أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    06-Dec-2025

كيف يسهم "بيتك" بتحقيق نمو اقتصادي مستدام؟

 الغد-آلاء مظهر

 في وقت تتسارع فيه التحولات في سوق العمل وازدياد الطلب على الكفاءات المتخصصة، يبرز المسار المهني والتقني(BTEC) كأحد أهم الأدوات الإستراتيجية لدعم التنمية المستدامة. 
 
 
وبينما لا يقتصر هذا المسار على تأهيل الشباب بمهارات عملية تتوافق مع متطلبات سوق العمل، بل يسهم أيضا في سد الفجوة بين التعليم النظري والاحتياجات الفعلية لسوق العمل، أكد خبراء تربويون أن مسار التعليم المهني والتقني لم يعد مجرد خيار بديل للتعليم الأكاديمي، بل أصبح مشروعا وطنيا يحمل رؤية اقتصادية واضحة، فعبر تأهيل قوة عمل مدربة وقادرة على المنافسة، يسهم المسار في بناء اقتصاد أكثر قوة ومرونة، ويدعم توجه الأردن نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام يتماشى مع متطلبات المستقبل.
وبينوا في أحاديثهم المنفصلة لـ"الغد" أن هذا المسار يعالج فجوة المهارات التي يعاني منها سوق العمل منذ سنوات، فالتعليم التقليدي، رغم أهميته، لم يعد قادرا وحده على تزويد الخريجين بمهارات عملية تناسب متطلبات القطاعات المتغيرة، أما التعليم المهني والتقني فيقدم تدريبا مباشرا يجعل الخريج جاهزا لسوق العمل منذ اليوم الأول، الأمر الذي يسهم في خفض نسب البطالة ورفع جودة القوى العاملة.
وأوضحوا أن الاستثمار في هذا النوع من التعليم لا يقتصر على تلبية الطلب الحالي في سوق العمل، بل يخلق قاعدة بشرية مؤهلة قادرة على مواكبة التحولات المستقبلية في الصناعة والتكنولوجيا والأعمال، الأمر الذي يجعل من هذا المسار أداة إستراتيجية لتعزيز التنافسية.
وكان أمين عام وزارة التربية والتعليم لشؤون التعليم المهني والتقني د. محمد غيث قال خلال مشاركته في اللقاء رفيع المستوى حول الحالة الديموغرافية ومتابعة أداء الإستراتيجية الوطنية للسكان (2021-2030)، الذي عُقد مؤخرا: إن وزارة التربية والتعليم تتبنى سياسة توسع مدروسة في التعليم المهني والتقني انسجاما مع الرؤية الملكية السامية من قبل جلالة الملك عبدالله الثاني والأمير الحسين ولي العهد، التي تُرجمت عبر رؤية التحديث الاقتصادي التي أقرتها الحكومة وتستهدف رفع نسبة الالتحاق في المسار المهني والتقني إلى 50 % بحلول عام 2032.
نموذج متقد للتعليم
في هذا السياق، قال الخبير التربوي فيصل تايه إن مسار التعليم المهني والتقني يمثل نموذجا متقدما للتعليم القائم على المهارات العملية والمعرفة التطبيقية، وهو أكثر من مجرد مسار أكاديمي؛ فهو أداة إستراتيجية قادرة على تحويل التعليم إلى رافعة حقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وأضاف أن التركيز على التعلم بالمشاريع والمهمات العملية يهيئ الطالب لمواجهة تحديات سوق العمل الواقعية، ويزوده بالخبرات العملية والمهارات التطبيقية التي تتيح له الإسهام الإنتاجي منذ اليوم الأول في بيئة العمل، ما يقلل الحاجة للتدريب الطويل ويعزز الإنتاجية والكفاءة في المؤسسات، ويجعل سوق العمل أكثر قدرة على الاستجابة لاحتياجات النمو والاستثمار.
وأشار إلى أن مسار BTEC يتميز بتصميم برامجه وفق احتياجات سوق العمل الوطني، بحيث تتوافق المهارات المكتسبة مع متطلبات القطاعات الصناعية والخدمية والتقنية، لافتا إلى أن هذه المواءمة الدقيقة تحول التعليم المهني من خيار ثانوي إلى مسار إستراتيجي أساسي يضمن تطوير رأس المال البشري بما يتلاءم مع متطلبات الاقتصاد المعاصر.
وبين أن اعتماد هذا النظام دوليا يرفع من تنافسية القوى العاملة الأردنية ويمنح الخريجين شهادات معترف بها عالميا، ما يزيد فرص التوظيف ويجعل الاستثمار في السوق المحلي أكثر جاذبية للمستثمرين المحليين والأجانب.
وأكد أن هذا المسار يسهم في معالجة تحديات البطالة بين الشباب، إذ يمنح الطلاب القدرة على الابتكار وريادة الأعمال، ويطور لديهم مهارات إدارة المشاريع وحل المشكلات والتخطيط والتنفيذ، ما يمكنهم من تأسيس مشاريع صغيرة أو تطوير أعمال قائمة، ويخلق فرص عمل جديدة ويعزز النشاط الاقتصادي المحلي.
وأشار إلى أنه مع التوسع في عدد المدارس والبرامج المهنية، وتطوير بيئة التدريب وتجهيز المشاغل، يضمن هذا المسار إنتاج كوادر مهنية عالية الكفاءة، وهي الركيزة الأساسية لأي اقتصاد مستدام قادر على المنافسة والنمو.
وبين أن مسار BTEC يوفر إطارا متكاملا لتنمية التفكير النقدي والابتكار والعمل الجماعي والتعلم الذاتي، ويحفز الطلاب على ربط ما يتعلمونه بالواقع العملي، مما يعزز من قدراتهم الشخصية والمهنية في الوقت ذاته، فهذا الربط المباشر بين التعليم وسوق العمل يجعل الخريجين عناصر فاعلة في الاقتصاد، قادرين على خلق قيمة مضافة حقيقية سواء في المؤسسات القائمة أو عبر مشاريعهم الخاصة. بالتالي، يصبح التعليم المهني والتقني مسارا إستراتيجيا للنمو الاقتصادي، يرفع إنتاجية القطاعات المختلفة، ويدعم التحول نحو اقتصاد قائم على المهارات والإنتاجية والابتكار.
واعتبر أن الاستثمار في مسار BTEC يؤدي إلى خلق قاعدة من العمالة الماهرة التي ترفع من إنتاجية المؤسسات، وتدفع عجلة النمو الصناعي والتجاري، وتدعم تطوير ريادة الأعمال بين الشباب، مما يخلق فرص عمل جديدة ويزيد من النشاط الاقتصادي المحلي، كما يسهم هذا المسار بتحسين توزيع الموارد البشرية المؤهلة وزيادة تنافسية الاقتصاد الأردني على المستوى الإقليمي والدولي، ويجعل الاستثمار في الاقتصاد الوطني أكثر جاذبية وفاعلية.
وأكد أن برنامج التعليم المهني والتقني ليس مجرد مسار تعليمي، بل أداة مباشرة لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وتحويل الكفاءة البشرية إلى قيمة اقتصادية حقيقية تدعم النمو والابتكار وتمكين الشباب.
تحول نوعي في بنية التعليم
بدوره، قال الخبير التربوي محمد الصمادي: في ظل ارتفاع معدلات البطالة في المملكة يتجدد الحديث بقوة عن ضرورة تطوير التعليم وربطه بسوق العمل، لا سيما مع التحديات التي يفرضها الاقتصاد الحديث.
 وفي هذا الإطار، يبرز مسار التعليم المهني والتقني كأحد أهم المشاريع الوطنية الهادفة لخلق تحول نوعي في بنية التعليم ودوره، وتحويله من منظومة تقليدية إلى أداة تنموية تمتلك تأثيرا مباشرا على الاقتصاد وفرص التشغيل.
وأضاف، أن هذا المسار الذي أطلقته وزارة التربية والتعليم، يجمع بين التعليم النظري والتدريب العملي المكثف، بنسبة تطبيق تصل إلى 80 %، ما يجعله أقرب إلى بيئة العمل الحقيقية، لافتا إلى أن هذا المسار يفتح الباب أمام الطلبة لاختيار تخصصات متعددة، تشمل تكنولوجيا المعلومات، والوسائط الإبداعية، والسفر والسياحة، والضيافة، والهندسة، والتجميل، والإنشاءات والبيئة العمرانية، والزراعة، والأعمال، والفن والتصميم، والرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية، والرياضة، إضافة إلى توجهات جديدة نحو تخصصات تتعلق بالطيران، والألعاب الإلكترونية، والطفولة المبكرة.
وأشار إلى أن هذا التنوع يأتي انعكاسا مباشرا لاحتياجات الاقتصاد الأردني، وللأولويات التي حددتها رؤية التحديث الاقتصادي، التي تركز بجوهرها على بناء مهارات عملية قادرة على دعم القطاعات الإنتاجية والخدمية، وتعزيز تنافسية الأردن في الأسواق الإقليمية.
وبيّن، أن هذا المسار يعالج فجوة المهارات التي يعاني منها سوق العمل منذ سنوات؛ فالتعليم التقليدي، رغم أهميته، لم يعد قادرا وحده على تزويد الخريجين بمهارات عملية تناسب متطلبات القطاعات المتغيرة، أما التعليم المهني والتقني، فيقدم تدريبا مباشرا يجعل الخريج جاهزا لسوق العمل منذ اليوم الأول، الأمر الذي يسهم بخفض نسب البطالة ورفع جودة القوى العاملة.
وفي القطاعات التكنولوجية تحديدا، بحسب الصمادي، يعطي المسار دفعة قوية لخطط التحول الرقمي، عبر تخريج كوادر مؤهلة في البرمجة والوسائط الرقمية وإنتاج المحتوى، ويُتوقع أن يسهم ذلك بتعزيز موقع الأردن كمركز إقليمي للخدمات الرقمية، وجذب مزيد من الاستثمارات في مجال التكنولوجيا.
وأوضح، أن هذا المسار ينسجم مع التوجه العالمي المتسارع نحو الصناعات الإبداعية، إذ يوفر مهارات في التصميم والفنون والإنتاج المرئي، ما يفتح الباب أمام صناعات جديدة مثل صناعة المحتوى، والإعلانات الرقمية، والأفلام القصيرة، ويمكن لهذه الصناعات أن تنتج قيمة اقتصادية مضافة، وتعزز حضور الأردن على الخريطة الثقافية والإبداعية.
وفي القطاع السياحي، أشار إلى أن هذا المسار يسهم في توفير كوادر مدربة قادرة على الارتقاء بجودة الخدمات، وهي خطوة ضرورية لدعم أهداف الأردن برفع عدد السياح خلال السنوات المقبلة، فالسياحة تُعد أحد أهم مصادر الدخل الوطني، وتطويرها يعتمد بشكل أساسي على توافر خبرات بشرية مدربة وفق معايير عالمية.
ولا يقتصر تأثير المسار على القطاعات الخدمية، بل يمتد لقطاعات حساسة مثل الطيران وصيانته، حيث تحتاج السوق الأردنية لفنيين متخصصين بتشغيل المطارات وصيانة الطائرات، ويشكل هذا القطاع فرصة حقيقية للشباب الأردني، خاصة مع توسع شركات الطيران والمشاريع اللوجستية بالمنطقة، بحسبه.
ولفت إلى أن قطاع البناء والإنشاءات سيستفيد من تخريج فنيين قادرين على العمل في مشاريع البنية التحتية التي يستعد الأردن لتنفيذها، وفي مقدمتها المدينة الجديدة "عقبة" ويمثل هذا القطاع أحد أكبر المشغلين للقوى العاملة، ما يجعل الاستثمار فيه عبر التعليم المهني والتقني خطوة إستراتيجية لتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة وتخفيض الكلف.
وأشار إلى أن هذا المسار يقدم دعما كبيرا للأمن الغذائي عبر تأهيل كوادر تعمل في الزراعة الحديثة والتصنيع الغذائي، ويتيح التدريب العملي للطلبة اكتساب مهارات في الزراعة الذكية وإدارة الموارد المحدودة، وهو ما يتماشى مع احتياجات الأردن الزراعية والمائية.
وفي موازاة ذلك، يوفر المسار متخصصين في الرعاية الصحية والاجتماعية، وهي مجالات تشهد طلبا متزايدا على مستوى المستشفيات والمراكز الصحية وحضانات الأطفال، ويسهم هذا النوع من التعليم بتعزيز الخدمات الصحية والاجتماعية وتمكين المرأة اقتصاديا، عبر توفير بيئة رعاية تتيح للأمهات الاندماج في سوق العمل، وفقا له.
وأكد أن أهمية المسار تتجلى أيضا في مجالات الأعمال والإدارة، حيث يُمكّن الشباب من إدارة مشاريع صغيرة ومتوسطة أو إطلاق أعمالهم الخاصة، وهي مشاريع تُعد العمود الفقري للاقتصاد الأردني وتشكل نسبة كبيرة من حجم النشاط الاقتصادي في البلاد.
ونوه إلى أن اتجاه نسب كبيرة من الخريجين لسوق العمل سيقلل الضغط على الجامعات ومن كلف التعليم الجامعي، بحيث يصبح الطلبة الخريجون منتجين يوفرون مصدر دخل لأسرهم بدل أن يكونوا مصدر استهلاك، وعليه يكون هناك تصحيح للمعادلة الاقتصادية بحيث يكون الإنتاج أعلى من الاستهلاك.
وأكد أن مسار التعليم المهني والتقني لم يعد مجرد خيار بديل للتعليم الأكاديمي، بل أصبح مشروعا وطنيا يحمل رؤية اقتصادية واضحة، فعبر تأهيل قوة عمل مدربة وقادرة على المنافسة، يسهم المسار في بناء اقتصاد أكثر قوة ومرونة، ويدعم توجه الأردن نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام يتماشى مع متطلبات المستقبل.
بناء اقتصاد حديث
من جانبه، أوضح الخبير التربوي عايش النوايسة أن "BTEC" يمثل ركيزة أساسية في بناء اقتصاد حديث قادر على المنافسة، لافتا إلى أن هذا المسار يتميز بتطوير مهارات التعلم الذاتي وتحسين الكفايات المطلوبة لسوق العمل، إضافة إلى تعزيز التعلم القائم على الكفايات وتوفير ساعات تطبيقية أكبر.
وبين أن هذا المسار يعتمد على التقييم عبر الإنجازات والمهام، ما يُعِدُّ الطلاب لمهن المستقبل، ويساعدهم في تطوير مهاراتهم العملية والعلمية والشخصية لمواكبة متطلبات سوق العمل، لافتا إلى أن التخصصات المطروحة ضمن هذا المسار مجتمعة تجعل التعليم المهني أكثر مرونة ونوعية وربطا بمتطلبات المستقبل.
وقال، إن التركيز على المهارات يسهم في رفع كفاءة القوى العاملة ويعزز قدرة المؤسسات على الابتكار والإنتاجية، ما ينعكس بدوره على زيادة النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة.
وأضاف، أن الاستثمار بهذا النوع من التعليم لا يقتصر على تلبية الطلب الحالي في سوق العمل، بل يخلق قاعدة بشرية مؤهلة قادرة على مواكبة التحولات المستقبلية في الصناعة والتكنولوجيا والأعمال، الأمر الذي يجعل من هذا المسار أداة إستراتيجية لتعزيز التنافسية.
وأكد، أن الهدف من هذا المسار هو إثراء معارف الطلبة المتدربين في المجالات المهنية، مع التركيز على التطبيق العملي في نطاق التخصص المهني ضمن مشاغل مهنية مجهزة ومرتبطة مع المؤسسات في القطاعين العام والخاص، لتعزيز عمليات اكتساب المهارات المهنية وممارستها في نطاقها المهني بما ينعكس على جودة مخرجات التعليم المهني ويسهم في إيجاد فرص عمل جديدة أمام الشباب وبما يشجع القطاع الخاص على الاستثمار في الطاقات الأردنية الشابة المؤهلة في المجالات الصناعية والإنتاجية والتقنية.
وتابع، أن المسار المهني والتقني "بيتك" يسهم بدعم التنمية الاقتصادية عبر إعداد كوادر مؤهلة تمتلك مهارات عملية مطلوبة في سوق العمل، مما يحدّ من البطالة ويرفع الإنتاجية في القطاعات الصناعية والخدمية.
كما يوفر هذا المسار فرصا لتأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة تدعم الاقتصاد المحلي في المحافظات، وتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة، ويساهم بتحسين جودة الخدمات وزيادة التنافسية. وبناء على ذلك، يشكّل "بيتك" أحد المسارات الداعمة لرؤية التحديث الاقتصادي عبر تمكين الشباب بمهارات مهنية حديثة تُسهم في نمو الاقتصاد الوطني واستدامته، بحسب النوايسة.