دور الاستثمار الأجنبي في الحد من الفقر*م. هاشم نايل المجالي
الدستور
يُعرَّف الفقر طبقاً لتقارير البنك الدولي على أنه الحرمان من الرفاهية البشرية، حيث يشمل مفهوم الفقر العديد من الأبعاد كانخفاض الدخول، وعدم القدرة على الحصول على السلع والخدمات التي تكفل للفرد مستوى معيشياً لائقاً ومناسباً. كما يشمل أيضاً انخفاض مستوى الصحة والتعليم، وعدم الحصول على الأساسيات المعيشية كالمياه الصحية وغيرها، وكذلك عدم القدرة على المشاركة السياسية لعدم توفر سبل الحصول على حياة أفضل، حيث تزداد البطالة مع زيادة النمو السكاني غير المنضبط بوجود ركود اقتصادي نتيجة العديد من الأسباب، منها الأزمات الداخلية والخارجية، وكذلك عدم العدالة في توزيع الدخل.
وفي مثل هذه الظروف، تسعى الجهات المعنية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والعمل على جذب استثمارات داخلية وخارجية لخلق فرص عمل جديدة، حيث تصبح هذه الاستثمارات بشتى أنواعها العقارية والصناعية والتكنولوجية وغيرها بمثابة طوق النجاة للدولة، وحيث إن غالبية الدول النامية لا تملك القدرة المالية وغيرها من المقومات اللازمة للاستثمارات الكبيرة للعديد من الأسباب، فلا بد من كسر الحلقة المفرغة لمحاربة الفقر والبطالة من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي تضمن تحقيق أرباح مستمرة لكلا الطرفين: الحكومي وللجانب المستثمر، ولفترات زمنية طويلة.
وسنجد مدى تأثير هذه الاستثمارات على الحد من البطالة والفقر، فعلى صانعي السياسات الاقتصادية العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية من خلال إعطاء فرص استثمارية مميزة مع تسهيلات وميزات وحوافز تحفيزية تُغري المستثمر الأجنبي للاستثمار في مختلف القطاعات الإنشائية والسياحية والتصنيعية، لما لذلك من أثر في النمو الاقتصادي، خاصة إذا تم إعطاء إعفاءات ضريبية مميزة وتوفير الأرض المناسبة بأسعار تفضيلية، وتسهيل وصول الخدمات الكاملة للاستثمار من البنية التحتية دون تعقيدات أو تأخير في تنفيذ ذلك.
كما يجب تسهيل التدفق المالي من قبل المستثمر من خلال البنوك والجهات المعنية الرقابية على أسس التحويل المالي وفق الأنظمة المعمول بها، وتطوير النظام المالي الميسر لهذه التحويلات المالية من بلد المستثمر، وبالتالي فإن تدفقات الاستثمارات الأجنبية مع الاستثمار المحلي كلها تزيد من الحد من الفقر وخلق فرص عمل بمستويات مختلفة، حيث تزداد المنافع المختلفة لتحقيق التنمية المستدامة مع التنمية المجتمعية.
وحيث تقوم الشركات المستثمرة بتزويد السوق بخدمات عديدة وسلع حديثة وجديدة وبأسعار منخفضة كصناعة محلية، فإن ذلك يؤدي أيضاً إلى زيادة رفع الأجور وتشغيل المقاولين المحليين والشركات الصغيرة أياً كان تخصصها، والتي تتناسب مع حاجة المستثمر الأجنبي، علماً بأن هذه الاستثمارات تتطلب تدريب وتأهيل كوادر محلية للعمل فيها ولديمومة واستمرارية عملها، ولا ننسى طرق نقل التكنولوجيا الحديثة، خاصة الذكاء الصناعي وغيرها، والتي تحتاج إلى قدرات فنية مؤهلة لذلك.
إن أهمية منح التراخيص للمستثمر الأجنبي وإعطائه ميزات الاستثمار تُعد الخطوة الأساسية في تحقيق تنمية مستدامة وزيادة فرص العمل وتأهيل الشباب وتدريبهم على كل ما يتعلق بهذه الاستثمارات، كل ذلك يسهم في محاربة الفقر والبطالة، خاصة مع تقديم الشركات الأجنبية المساعدة الفنية للعمل بتلك المشاريع الاستثمارية، إن الأمن والاستقرار يُعتبران العنصر الأساسي والرئيسي للمستثمر الأجنبي، فهذه المتطلبات إذا توفرت بشكل متكامل، فإنها حتماً ستكون جاذبة لكافة أنواع الاستثمارات في مختلف المجالات.