الغد
عند الحديث عن التكنولوجيا المالية، فإننا ننظر إلى دورها المهم والريادي في تطور الخدمات المالية على مستوى العالم، لما يمكن أن تؤدي إلى تحسين كفاءة الخدمات المالية المقدمة وتعزيـز الابتـكار والتجديد في القطاع المالي عموما، وبالتالي تساعدنا على تنفيذ خطط التحول الرقمي في القطاع المالي والمصرفي، وهنا لا يمكن لنا الحديث عن التحول الرقمي أو مستجدات الذكاء الاصطناعي بمعزل عن دور الشباب المحوري والرئيسي في هذا المجال، الشباب الريادي الذي سيساهم من دون أدنى شك، في رسم مستقبل التكنولوجيا المالية والتحول الرقمي المنشود، بما في ذلك ثورة الذكاء الاصطناعي التي أصبح اليوم من الممكن تطبيقها في عامة القطاعات الاقتصادية والمالية على وجه الخصوص.
ومما لا يدع مجالا للشك، بأن المستقبل المقبل سيكون لجيل الشباب، جيل المبتكرين الماليين، سيكون لهم دورهم في المشاركة والتطوير والابتكار في قطاع التكنولوجيا المالية، وسيكونون إلى جانب كبار الخبراء في التكنولوجيا المالية وفي الاستراتيجيات والموارد البشرية من مؤسسات مالية، سوف تتاح لهولاء الشباب الفرصة للمساهمة في صناعة مستقبل التكنولوجيا المالية، وسيكون الاعتماد في الاستثمار الحقيقي على الطاقة الشبابية، كون الشباب هم الجيل الصاعد، لأن غالبية المستثمرين صغار السن ولديهم أفكار مبدعة وعندما نتكلم عن الزبائن، فهم كذلك شباب يبحثون عن منتجات رقمية وعند التفكير في الوظائف المستقبلية، فهم الشباب أيضا وعلى الرغم من أهمية الوظائف الاعتيادية، إلا أن باقي القطاعات ستنتقل للعالم الرقمي.
وما علينا إلا الاستعداد لاستكشاف دور الخبراء الشباب في ابتكار وانتهاز الفرص الناشئة عن التطور السريع في التكنولوجيا المالية، وإحلالها في المؤسسات المالية والمصارف. كما ويجب على جميع الحكومات والشركات بمختلف أنواعها ان تركز على الاستثمار في جيل الشباب فهو المستقبل، فمن المتوقع أن يقبل العالم على تطبيق التكنولوجيا في التعاملات المصرفية (financial technology)، أو ما اصطلح على تسميته بـ"الفنتك"، وما يمكن أن يحدثه هذا التحول من تغيير شامل وجذري في عمل البنوك، والآثار التي ستنعكس على مستقبل القطاع المصرفي في العالم.
إن أمتنا تمتلك جيلا من الشباب لديه القدرة على الابتكار والتعامل مع التكنولوجيا المتطورة، وهناك العديد من كبرى شركات التكنولوجيا والاتصالات في العالم التي تبحث عن الاستثمار في مجال التكنولوجيا المالية، وتسعى كذلك إلى إعطاء الشباب دورا في هذا الاستثمار، لأن لديهم الكثير من الأفكار المبتكرة التي يسعون إلى تطبيقها.
فالعالم اليوم، يتكلم عن العصر الرقمي الذي تنتشر فيه وبشكل مذهل التقنيات الحديثة متجاوزا واقعنا الحالي من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإنترنت أو ما يسمى بـ"ثورة الاتصالات"، إلى الحد الذي أصبح فيه من الصعب جدا أن نتصور تفاصيل المستقبل وكيف سيدير العالم أعماله المحلية أو الخارجية، فأي تطور على مستوى التكنولوجيا المالية والمقصود الرقمية، لا بد أن ينعكس ذلك على مفردات الصناعة المصرفية الإسلامية طالما أنها وصلت إلى مجتمعات عدة، وأصبح انتشارها لافتا للنظر وعليها أن تقدم نفسها للعالم باستيعابها لكل المتغيرات التكنولوجية والتعامل معها، وأن تضع في نهجها مهمة العمل بجد على وضع استراتيجية هدفها الابتكار والتجديد والانتقال بالبحث العلمي وأدواته إلى مستوى يواكب التطور العلمي والتكنولوجي، والاستعداد للتعامل مع استحقاقات المستقبل الرقمي، ولتمهد كذلك لتأسيس قاعدة معرفية وبحثية للمصرفية الإسلامية أينما وجدت، مبنية على الالتزام بأخلاقيات وأحكام الشريعة الإسلامية لتتلاءم وتنسجم مع المستجدات العالمية في التكنولوجيا المالية، وإعطاء أولوية استثنائية يكون الهدف منها تطوير الأفكار والفلسفة القائم عليهما عمل قطاع المصارف الإسلامية ومؤسساتها المالية، حتى لا تشهد حالة من الجمود وعدم القدرة على التقدم، بما يتوافق مع التغيرات التكنولوجية السريعة في العالم، ويكون لأدواتها التمويلية فاعلية في المساهمة في الاستقرار المالي العالمي.