أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    06-Sep-2025

مع تزايد التوسع العمراني في عمان.. كيف يمكن زيادة المساحات الخضراء؟

 الغد-محمد الكيالي

 تشهد مدينة عمان وتيرة توسع عمراني متسارعة، ما يترك أثرًا مباشرًا على ملامح المدينة ومساحاتها المفتوحة. 
وتغطي حاليا المناطق المبنية ما يقارب 37 % من إجمالي مساحة العاصمة، ما يجعل قضية الحفاظ على البيئة الحضرية وتعزيز الغطاء النباتي من أبرز الأولويات. 
 
 
مع استمرار النمو العمراني والتجاري، تتراجع المساحات الخضراء التي تعد عنصرًا جوهريًا بتحسين جودة الحياة، الحد من التلوث، وتوفير متنفس صحي للسكان.
في ظل هذه التحديات، تتزايد الدعوات لتبني سياسات وتشريعات واضحة تضمن زيادة الرقعة الخضراء داخل المدينة، حيث يشمل ذلك دمج الحدائق والساحات العامة ضمن المشاريع العمرانية الجديدة، وتحفيز المطورين على تخصيص مساحات للتشجير، إلى جانب إطلاق مبادرات مجتمعية تهدف إلى إحياء الحدائق وصيانة الأشجار.
ويطرح بقوة خيار الاستفادة من المياه المعالجة، إضافة لإعتماد منهجيات الزراعة المستدامة لمواجهة أزمة شح المياه. 
تجدر الإشارة إلى أن نصيب الفرد من المساحة الخضراء ضمن الأراضي التي تتبع لأمانة عمّان تبلغ 4.1 م2، وقبل 5 أعوام كانت 2.5 م2 للفرد، وهو أقل بكثير من المعايير العالمية التي توصي بتوفير 9 م2  للفرد، ما يؤكد الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات فاعلة للحفاظ على التوازن البيئي داخل العاصمة.
تخصيص حدائق عامة
ومن هنا، أكد نقيب المهندسين م. عبدالله غوشة، أن توسيع الرقعة الخضراء في مدينة عمان يتطلب اعتماد سياسات وتشريعات واضحة من قبل الحكومة وأمانة العاصمة، مشيرا إلى أن المساحة المبنية في المدينة تشكل نحو 37 % وتشمل الطرق والمباني السكنية والتجارية والصناعية وغيرها.
وأوضح في رده على تساؤلات حول الخطوات الممكنة لتعزيز الغطاء النباتي في عمان، أن هناك مجموعة من السياسات التي يمكن تطبيقها، أبرزها إلزام المشاريع الجديدة بتخصيص نسبة من أراضيها كحدائق وهو ما ينص عليه التشريع القائم.
وأضاف: "غير أن الأمر، يستدعي أيضا وضع حوافز إضافية تشجع المطورين العقاريين على دمج مساحات خضراء أكبر مثل منح تسهيلات في التراخيص أو إعفاءات ضريبية مقابل زيادة نسبة الحدائق، خصوصا في المشاريع المستقلة"، إلى جانب أهمية الحفاظ على الأراضي العامة كمتنفس حضري وعدم تحويلها إلى مشاريع تجارية أو سكنية.
وبين أن من بين الخطوات المهمة أيضا إطلاق برامج لتشجير الشوارع وزراعة الأرصفة والجزر الوسطية، إلى جانب التوسع في زراعة الأسطح والجدران الخضراء في المباني الحكومية والخاصة، شريطة أن تتم هذه العملية وفق "كود" واضح يحدد معايير الغطاء النباتي ونوعية التشجير المناسب. 
ولفت إلى أن المشكلة الرئيسة في هذا السياق تكمن بأن بعض أنماط التشجير تعيق حركة المشاة، الأمر الذي يستدعي وضع معايير دقيقة تراعي الجوانب البيئية والوظيفية في آن واحد.
وأشار إلى أن عمان شهدت سابقا مبادرات عديدة في هذا المجال، مؤكدا ضرورة إعادة إحيائها كإشراك السكان والمدارس والجامعات، بحملات غرس الأشجار وصيانة الحدائق إلى جانب تنظيم أنشطة توعوية تسلط الضوء على فوائد زيادة المساحات الخضراء بتقليل التلوث وتحسين جودة الحياة. 
ودعا لتبني زراعة النباتات المحلية قليلة الاستهلاك للمياه، في ظل التحديات المائية التي يواجهها الأردن، وإنشاء أحزمة خضراء تحيط بالمدينة، بما يسهم بالحد من التوسع العمراني العشوائي والتقليل من التلوث.
ووفق دراسات عالمية، تتمثل إحدى أهم الخطوات بإدماج المساحات الخضراء ضمن المخططات التنظيمية للمدينة، عبر إلزام المشاريع الجديدة بتخصيص نسبة من أراضيها كحدائق أو ساحات عامة. 
وشدد على أهمية إنشاء ما يعرف بـ"الصناديق الخضراء" بتمويل مشترك بين القطاع الخاص والمجتمع المدني والحكومة، بحيث تخصص هذه الصناديق لتطوير الحدائق وتشجيع الشراكات مع الشركات لدعم المشاريع البيئية.
كما لفت غوشة لضرورة أن يشمل "كود الغطاء الأخضر" أسطح المباني والجدران الاستنادية بالمدينة، باعتبار أن عمان مدينة جبلية تحتوي على العديد من هذه الجدران التي تحتاج إلى حلول بيئية مبتكرة. 
ويعد وضع هذا الكود خطوة أساسية، بحيث يشترط الحصول على ترخيص مسبق للقطع، مع إلزام المتسبب بالتعويض إما عبر الزراعة البديلة أو التمويل.
توفير حماية خاصة للأشجار الكبيرة 
كما يجب توفير حماية خاصة للأشجار الكبيرة ذات القيمة التاريخية. وفي الإطار نفسه، يمكن إدراج اشتراطات خضراء ضمن رخص البناء، مثل تحديد حد أدنى للتشجير على الأرصفة والجزر الوسطية، واعتماد معامل ظل للشوارع ومعامل نفاذية للأرضيات، بما يسهم بتعزيز الاستدامة الحضرية.
وأضاف غوشة أن من المهم إدخال اشتراطات خضراء في رخص الأبنية، بحيث يلزم المستثمرين بحد أدنى من التشجير على الأرصفة، وتطبيق معايير مثل "معامل ظل الشوارع" و"معامل نفاذية الأرضيات".
وشدد على ضرورة فرض "رسم تعويض بيئي" عند تحويل الأراضي العامة إلى استعمالات عالية الكثافة من دون زيادة مكافئة في المساحات الخضراء، مجددا الدعوة إلى إنشاء صندوق أخضر حضري بتمويل مشترك بين القطاعين العام والخاص، ليكون أداة فاعلة لشراء أراض مخصصة كحدائق ولصيانة مشاريع التشجير.
وتظهر المقارنة مع المعايير العالمية أن المعدل الطبيعي لنصيب الفرد من المساحات الخضراء يبلغ نحو 9 م2، في حين لا يتجاوز نصيب الفرد في العاصمة عمان حاليا 3.2 م2، أي ما يعادل نحو 28 % فقط من المعدل العالمي. 
ويعكس هذا التفاوت الكبير الحاجة الماسة إلى تبني سياسات حضرية وبيئية جادة تُسهم في رفع مستوى الغطاء النباتي وتحسين جودة الحياة في المدينة.
إعادة تدوير المياه
وفي ظل التحديات المائية التي يواجهها الأردن، قال نقيب المهندسين إن الإدارة المستدامة للمياه تصبح عنصرا محوريا للحد من تلك التحديات. 
ومن بين الحلول المقترحة، استخدام المياه المعالجة أو الرمادية لري الحدائق إلى جانب تبني زراعة نباتات محلية قليلة الاستهلاك للمياه بما يخفف الضغط على الموارد المائية العذبة.
وشدد، على أهمية الدور المجتمعي كأحد الركائز الأساسية عبر إطلاق مبادرات تشاركية مع السكان والمدارس والجامعات لغرس الأشجار وصيانة الحدائق، إضافة إلى تنظيم حملات توعوية تبرز أهمية المساحات الخضراء في خفض نسب التلوث والارتقاء بجودة الحياة.