في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها سوق العمل عالميًا، يبرز توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بوصفه عاملًا حاسمًا في إعادة تشكيل ملامح المهن وأنماط التشغيل.

 

 

ويجمع مختصون في قطاعات العمل والاتصالات وحقوق العمال على أن الاستثمار في الأنظمة الرقمية وتحليل البيانات بات ضرورة استراتيجية لا خيارًا ترفيهيًا، لما يوفره من قدرة على تحسين الرقابة، ورفع كفاءة برامج التشغيل، وتطوير منصات تدريب قادرة على مواكبة متطلبات الاقتصاد الرقمي.

ويرون أن الانتقال نحو أشكال العمل الجديدة لا يعني بالضرورة ارتفاع البطالة، بل قد يفتح المجال أمام مهن مبتكرة تحتاج إلى مهارات مختلفة، شريطة جاهزية التشريعات، وتدريب العاملين، واستعداد المؤسسات لتبنّي التقنيات الحديثة. 

كما يؤكدون أهمية دور النقابات في تحديث أنظمتها لضمان حماية العاملين في الوظائف المستحدثة، وتهيئة بيئة انتقال آمنة نحو مستقبل مهني يتغير بوتيرة غير مسبوقة.

وكان وزير العمل الدكتور خالد البكار أكد أن الوزارة تتجه بقوة نحو توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في متابعة بيانات السوق، وتحسين إجراءات التشغيل والرقابة، وتطوير منصات تدريب ذكية من شأنها رفع جودة البرامج التدريبية. 

وأضاف أن الاستثمار في التكنولوجيا بات محورًا أساسيًا في استراتيجية الوزارة، بهدف مواءمة مخرجات القوى العاملة مع متطلبات الاقتصاد الرقمي وتسريع جاهزيتها لمهن المستقبل.

تغيير خريطة العمل

وفي هذا الصدد، رأى الناشط في حقوق العمال حاتم قطيش أن التسارع في توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي من شأنه أن يغيّر خريطة سوق العمل ويعيد تشكيل مستقبل المهن، مع اختفاء أشكال عمل وظهور أخرى جديدة. 

وأضاف قطيش إن دخول التكنولوجيا لا يعني بالضرورة ارتفاع البطالة إذا أحسنا إدارة المرحلة؛ فالمهن المستحدثة ستخلق فرصًا جديدة تحتاج إلى مهارات وأيدٍ عاملة مؤهلة. 

وأكد ضرورة أن تبادر الحكومة إلى تجويد التشريعات لحماية العمال، وأن يعمل أصحاب العمل على تدريب العمال الحاليين على المهارات الجديدة، مشيرًا إلى أن على النقابات العمالية أيضًا تطوير أنظمتها بما يسمح باستيعاب العاملين في المهن الجديدة وضمان حقهم بالانتساب، ثم إبرام عقود عمل جماعية تضمن انتقالًا آمنًا نحو مستقبل العمل.

ضرورة امتلاك البيانات

من جانبه، قال وزير الاتصالات الأسبق مروان جمعة إن نجاح وزارة العمل في هذا التوجه يعتمد على امتلاك بيانات دقيقة ومتكاملة، مشيرًا إلى أن "المعلومة تعني القوة". 

وأضاف جمعة إن الاتجاه نحو الذكاء الاصطناعي يمثل مرحلة متقدمة من "تفكير البيانات" وتحليلها، بما يضمن سلامة الأرقام والمعادلات التي تُبنى عليها القرارات.  وأكد أن اعتماد الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات المستقبلية هو "خيار سليم ومطلوب"، لأنه يقوم على أسس علمية تدعم صانع القرار.

تطور مهم

بدوره، أكد رئيس بيت العمال حمادة أبو نجمة أن بيت العمال يشجّع التوسع في استخدام التكنولوجيا وأشكال العمل الحديثة، معتبرًا أن أي توجه في هذا المجال يمثل خطوة إيجابية. 

وأضاف أبو نجمة إن استخدام التكنولوجيا يعد تطورًا مهمًا سواء في تنظيم العمل أو التدريب أو برامج التشغيل، مؤكدًا أهمية تأهيل العمال لاستخدام هذه التقنيات وتشجيع المؤسسات على الاستثمار فيها، لما لذلك من أثر في رفع كفاءة سوق العمل وتحسين بيئته.