أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    04-Jul-2025

الاقتصاد الأردني ينمو رغم الأزمات في الربع الأول من 2025*د. محمد الحدب

 الراي 

رغم التحديات الإقليمية المتزايدة، وعلى رأسها العدوان الإسرائيلي على غزة وتداعيات الحرب الإيرانية الإسرائيلية، يواصل الاقتصاد الأردني إرسال إشارات تعافي إيجابية تدعو إلى التفاؤل، وتؤكد متانة الاقتصاد وإمكانية استعادة زخم النمو بشكل مستدام. إن هذا الأداء اللافت لم يكن ليُحقق لولا القيادة الحكيمة لجلالة الملك عبد الله الثاني، والرؤية المتقدمة لسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله، وجهود الحكومة برئاسة دولة الدكتور جعفر حسان، التي وضعت الإصلاح الاقتصادي وتعزيز الاعتماد على الذات على رأس أولوياتها.
 
 
فقد أظهرت بيانات دائرة الإحصاءات العامة نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.7% في الربع الأول من عام 2025 (بالأسعار الثابتة)، مقارنة بنسبة نمو بلغت 2.2% في الربع الأول من عام 2024، متجاوزًا بذلك التقديرات الرسمية البالغة 2.5%ويعود هذا النمو إلى الأداء الإيجابي في قطاعات اقتصادية متعددة، من أبرزهاقطاع الزراعة وقطاع الصناعات التحويلية.
 
 
أما على صعيد التجارة الخارجية، فقد ارتفعت الصادرات الوطنية خلال الثلث الأول من العام بنسبة 10.6%لتصل إلى 2.752مليار دينار، مقارنة بـ 2.488 مليار دينار لنفس الفترة من عام 2024، فيما بلغت الصادرات الكلية بما فيها المعاد تصديره 3.038 مليار دينار. هذه الزيادة تعكس تحسن تنافسية المنتج الأردني وفاعلية الإجراءات الحكومية لدعم التصدير.
 
 
في السياق ذاته، سجل الاستثمار الأجنبي المباشر ارتفاعًا بنسبة 14.3% في الربع الأول من عام 2025 ليصل إلى 240 مليون دينار، مقابل 210.4 مليون دينار في نفس الفترة من العام الماضي، بحسب البنك المركزي الأردني، مما يعكس تحسّن البيئة الاستثمارية وثقة المستثمرين الدوليين.
 
 
أما فيما يخص الدين العام، فتتوقع الحكومة أن ينخفض رصيده إلى نحو 35.3 مليار دينار بنهاية حزيران 2025، مقارنة بـ 35.8 مليار دينار في نيسان، مع تراجع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي (باستثناء ديون الضمان الاجتماعي) من 93% إلى نحو 91%.، كما تم تسديد سندات يوروبوند بقيمة 1 مليار دولار دون اللجوء إلى إصدار سندات يوروبوندجديدة.
 
 
وفي ما يتعلق بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، أنهى الصندوق بنجاح ثلاث مراجعات لبرنامج "التسهيل الممتد"، مما أتاح للأردن الحصول على دفعة تمويل جديدة بقيمة 134 مليون دولار، ليصل إجمالي التمويل إلى 595 مليون دولار منذ بداية البرنامج في عام 2024، في خطوة تؤكد ثقة المؤسسات الدولية بالأداء الاقتصادي الأردني.
 
 
وعلى صعيد سوق العمل، انخفض معدل البطالة الإجمالي إلى 21.3% في الربع الأول من 2025 مقارنة بـ 21.4% لنفس الفترة من 2024. ورغم أن التراجع يبدو طفيفًا، إلا أن جزءًا كبيرًا منه يُعزى لانخفاض نسبة العمالة الوافدة، مما يعني أن فرص العمل الجديدة تذهب أكثر إلى الأردنيين، وهو تحسن ملموس على أرض الواقع.
 
 
ورغم هذا التحسن في المؤشرات الاقتصادية، إلا أن أثرها لا يزال محدودًا على حياة المواطن اليومية، وهو أمر طبيعي نظرًا لأن نتائج السياسات الاقتصادية تظهر بشكل أوضح على المدى المتوسط والطويل. فتعافي الاقتصاد لا يعني بالضرورة أن جميع المواطنين يشعرون بالتحسن بشكل فوري، بل هو مسار تدريجي سيتعزز بمرور الوقت.
 
 
وفي المقابل، يبقى العجز في الميزان التجاري نقطة مقلقة؛ حيث ارتفع العجز بنسبة 14.5% في الثلث الأول من 2025 ليصل إلى 3.516 مليار دينار، مقارنة بـ 3.07 مليار دينار لنفس الفترة من 2024، نتيجة نمو الاستيراد بنسبة 12.7%، مقابل نمو الصادرات بنسبة10.6% فقط. هذه الفجوة تهدد استقرار الاحتياطيات الأجنبية وتضغط على الحساب الجاري.ولذلك، فإن الحل طويل الأمد يتطلب تعزيز الإنتاج المحلي وتطوير الصناعات الوطنية القادرة على إحلال المستوردات، ما يُسهم في تقليص العجز وتحقيق الاكتفاء الذاتي في سلع استراتيجية.
 
 
من اللافت أيضًا أن الحكومة لم تلجأ إلى قرارات شعبوية، بل اتخذت خطوات جريئة مثل تخفيض الضرائب الجمركية على المركبات وإطلاق حوافز استثمارية رغم انخفاض إيراداتها قصيرة الأجل، مما يعكس إيمانها بأن الإصلاح الحقيقي يتطلب قرارات استراتيجية بعيدة النظر.
 
 
ختامًا، فإن أداء الاقتصاد الأردني في الربع الأول من عام 2025 يعكس مسارًا إصلاحيًا واضحًا بدأ يؤتي ثماره تدريجيًا. ومع استمرار تنفيذ السياسات المالية والنقدية المتوازنة، وتوسيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز الإنتاج المحلي، فإن الأفق الاقتصادي للأردن يبدو أكثر إشراقًا، وبما ينعكس إيجابًا على معيشة المواطن وفرص التشغيل والتنمية الشاملة.