أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    12-Nov-2025

تغير المناخ يعيد تشكيل سوق العمل بالمنطقة

 الغد-هبة العيساوي

 يشهد الأردن والعالم العربي، تحولات متسارعة في سوق العمل تحت تأثير تغير المناخ، الذي لم يعد قضية بيئية فحسب، بل بات تحديا اقتصاديا واجتماعيا يعيد رسم ملامح التوظيف والقطاعات الإنتاجية بالمنطقة.
 
 
فوفقا لتقارير جديدة صدرت عن مكتب منظمة العمل الدولية الإقليمي للدول العربية بمناسبة اليوم الدولي للعمل المناخي، فإن ارتفاع درجات الحرارة وشح المياه وتدهور البيئة أصبحت تؤثر مباشرة في الوظائف والإنتاجية، بخاصة بالقطاعات الحساسة مناخيا مثل الزراعة والبناء والطاقة.
الأردن بصدارة التحول 
نحو الاقتصاد الأخضر
ويُظهر التقرير، إن الأردن من الدول العربية التي اتخذت خطوات ملموسة نحو التحول للوظائف الخضراء، بخاصة بقطاع الطاقة الشمسية الذي يشهد توسعا مطردا، حيث يعمل فيه آلاف الأردنيين بمشاريع صغيرة وكبيرة لتوليد الطاقة النظيفة.
وتشير البيانات إلى أن الاستثمار بالطاقة المتجددة يشكل ركيزة أساسية في الاستراتيجية الوطنية للطاقة، إذ تستهدف المملكة رفع مساهمة المصادر المتجددة في مزيج الطاقة إلى نحو 50 % بحلول عام 2050.
ورغم هذه الجهود، يظل الأردن من أكثر الدول تأثرًا بندرة المياه والإجهاد الحراري، ما يهدد قطاعات رئيسية مثل الزراعة والسياحة، ويؤثر بنوعية الوظائف المتاحة وظروف العمل.
ويؤكد خبراء، إن تعزيز التدريب المهني الأخضر ودعم الابتكار في إدارة الموارد الطبيعية يمكن أن يخفف من أثر المناخ على سوق العمل، ويخلق فرصًا جديدة للشباب والنساء في مجالات الطاقة النظيفة وإدارة النفايات والمياه.
فرص وتحديات بسوق العمل العربي
في السياق الإقليمي، تُظهر التقارير أن تغير المناخ وتدهور البيئة يُلقيان بثقلهما على سوق العمل في الدول العربية، إذ تتعرض قطاعات الزراعة والبناء والصناعة لتحديات كبيرة، بسبب الحرارة الشديدة وشح الموارد المائية والظواهر الجوية المتطرفة.
لكن هذه التحديات تفتح في الوقت ذاته آفاقًا جديدة لوظائف خضراء في مجالات مثل البنية التحتية المستدامة والطاقة المتجددة، ما يتيح إمكانية بناء اقتصادات أكثر مرونة وعدالة.
وتبرز دول الخليج كأكثر جاهزية مؤسسية للتعامل مع آثار التغير المناخي بفضل إمكاناتها المالية وبرامجها الطموحة للتحول الطاقي. فالسعودية وسلطنة عمان مثلًا تعملان على توسيع مشروعات الطاقة المتجددة الكبرى ضمن استراتيجياتهما الوطنية، مستهدفتين توليد 30 - 50 % من الكهرباء من مصادر نظيفة بحلول منتصف القرن.
وفي المقابل، تواجه دول أخرى في المنطقة — لا سيما المتأثرة بالنزاعات— هشاشة مناخية خطيرة، إذ تعاني من نقص المياه النظيفة والكهرباء وتلوث الهواء، ما يزيد من ضعف قدرتها على خلق فرص عمل مستقرة.
مخاطر متزايدة وتفاوتات قائمة
تكشف تقارير منظمة العمل الدولية، إن جميع دول المنطقة تتجاوز الحدود الآمنة لتلوث الهواء وفق معايير منظمة الصحة العالمية، فيما تعد بعض الدول العربية من الأكثر حرارة عالميًا، وهو ما قد يؤدي لفقدان ملايين ساعات العمل سنويًا بسبب الإجهاد الحراري ما لم تُتخذ إجراءات للتكيّف.
كما تبرز الفجوة الجندرية كأحد التحديات المرتبطة بالتحول المناخي، إذ غالبًا ما تتأثر النساء العاملات في القطاعات غير المنظمة بحدة أكبر نتيجة ضعف الحماية الاجتماعية.
وترى المنظمة أن مواجهة هذه المخاطر تتطلب استجابات وطنية متكاملة تشمل سياسات عمل ومناخ متناسقة، واستثمارات في التدريب والتحول العادل لضمان أن يكون الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر شاملاً ولا يُقصي أحدًا.
وقالت خبيرة التحول العادل في المكتب الإقليمي للمنظمة ميت غرانغارد لوند، “الأدلة واضحة: تغير المناخ ليس تهديدا للطبيعة فحسب، بل تحديا لسوق العمل يتطلب عملا منسقا واستشرافيا، يجب أن يسير العمل المناخي والعدالة الاجتماعية جنبا إلى جنب، وهذه التقارير ستساعد دول المنطقة على صياغة سياسات قائمة على الأدلة لضمان انتقال عادل لا يُقصي أحدا”.
ويؤكد التقرير أن الاستثمار الأخضر يمثل مفتاحًا لتوليد فرص العمل المستدامة في المنطقة، وأن الأردن وبقية الدول العربية أمام فرصة تاريخية لإعادة تصميم اقتصاداتها على نحوٍ يوازن بين النمو والتنمية والعدالة البيئية.
ويختتم التقرير بدعوة الحكومات إلى وضع سياسات تشغيل خضراء وربطها بخطط المناخ الوطنية، بما يضمن مستقبلًا اقتصاديًا قادرًا على الصمود في وجه التغيرات المناخية المتسارعة.