لندن: «الشرق الأوسط»
وجهت الصين دعوة رسمية للرئيس الأميركي، دونالد ترمب، لزيارة بكين وعقد قمة مع نظيره الصيني، شي جينبينغ، وسط ترقب دولي واحتمالات متضاربة حول إمكانية انعقاد هذه القمة في العاصمة الصينية. ولم يرد البيت الأبيض على الدعوة حتى الآن، حيث لا تزال القضايا الخلافية، لا سيما التجارة وتدفق مخدر الفنتانيل، تمثل عقبة كبرى أمام أي تقدم، وفق صحيفة «فاينانشال تايمز».
ومن المقرر أن يلتقي وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، بنائب رئيس الوزراء الصيني، خه ليفنغ، يوم الأحد في مدريد، في جولة مفاوضات رابعة يأمل البعض أن تمهد الطريق لزيارة ترمب إلى بكين قبل قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك) المقررة في كوريا الجنوبية في 31 أكتوبر (تشرين الأول). وقد أجرى مؤخراً مسؤولان أميركيان، هما وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الدفاع بيت هيغسيث، محادثات مع نظرائهما الصينيين، مما زاد التكهنات حول إمكانية عقد قمة رئاسية.
ومع ذلك، أشار خبراء ومطلعون على المحادثات إلى أن عدم إحراز تقدم كافٍ قد قلص فرص عقد قمة في بكين، وزاد من احتمالية عقد لقاء أقل رسمية بين ترمب وشي على هامش قمة «أبيك».
وقالت سارة بيران، المسؤولة السابقة في البيت الأبيض لشؤون الصين، إن هذه الاتصالات والاجتماعات «تجهيزات واضحة لاجتماع على مستوى القادة»، لكنها استدركت قائلة إن الخلاف لا يزال قائماً حول مكان انعقاد القمة. وأضافت أن بكين تحاول فهم ما يريده ترمب بالفعل: «هل يريد صفقة حقيقية، أم مفاوضات دائمة، أم مجرد فرصة لالتقاط الصور في بكين؟».
التجارة والفنتانيل: عوائق رئيسية
أحد أبرز العقبات في طريق القمة هو استياء الولايات المتحدة من الصين لعدم اتخاذها إجراءات صارمة ضد تصدير المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة الفنتانيل. وقد عرضت بكين اتخاذ إجراءات، لكنها ربطتها بإلغاء الرسوم الجمركية على الفنتانيل التي فرضها ترمب، وهو ما ترفضه واشنطن التي تصر على أن تتخذ الصين إجراءات ملموسة أولاً.
وقال رايان هاس، الخبير في معهد بروكينغز، إن مبررات عقد قمة في بكين «تتآكل» بسبب غياب الاختراقات في المحادثات. وأضاف أنه من غير المرجح أن ترغب بكين في تنظيم استقبال يفوق استقبال عام 2017، كما أن ترمب قد يخشى أن يُنظر إليه كـ«ضيف ثانوي» بعد الزيارات الأخيرة رفيعة المستوى للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون.
وفي المقابل، يرى دينيس وايلدر، المسؤول السابق في شؤون الصين، أن ترمب قد يفضل عقد القمة في بكين تحديداً لمواجهة صور حفاوة الاستقبال التي حظي بها بوتين وكيم.
عوامل جديدة تزيد من التعقيد
تأتي هذه التطورات وسط تصريحات مثيرة للجدل من ترمب، حيث حث دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) مؤخراً على فرض عقوبات تتراوح بين 50 و100 في المائة على الصين لمنعها من شراء النفط الروسي. كما حث الاتحاد الأوروبي على فرض رسوم جمركية بنسبة 100 في المائة على الواردات الصينية. وفي خطوة أخرى، وضعت الولايات المتحدة مجموعات صينية على قائمة حظر التصدير.
وقال مسؤول أميركي سابق إن هذه الإجراءات قد تكون «عامل إفساد محتمل» للقمة، مشيراً إلى أن الصين مستعدة لاستضافة ترمب «بلا شروط»، لكن الإدارة الأميركية تصر على تنفيذ «حزمة الفنتانيل» أولاً.
وفي تطور آخر، أعلنت الصين يوم السبت فتح تحقيق لمكافحة الإغراق ضد بعض الرقائق الأميركية، وهو ما اعتبرته صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية رداً على ضوابط التصدير التي فرضتها واشنطن.
وبينما يرى البعض أن ترمب يفضل أن يُستقبل بحفاوة في بكين، يشير آخرون إلى أنه من الصعب أن يذهب دون إنجاز «صفقة» حقيقية. لكن مصدراً في بكين أشار إلى أن الصين مستعدة لتنظيم القمة في غضون أيام حتى لو جاء قرار ترمب في اللحظة الأخيرة.
وقال إيفان ميديروس، الخبير في جامعة جورجتاون، إن قرار ترمب بزيارة بكين سيكون «موقفاً حرجاً جداً»، وسيتوقف على «صراع بين رغبته في تحقيق إنجازات ملموسة وبين رغبته في أن يحتفي به الصينيون».