هل القادم أفضل؟*م. هاشم نايل المجالي
الدستور
إن من أخطر الأزمات التي يمر بها شبابنا اليوم هي أزمة إهمال الثقة بالنفس، وإهمال تزكية النفس، ومدى الحاجة لتطويرها ليعتمد على نفسه بذلك، ويسعى ويجد من أجل ذلك.
فلقد لاحظنا أن الغالبية من شبابنا ينتظرون أن يأتي التغيير والإصلاح من غيرهم، سواء كان ذلك من مسؤولين حكوميين، أو رجال أعمال، أو من دول خارجية توعد بأن القادم نحو وطننا أفضل، كما يردد هذه العبارة الكثير من المسؤولين عنا.
وشبابنا ينتظرون من حكومة إلى حكومة جديدة هذه الإغراءات بأن القادم أفضل، ومن يضمن ذلك ونحن في خضم صراعات متتالية، وأزمات اقتصادية واجتماعية متتالية، وغيرها الكثير.
هذه المقولة (إن القادم أفضل) جعلت من شبابنا لا يبذلوا أي جهد نحو تغيير أنفسهم في واقع الحال الذي نعيشه اليوم، ناسين بذلك أو متناسين أن أساس أي تغيير حقيقي أو إصلاح يجب أن يبدأ من الداخل، بالإرادة، والعزم، والتصميم.
هذه الأقوال يجب ألّا تكون الأسس التي يُعتمد عليها في صناعة مستقبل، انطلاقًا من ذاته، إن أراد التغيير نحو الأفضل.
لأن العاقبة ستكون عكس ما يبغي ويرتضي، لأنه يسقط كل شيء ومعاناته على تلك الوعود من المسؤولين، علمًا بأن السُّنّة الكونية تقول (إن التغيير الحقيقي وطريق أي إصلاح يجب أن يبدأ من الداخل).
إن علماء الاجتماع يقولون: (إن أول مراحل حل أي مشكلة هو الاعتراف بوجود المشكلة، وهو أمر منطقي، فمن لا يعترف بوجود المشكلة والأزمة لن يستطيع حلها أبدًا، لأن الناكر لوجود المشكلة كأنه يريد أن يقول: إنني غير قادر على إحداث التغيير الإيجابي، ولا إلى الإصلاح).
ونحن نعرف أن من جدّ وجد، ومن زرع حصد، ومن سار على الدرب وصل. فعلينا أن نعتمد على أنفسنا في تطوير مهاراتنا بالتعلّم والتدريب، وأخبار المهنة التي تتناسب وقدراتنا وإمكانياتنا أياً كانت، فليس هناك من يعيب العمل المنتج الذي يحقق الدخل ويمكنه من تغطية احتياجاته ومستلزماته، لا أن يركن إلى والديه أو غيره، ولا أن ينتظر أن تمطر السماء ذهباً، أو أن الحكومة ستعطيه راتباً وهو جالس في منزله.
فلا بد من مرحلة العزيمة، والإصرار، والصبر، لنحقق النتائج، وهي الطريق للشفاء من تلك الأزمات، وعليه أن يقتنع أنه جزء من المشروع الإصلاحي والنهضوي لوطنه عندما يكون عنصرًا منتجًا فاعلًا لوطنه، فهو حينها يرتقي بنفسه وبسلوكه إلى غير ما كان عليه من الإنصات إلى هؤلاء المسؤولين بأن القادم أفضل.
ونحن نجد أن كثيرًا من الشركات، والأحزاب، والجمعيات وغيرها، يعانون من تعثّر واضح في مسيرتهم، قد يصل إلى حد الفشل في كثير من الأحيان، ورغم ذلك كله، نجدهم يقاومون نحو التغيير، والتطوير، وإعادة الهيكلة نحو الإصلاح للأفضل، لأن شعارات التغيير والإصلاح والتجديد يجب أن يرافقها التطبيق.
ولن نستطيع أن نواجه أو نُصحّح ونعالج الأزمات والمشاكل المزمنة بنفس العقليات التي كانت هي السبب في تلك الأزمات، لأن الأزمات كانت نتيجة تلك العقليات، ونتيجة طرق تفكيرهم الخاطئة، فكيف لنا أن نعتمد عليها في التغيير نحو الأفضل؟ فالنتيجة في هذه الحالة المتوقعة ستكون نحو فشل آخر.
إذن، لا يمكن أن يتم التغيير باستخدام نفس العقلية وطريقة التفكير للذي سبب تلك الأزمات، والذي أوجد المشكلة، كافة المشاريع المستقبلية تحتاج إلى كوادر مؤهلة، متعلّمة، تقنية، تتعامل مع أحدث التقنيات والتجهيزات في كافة المجالات. وعلى شبابنا الاستعداد لذلك مهنيًا، وعلميًا، وتقنيًا.