمانات استباقية مهمة.
الأهمية المتزايدة لهذه الخدمة تتضح أكثر بالنظر إلى البيانات الرسمية، فقد بلغت قيمة الشيكات المرتجعة خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025 نحو 376 مليون دينار، بعدد سجل 68 ألف شيك، لا سيما ان السوق يتداول حجمًا كبيرًا من الشيكات، بلغت قيمتها 13.15 مليار دينار حتى نهاية نيسان، مما يؤكد أن الحاجة إلى أدوات حماية كخدمة الاستعلام قائمة وملحّة.
وللإيضاح، فإنه قبل القرار كانت تثار تساؤلات كثيرة، أهمها، هل ما يزال الشيك أداة دفع موثوقة بعد وقف الإجراءات الجزائية المرتبطة به؟ وكيف يمكن للأفراد والمؤسسات حماية أنفسهم من مخاطر الشيكات المرتجعة؟ وهل هناك وسيلة تمكن متلقي الشيك من تقييم الملاءة المالية للطرف الآخر قبل القبول؟
هذه التساؤلات باتت تفرض نفسها بقوة في السوق الأردني، خاصة مع اقتراب وقف الملاحقة الجزائية المرتبطة بالشيكات، لذلك تبرز الحاجة إلى أدوات وقائية فعّالة، تمكّن متلقي الشيك من اتخاذ قرار مبني على معلومات دقيقة، بدلاً من الاعتماد على الثقة الشخصية أو المجازفة غير المحسوبة.
خطوة مجلس الوزراء تدل على وعي كامل، حيث وافق على إجراءات تتيح للأفراد والمؤسسات الاستعلام الرقمي عن الملاءة المالية لمُصدري الشيكات، وهذه الخدمة الجديدة تمثل أدوات حقيقية في يد متلقي الشيك، تُمكنه من تقييم قدرة الطرف الآخر على الوفاء بالتزامه المالي، ومن ثم اتخاذ قراره بقبول الشيك أو رفضه قبل أن يتورط في مخاطرة مالية أو قانونية.
خدمة الاستعلام من قبل "كريف الأردن"، وهي جهة مرخصة تجمع البيانات والمعلومات الائتمانية عن الأفراد والشركات من مصادر قانونية معتمدة، وتقوم بمعالجتها ضمن تقرير ائتماني شامل، حيث يحتوي التقرير على مؤشرات متعددة، تعكس السلوك الائتماني ومدى الالتزام المالي للفرد أو المؤسسة، بما يوفّر صورة دقيقة لمتلقي الشيك حول الطرف المُصدر.
هذه الخطوة لا تُعد مجرد خدمة رقمية، بل تمثل تحولًا حقيقيًا في آلية التعامل بالشيكات، إذ تعيد للشيك وزنه كأداة مالية ذات موثوقية، وتُقلّل من حالات الاحتيال أو التعثر المالي، كما تتيح بيئة أكثر أمانًا للقطاعين التجاري والمالي، وتُجنّب الأفراد والمؤسسات الدخول في نزاعات قانونية مكلفة وطويلة.
إن تمكين متلقي الشيك من تقييم الجدارة الائتمانية للطرف الآخر هو أمر حاسم في هذه المرحلة، ليس فقط لحمايته شخصيًا، بل لضمان استقرار التعاملات المالية ككل، كما أنها خطوة استباقية ذكية، توازن بين الحماية القانونية، والاعتماد على أدوات رقمية وشفافة لضمان الثقة بين الأطراف.