أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    11-Nov-2025

الأردن واليابان.. شراكات اقتصادية ودبلوماسية في قلب زيارة ملكية إستراتيجية

 الغد-إيمان الفارس

 تتجاوز الزيارة الملكية لليابان الطابع البروتوكولي، لتشكل فرصة دبلوماسية واقتصادية لتعزيز موقع المملكة كمركز إقليمي للتجارة والاستثمار.
 
 
وتأتي الزيارة الملكية لليابان في إطار يركز على بعدين متكاملين: الاقتصاد والدبلوماسية، فالإستراتيجية الأردنية الحالية، تربط بين الجاذبية الاستثمارية والرسائل السياسية، في محاولة لإعادة صياغة صورة المملكة الاقتصادية وتعزيز دورها الإقليمي والدولي.
وهذه الزيارة، بحسب تقديرات مختصين بالشأن السياسي والاقتصادي لـ"الغد"، تركز على استقطاب الاستثمارات الأجنبية، خصوصا في القطاعات الاستراتيجية كالتعدين والفوسفات والبوتاس، وتطوير القدرات الدفاعية والأمنية.
بدورهم، أكد خبراء استراتيجيون، أن هذا التوجه الذي يقوده جلالة الملك، يعكس رغبة الأردن بعرض الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة مباشرة أمام المستثمرين اليابانيين، واستثمار الثقة اليابانية الطويلة الأمد بالمملكة، والتي تتجلى بمنح وقروض ميسرة تجاوزت قيمتها مليارا دولار في  السنوات الماضية.
فاليابان تعدّ الأردن شريكا موثوقا واستراتيجيا، وموقعه يعزز قدرته على جذب استثمارات نوعية ومستدامة، إلى جانب التركيز على المشاريع الكبرى ذات الأثر الاستراتيجي، بما يتماشى مع رؤية أردنية تتجاوز التمويل المحدود، لتشمل شراكات استراتيجية طويلة الأمد، تستفيد من الخبرة اليابانية في الصناعة والطاقة المتجددة وإدارة الموارد، بحسبهم.
وفي هذا السياق، أكد الخبير والمحلل العسكري والاستراتيجي د. نضال أبو زيد، إن زيارة جلالة الملك لليابان، تأتي ضمن سلسلة الجولات الملكية الأخيرة التي تركز في جوهرها على البعد الاقتصادي، والمسار الدبلوماسي الذي يشكل محورا أساسيا في تحركات جلالته. مشددا على وجود تلازم واضح بين المسارين الاقتصادي والسياسي في الرؤية الملكية، بما يعكس توجها متكاملا لتعزيز مكانة الأردن إقليميا ودوليا.
وقال أبو زيد، إن تركيز جلالته في الزيارات الأخيرة على جذب الاستثمارات الخارجية، يهدف لإعادة إنتاج الصورة الاقتصادية للأردن بعد فترة من التراجع، مشيرا إلى أن اليابان، دولة غنية ذات موارد كبيرة، وسجل استثماري قائم في الاردن، يمكن البناء عليه لتوسيع نطاق التعاون.
وأضاف أن من بين الملفات التي يحملها جلالته إلى طوكيو، دراسة تعزيز المساعدات اليابانية للأردن، سواء في المجالات الدفاعية أو في قطاعات الأمن العام والدفاع المدني، بما يسهم بتطوير قدرات المملكة وتعزيز امنها واستقرارها.
وبين الخبير الاستراتيجي، أن الإصلاحات الاقتصادية التي أطلقتها الحكومة مؤخرا، وتحظى بمتابعة واهتمام مباشر من جلالة الملك وسمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، تشكل ركنا أساسيا في الرسالة التي يحملها جلالة الملك إلى اليابان، إذ يسعى جلالته لعرض هذه الإصلاحات أمام الجانب الياباني لتشجيعه على الاستثمار في الأردن، وفتح مجالات جديدة للشراكات الاستراتيجية.
وأشار إلى أن الرؤية الأردنية الحالية للاستثمار، تجاوزت مفهوم المشاريع الصغيرة أو التمويل المحدود، لتتجه نحو الاستثمار بمشاريع كبرى، مثل قطاعات التعدين والفوسفات والبوتاس التي تحظى باهتمام متزايد من الدولة في المناطق الجنوبية، وهي مجالات تمتلك اليابان خبرات واسعة فيها.
وأضاف أبو زيد، أن هذه الزيارة، قد تكون مقدمة لجولات أخرى في الإطار ذاته، إذ تتكامل جميعها ضمن نهج واضح، يهدف لترسيخ موقع الأردن كمركز إقليمي للاستثمار والتجارة، عبر تعزيز الشراكات الاستراتيجية مع الدول المتقدمة، وجذب استثمارات نوعية قادرة على دعم مسيرة التحديث الاقتصادي بالمملكة.
الأردن ركيزة للاستقرار 
وقال الباحث في الطاقة د. عامر الشوبكي، إن الزيارة الملكية إلى اليابان، تجسيد عملي لعلاقات تاريخية قوية ومتجذرة بين الاردن واليابان، وليست مجرد حدث بروتوكولي، مشيرا إلى أن اليابان تنظر للأردن، باعتباره ركيزة أساسية للاستقرار السياسي بالمنطقة، وتقدره لموقعه الجغرافي ودوره المؤثر سياسيا واقتصاديا.
وأكد الشوبكي أن اليابان تحترم رؤية جلالة الملك وولي العهد، وتثمن النهج المتوازن الذي يقوده الاردن في منطقة ملتهبة بالأزمات.ى موضحا انه لمس بنفسه خلال زيارته لليابان ولقاءاته مسؤولين حكوميين وعسكريين وسياسيين، حجم التقدير الياباني للأردن، وكيف يتحدث اليابانيون بفخر عن المملكة كشريك موثوق، ويبدون إعجابهم بما تحقق تحت قيادة جلالة الملك من استقرار وتنمية في ظل ظروف إقليمية معقدة.
وأضاف أن اليابان حريصة على التعامل مع الدول المستقرة، وتكن للأردنيين الود والاحترام، ما يعزز مكانة الاردن في الوعي الياباني، مبينا أن اليابان من اكبر المانحين والمقرضين للأردن، إذ منحت في ربع قرن مضى ملياري دولار، بينها 600  مليون منح، والباقي قروض ميسرة لمشاريع تنموية وبنى تحتية.
وبين الشوبكي، أن الاتفاقات الأخيرة التي تضمنت منحا وقروضا ميسرة جديدة، تؤكد استمرار الثقة اليابانية بالأردن وإصلاحاته الاقتصادية. معتبرا بأن الجولة الملكية، فرصة ذهبية لتعزيز موقع الاردن كمركز إقليمي للاستثمار والتجارة، وبوابة للولوج لأسواق المنطقة العربية، مستفيدا من استقراره ومن التقدير الياباني الدائم له.
وشدد على أن الاستفادة من هذه الفرصة، تتطلب مواصلة الإصلاحات الاقتصادية، وتعزيز الحوكمة وتحسين بيئة الأعمال، وتحديث البنية التحتية والخدمات، مؤكدا أن هذه الخطوات أساسية لجذب مزيد من الشركات اليابانية. مضيفا أن العامل الحاسم لجذب تلك الشركات، يتمثل بالاستثمار في الإصلاحات الهيكلية التي تدعمها القروض الميسرة، وضبط مالية الطاقة، وتحسين الحوكمة في القطاعات الاجتماعية، ورقمنة البنية التحتية، فهذه العناصر تمثل الأساس الذي تبحث عنه الشركات اليابانية قبل ضخ استثمارات طويلة الأجل.
وأضاف أن التكامل بين القيادة السياسية الأردنية التي تحظى باحترام كبير في اليابان، والمسار الإصلاحي المدعوم بالأرقام، يشكلان معا الميزة التنافسية للأردن، بوصفه بوابة آمنة وموثوقة لأسواق المنطقة، قادر على جذب شراكات استراتيجية طويلة المدى، مع واحدة من اهم القوى الاقتصادية في العالم.
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي د. عدلي قندح، أهمية زيارة جلالة الملك لطوكيو، باعتبارها فرصة دبلوماسية واقتصادية بالغة الأهمية، يمكن استثمارها لتعزيز موقع الأردن كمركز إقليمي للاستثمار والتجارة.
وقال قندح إن الوجود الملكي على مستوى القمة، يفتح قنوات اتصال مباشرة مع صانعي القرار اليابانيين، سواء في المؤسسات الحكومية أو الهيئات الاقتصادية الكبرى مثل "جايكا" و"جيترو"، إلى جانب ممثلي كبريات الشركات اليابانية، ما يزيد من احتمالات ترجمة رسائل الثقة المتبادلة لاتفاقات ملموسة، تشمل مذكرات تفاهم ومشروعات تعاون تقني، وتمويل بنى تحتية واستثمارات مباشرة.
وبيّن قندح، أن هذا المعطى يتجلى بوضوح في برنامج الزيارة واجتماعات الوفد الأردني مع الجهات اليابانية المعنية، بما يعزز فرص توقيع تفاهمات في مجالات الأمن الحدودي، والتعاون التنموي، والتمويل التقني.
وأشار للدور الذي تمثله القيمة الحقيقية لهذه الجولة، والتي تقاس بمدى قدرة الأردن على تحويل الاهتمام الياباني إلى مشاريع استثمارية مستدامة وطويلة الأمد، مشددا على أهمية ربط المباحثات الملكية بخطة تنفيذية وطنية متكاملة، مؤسسية ومالية وقانونية، توفر الحوافز والضمانات التي يحتاجها المستثمر الياباني، مثل الأمن القانوني، والشفافية الضريبية، وتسهيلات الاستيراد والتصدير، إضافة إلى إطار متطور للشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وأوضح أن توقيع مذكرات تفاهم، أو الحصول على تمويل من جهات يابانية موثوقة كـ"جايكا"، يشكّل خطوة أولى مهمة، لكن ما سيضمن استقطاب تدفق الاستثمارات، هو وجود بيئة أعمال مستقرة وجاذبة على أرض الواقع.
وبين أن الأردن يمتلك مميزات هيكلية مهمة، أبرزها موقعه الجغرافي الذي يربطه بالأسواق العربية والخليجية والأفريقية، ووجود مناطق حرة وميناء العقبة كمنافذ لوجستية رئيسة، بالإضافة لقطاع خدمات متطور نسبيا في التعليم، وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات المالية.
وأكد قندح، أن استثمار هذه المزايا إلى جانب الخبرة اليابانية في الصناعة المتقدمة والطاقة المتجددة وإدارة المياه ومعالجة النفايات، يمكن أن ينتج شراكات تكاملية مثمرة، كإقامة مجمعات صناعية متخصصة للتصدير، أو مراكز تكنولوجية مشتركة، تربط الشركات اليابانية بالمواهب الأردنية والأسواق الإقليمية.
وأضاف أن التركيز الياباني على الابتكار والجودة، يسهم بتطوير سلاسل إمداد تنافسية وقابلة للتصدير من الأردن إلى أسواق آسيا وأوروبا والعالم العربي. منبها أنه من دون الاستمرار بتنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي حازم، ستبقى هذه الفرص عرضة للمخاطر.
وأوصى قندح، بضرورة التركيز في تحقيق الاستفادة القصوى من الجولة الملكية، على خطوات تنفيذية قصيرة ومتوسطة المدى، منها تأسيس إطار متابعة حكومي– خاص لكل اتفاق يوقع في  الزيارة، وربط الحوافز الاستثمارية بمؤشرات الأداء التصديري ونقل التكنولوجيا، وإطلاق برنامج تدريبي ثنائي لتأهيل الكوادر الصناعية والتقنية بالشراكة مع الجامعات اليابانية. وتفعيل المشاريع المشتركة في الطاقة المتجددة والمياه كمشروعات إقليمية نموذجية، وتوقيع أو تحديث اتفاقيات حماية وتشجيع الاستثمار الثنائية، لتوفير ضمانات قانونية ومالية للمستثمرين.