أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    16-Jul-2025

قانون الموازنة هو الأساس*سلامة الدرعاوي

 الغد

ما المعيار الذي يحكم على أن موازنة العام الحالي أفضل من سابقتها؟ أليس من الطبيعي أن تكون موازنة 2025 أفضل من موازنة اعوام 2024، 2023، 2000، 1980.. إلخ بحكم تطور الأدوات، وتراكم الخبرات، وازدياد وعي الدولة بإدارة ملفها المالي؟ ولماذا يُفترض أن تكون الأرقام الأكبر دليلاً على التقدم؟ وهل ارتفاع الإيرادات وحده يكفي؟ وماذا عن كفاءة الإنفاق، وأثره على حياة المواطن؟ وهل ننجح فعلاً في تحقيق التوازن بين الإيرادات والنفقات؟ والأهم من كل ذلك: هل نلتزم بما وعدنا به حين أُقرّت الموازنة بقانون؟
 
 
قانون الموازنة هو الأساس، فلا يجوز الحديث عن نجاح أو فشل في الإدارة المالية دون العودة إليه، إذ هو الوثيقة التي تجسد الرؤية الحكومية لسنة مالية كاملة، وتحكم علاقة الحكومة بالمواطن والقطاع الخاص والجهات الممولة، وهو تعهد معلن بأرقام وأهداف وفرضيات، وعليه، فإن أي تقييم للموازنة لا يكون موضوعياً أو ذا معنى إلا من خلال مدى الالتزام الفعلي بما ورد فيه.
 
المسؤول الذي يقول اليوم إن الموازنة أفضل من سابقتها عليه أن يشرح لماذا وكيف، فالأرقام معلنة، والفرضيات معروفة، ومسار التنفيذ يمكن تتبعه بدقة، وما مدى تطابق الأداء الفعلي مع ما نص عليه القانون؟ هل تم تحقيق المستهدفات؟ وهل التزمت الوزارات والمؤسسات بما خصص لها؟ أم تم تجاوز المخصصات أو ترحيل الأعباء إلى موازنات لاحقة؟ هنا يكمن الحكم الحقيقي.
من المؤكد أن الحكومة تبذل جهداً في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي وخريطة تحديث القطاع العام، وهي تسعى أيضاً لتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني وتحسين بيئة الاستثمار والحفاظ على معدلات تضخم معتدلة وتقليص عجز الحساب الجاري، فهذه أهداف لا يمكن الاختلاف حول ضرورتها، لكن يبقى السؤال: هل انعكست تلك الجهود على هيكل الموازنة نفسه؟ هل زادت نسبة الاعتماد على الذات؟ وهل ارتفعت نسبة تغطية النفقات الجارية من الإيرادات المحلية؟ وهل بدأ الدين العام بالتراجع فعلياً او نظرياً؟
موازنة عام 2025 بُنيت على فرضيات واضحة، من أبرزها نمو الإيرادات العامة بنسبة 9.4 % مقارنة بإعادة التقدير لعام 2024، وأن ترتفع الإيرادات الضريبية بحوالي 805 ملايين دينار نتيجة نمو الناتج المحلي وتطبيق إصلاحات ضريبية وجمركية، إلى جانب رفع الضريبة الخاصة على التبغ، كذلك، تشير التقديرات إلى نمو الإيرادات غير الضريبية بنسبة 3.3 %. وعلى صعيد النفقات، تم رصد مخصصات مهمة للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية، ولتنفيذ خطط التحديث، ولدعم السلع الأساسية، وصندوق المعونة الوطنية، وخدمة الدين العام، وتسديد المتأخرات.
هذه المؤشرات توحي بوجود توجه جاد، لكن الاختبار الحقيقي في التنفيذ حتى نهاية العام الجاري، فهل تُنفّذ المخصصات كما خُطط لها؟ وهل تُضبط النفقات غير الضرورية؟ وهل تُدار الإيرادات وفقاً لما تم التعهد به؟
في النهاية، لا يكفي أن تكون الموازنة تتضمن أرقاماً أكبر، أو أن ترتبط برؤى وتوجهات كبرى، ما يهم حقاً هو الالتزام الصارم بما نص عليه قانون الموازنة، ومراجعة الأداء المالي من خلال هذه القاعدة وحدها.
كل ما عدا ذلك يبقى في إطار الخطاب، لا الفعل، وقانون الموازنة هو المعيار الوحيد الذي لا يقبل المجاملة، ولا التساهل.