أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    18-Jun-2025

هل يتحول الصراع الإقليمي إلى أزمة اقتصاديّة ؟*أ. د. صلاح العبادي

 الراي 

أشعلت الضربات العسكريّة المتبادلة بين إسرائيل وإيران هزةً عميقةً في الأسواق العالميّة، خاصةً في أسواق الطاقة؛ حيث سجّلت أسعار النفط والغاز مستويات اقتصاديّة وصلت بنسبة اثني عشرة بالمئة، وسط مخاوف بأنّ الصراع الإقليمي قد يتحول إلى أزمة طاقة عالميّة جديدة تُذكّر العالم بالأزمة التي تسببتها الحرب الروسية على أوكرانيا في عام الفين واثنين وعشرين.
 
هذا الارتفاع رغم أنّه مؤقتاً إلا أنّه يعكس حجم القلق الذي يسود الأسواق من أن يمتد التصعيد العسكري؛ ليؤثر على طرق إمدادات الطاقة العالميّة خصوصاً عبر مضيق هرمز في الخليج العربي.
 
فوسط تهديدات إيرانيّة بإغلاق المضيق الذي يمرُ منه نحو عشرين بالمئة من إنتاج النفط الذي يستهلكه العالم، يخشى الاقتصاد العالمي من ركود اقتصادي وارتفاع في أسعار شحن الناقلات، بينما يطل برأسه من بعيد شبح عودة التضخم.
 
وينظر إلى سيناريو توسع الحرب باعتباره مصدر قلقٍ بالغٍ لأسواق النفط؛ إذ من شأن أي صراع في المنطقة أن يعطل حركة الملاحة في أحد أهم الممرات البحرية في العالم، ويهدد إمدادات النفط من منطقة مسؤولة عن نحو ربع الإنتاج العالمي. حيث يمر عبر مضيق هرمز نحو ما يقرب عشرين مليون برميلٍ من النفط والمكثفات والوقود، ويلقب بشريان الحياة للعالم الصناعي.
 
ويعد هرمز الواقع بين عُمان وإيران أهم بوابة لشحن النفط في العالم، ما أدى لارتفاع حاد في الأسعار؛ فالطيران العالمي تأثر والتجارة الجويّة تعرقلت، وركض المستثمرون نحو الذهب والدولار كملاذٍ آمن، ووصل سعر الذهب في التعاملات الفورية إلى ثلاثة آلاف وأربعمئة واثني عشرة دولاراً.
 
وزير الطاقة الأميريكي كريس رايت قال في وقت سابق إنه وفريقه يعملون مع مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض؛ لمراقبة الوضع في الشرق الأوسط وأي تأثيرات مرتقبة على إمدادات الطاقة العالمية.
 
هذهِ الحرب الجديدة في الشرق الأوسط تعدُ عاملاً اضافياً في تآكل النظام الاقتصادي العالمي، ما قد يدفع الدول لتقليل اعتمادها على الآليات الجماعية للضبط والاستقرار، وتعزيز القدرات الذاتيّة مما يضعف الكفاءة العامة للاقتصاد العالمي.
 
وفي السياق الاقتصادي نفسه فإنّه وفي ظل تصاعد المواجهة بين إسرائيل وإيران لم يعد الصراع سياسياً أو عسكرياً فقط. بل بدأ يتحول إلى نزيف اقتصاديٍ للطرفين.
 
بدأت الحرب تطلق آثارها الثقيلة على الاقتصاد الإسرائيلي، ليس في المستقبل، بل منذ اللحظة الأولى.
 
منذ اليوم الأول توقفت حركة الطيران وتجمدت عجلة الاقتصاد وتقدر الحكومة بأن أسبوعاً واحداً من هذه الحرب قد يقتطع نحو عشرة بالمئة من النمو الاقتصادي السنوي المتوقع.
 
الأضرار لا تقتصر على الأرقام بل تظهر في الشوارع والمدن والمباني المدمرة ومنشآت الطاقة في حيفا؛ حيث أغلقت إسرائيل حقلي غاز مع بداية ضرب إيران، مما يعني توقف التصدير منهم، وخسارة عائدات البيع إلى جانب توقف الإمدادات داخلياً لبعض الصناعات الإسرائيلية.
 
وزارة المالية الإسرائيلية تواجه اليوم معادلة صعبة، فميزانية دفاع تحتاج إلى تضخيم، واقتصاد مدني شبه مغلقٍ يحتاج إلى تعويضات؛ وصندوق التعويضات لا يتجاوز ثلاثة مليارات دولار.
 
أما الاقتصاد الإيراني الذي يعاني من أزمات، طاله الضرر الأكبر لخضوعه لعقوبات منذ عقود طويلة.
 
ومع بدء جولة جديدة من المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل، أصدر البنك المركزي الإيراني قراراً بوقف عمل مكاتب الصرافة تزامناً مع حظر منصّات التداول الإلكتروني للذهب، في خطوة تعكس محاولة طهران احتواء التقلبات الحادة في الأسواق المالية.
 
استمرار الحرب قد يؤثر على صادرات النفط المحدودة، التي لا تزال تشكّل شرياناً أساسياً لاقتصاد إيران؛ مما سيزيد من تضييق الخناق على موارد دخل الحكومة التي تعتمد بالأساس على صناعة النفط، ما يرفع من التخوفات من إنهيار اقتصادي وشيك، في ظل غياب الاحتياطات النقدية وأزمة الطاقة والاعتماد الكبير على الواردات وضعف الانتاج المحلي بشكلٍ جعل الهيكلة الاقتصادية لإيران أكثر هشاشة من أي وقت مضى.
 
وتستمر هذهِ الحرب لليوم السادس على التوالي؛ إذ تتواصل الهجمات المتبادلة ما بين إيران وإسرائيل، وما زال التهديد والوعيد من كلا الطرفين هو سيد الموقف.
 
في كل دقيقة مفاجآت جديدة تحملها التطورات الميدانيّة الكثير من السرعة، سيما مع استمرار سياسة التهديد بين الطرفين.
 
فماذا تحمله الساعات القادمة؟ فالكل ينتظر ويتابع..