الغد
يكمن أحد مواطن قوة الأردن عبر التاريخ في قوة الحضور الملكي على الساحة الدولية، بأبعاده السياسية والاقتصادية والإعلامية وغير ذلك، ليتمكن جلالة الملك عبدالله الثاني، حفظه الله، وخلال سنوات حكمه الرشيد، من نسج شبكة علاقات إستراتيجية دولية، لا مبالغة في القول أنها الأقوى بين دولة في منطقتنا والعالم.
وكل ذلك بفعل المصداقية العالية التي تحظى بها الدبلوماسية الأردنية في مختلف عواصم صنع القرار الدولي، وفي تعاملها مع مختلف القضايا الإقليمية والعالمية، وفي مقدمتها الدفاع عن الحقوق التاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني، والوقوف بحزم مع الإجماع الدولي دفاعا عن أمن وسلم الشعوب في حقبة تموج بالصراعات والحروب.
وهذا الحضور الدولي المميز هو ما يمكن المملكة دوما من توظيف الدبلوماسية، وصولا إلى مراحل متقدمة من التشبيك الاقتصادي، ليسهم كل ذلك في تعزيز عجلة النمو الوطني.
ومن هنا، تأتي جولة العمل الملكية الآسيوية، التي تبدأ اليوم، وتستهدف ترسيخ علاقات المملكة الاقتصادية مع دول فاعلة ليس فقط في المنظومة الآسيوية، بل العالمية أيضا، ما يمهد الطريق للبناء على الجهد الملكي مستقبلا، وبما يصب في مصلحة الوطن والمواطن.
تشمل الجولة، والتي تضم وفدا وزاريا اقتصاديا وممثلين عن مختلف أطياف القطاع الخاص، اليابان وفيتنام وسنغافورة وإندونيسيا وباكستان، وتزخر كل واحدة من هذه الدول بفرص اقتصادية علينا استثمارها بقوة، خصوصا أن الاقتصادات الآسيوية تشكل اليوم ما بين 40 إلى 50 بالمائة من حجم الاقتصاد العالمي.
ومن حسن الطالع وجود رئيس وزراء يقود فريقا اقتصاديا يمتلك من المقومات ما يمكنه من وضع آليات لترجمة نتائج الجولة الملكية إلى فرص استثمارية وتنموية على أرض الواقع.
يدرك العقل الرسمي الأردني أن سنوات جائحة كورونا، وما تبعها من حرب إسرائيلية على غزة لسنتين، قد عطل كثيرا من الفرص الاقتصادية، وعليه فالتحرك بقوة في شرق الأرض وغربها دعما للاقتصاد الوطني هو أولوية ندرك جميعا أن ماكينتها لا تنطلق إلا بقيادة ملكية استطاعت دوما قلب التحديات إلى فرص، وذلك ما يؤسس لمنعة اقتصادية وطنية في مواجهة مختلف التحديات.
الفرص الاقتصادية قادمة بقوة، خصوصا من بوابات توسيع شراكات الأردن الاقتصادية، وترسيخ مكانته مركزا إقليميا جاذبا للاستثمار والتجارة والأعمال والتشغيل، واستقطاب استثمارات نوعية توفر فرص العمل، وتوسيع قاعدة الإنتاج والصادرات والخدمات الأردنية وتعزيز تنافسيتها في الأسواق العالمية، ليتناغم كل ذلك مع رؤية التحديث الاقتصادي والأولويات التنموية للمملكة، خصوصا في قطاعات التعدين، والصناعة، والطاقة، وتكنولوجيا المعلومات، والذكاء الاصطناعي، والنقل، والبنية التحتية وغيرها.
علينا جميعا، كل من موقعه، دعم التوجه الجمعي للدولة والمبادرة بفتح مسارات أكبر للتشبيك الاقتصادي مع دول العالم والقطاع الخاص هناك، وصولا إلى تعزيز أداء الاقتصاد الوطني لتحقيق معدلات نمو تتعاظم سنة بعد أخرى. وفي ذلك مصلحتنا جميعا ومصلحة الأجيال من بعدنا، "وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ".