الدستور
الأردن هو الأقرب إلى سوريا، جغرافيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا وثقافيًا، فعلاقات الجوار بين البلدين تاريخية ومتجذّرة. وعبر التاريخ لعب الأردن دورًا كبيرًا بدعم الأشقاء السوريين في منعطفات سياسية فارقة، وليس أدلّ على ذلك من استضافة الأردن لأكثر من (1.4 مليون) سوري، لجأوا إلى الأردن منذ العام 2011، وتحمّل الأردن أعباء تلك الاستضافة، وتبعاتها على البنية التحتية والاقتصادية، وتحمّل الأردن-دون منّة-ورغم تخلّي المجتمع الدولي عن واجباته تجاه مساعدة الأردن بتحمّل جزء من تلك الأعباء.. تحمّل الأردن ضغوط وكلف اللجوء على الاقتصاد لأكثر من 14 عامًا ولا زال.
اليوم، وفي المرحلة الجديدة التي انتقلت إليها سوريا الشقيقة، يقف الأردن كعادته دائمًا إلى جانب الأشقاء، وبتوجيهات ملكية سامية إلى كافة الجهات الرسمية والأهلية، بتقديم كل ما يحتاجه الأشقاء في سوريا، من أجل تمكينهم من إعادة إعمار بلدهم، وإعادة ترتيب البيت الداخلي، وإعادة بناء الاقتصاد، وعودة الحياة التي تستحقها سوريا وشعبها العظيم.
سوريا اليوم، بحاجة إلى كل شيء، وخصوصًا في القطاعات الاقتصادية، ومن هنا وقف الأردن ولا زال يقف إلى جانب الأشقاء وعلى المستوى الرسمي كما القطاع الخاص، بخطوات متسارعة لعودة التعاون التجاري والصناعي والاقتصادي في قطاعات النقل والطاقة والمياه والمصارف وغيرها حتى بلغ حجم التبادل التجاري بين الأردن وسوريا خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي 2025، نحو(400 مليون) دولار أمريكي.
في مقدمة احتياجات الأشقاء في سوريا اليوم، إعادة بناء القطاع المصرفي، نظرًا لدوره الأهم في تمويل المشاريع، وإعادة إنعاش الاقتصاد السوري، ولذلك فإنّ المصارف الأردنية قادرة-وقد أكدت على ذلك مرارًا-على وضع كافة خبراتها وقدراتها المؤسسية وتجربتها الطويلة، تحت تصرف الأشقاء السوريين، بالإضافة إلى حوار متبادل من أجل:
1 - تشكيل لجنة مصرفية أردنية سورية مشتركة.
2 - توفير بيئة آمنة وشفافة لجذب التمويل.
3 - توسيع الشراكات المصرفية.
4 - تعزيز التكامل الرقمي والتقني.
5 - تطوير آليات الامتثال والحوكمة.
6 - تبادل البيانات.
7 - وضع تصوّر مشترك لقطاع مصرفي حديث في سوريا قادر على دعم إعادة الإعمار والتنمية المستدامة.
8 - تطوير قنوات التسوية والتحويل المالي.
9 - إطلاق برامج تمويل مشتركة لقطاعات الصناعة والزراعة والطاقة والنقل.
10 - تبادل الخبرات في إدارة المخاطر.
11 - تعزيز الشمول المالي والتحول الرقمي.
12 - تنظيم لقاءات مشتركة لتحديد الاحتياجات التمويلية.
كل ما هو مذكور أعلاه، وغيرها الكثير من صور التعاون المصرفي المشترك بين الأردن وسوريا، خصوصًا وأنّ القطاع المصرفي الأردني يتمتّع اليوم بقوة وصلابة، ونجح بمواجهة التحديات الجيوسياسية على مدى السنوات الماضية، وشكّلت موجودات البنوك ما نسبته 184.4 % من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية، وحجم الودائع يصل إلى 112 % من الناتج المحلي، بينما تقترب التسهيلات الائتمانية من (50 مليار دولار).
لذلك فهناك اليوم فرص للتمويل المشترك بين القطاع المصرفي في الأردن وسوريا، وتحويل تلك الفرص إلى مشاريع فعلية، وتأسيس آليات تمويلية فعّالة مثل:
أ)- برامج تمويل ثنائية للمشاريع الإنتاجية.
ب)- صندوق استثماري مشارك للقطاعات الزراعية والصناعية والطاقة.
ج)- خطوط ائتمان للتجارة البينية وتسهيل الاعتمادات المستندية.
د)- ضمانات ائتمانية مشتركة بالشراكة مع مؤسسات عربية.
*باختصار:
القطاع المصرفي الأردني قادر على لعب دور كبير وفاعل في إعادة إعمار سوريا الشقيقة، وتقديم وتبادل الخبرات مع القطاع المصرفي السوري الشقيق، وتحويل الفرص الاستثمارية المتوفرة اليوم في سوريا الشقيقة إلى واقع ملموس، خصوصًا، الفرص الاستثمارية في الصناعات الغذائية والتحويلية والزراعة الحديثة والطاقة والبناء والنقل والتكنولوجيا، والعمل على شراكات مصرفية بين البلدين تمكّن من تحويل تلك الفرص إلى مشاريع فعلية.