أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    08-Dec-2025

أهمية التحولات الاقتصادية في دول الخليج*عدنان أحمد يوسف

 الغد

سبق أن كتبتُ مقالا حول قرار وكالات التصنيف الائتماني تخفيض تصنيف البحرين، وبينت فيه وجهة نظري بأن هذه التقييمات لا تعكس بصورة عادلة حقيقة التحولات الاقتصادية التي تشهدها المملكة. وأوضحتُ آنذاك أن تركيز الوكالات على حجم الدين العام والعجز المالي وحدهما يُنتج قراءة مبتورة، لا ترى الصورة الكاملة لاقتصاد أصبح أكثر تنوعا وقدرة على توليد النمو من خارج القطاع النفطي، ولا تُقيم بما يكفي قوة القطاع المالي ولا الإصلاحات المتراكمة ولا السجل الائتماني النظيف للدولة.
 
 
ومؤخرا، قرأتُ مقالا نشرته مجلة الاقتصاد والأعمال حول التصنيف الائتماني للسعودية، ولاحظت أن الأفكار التي وردت فيه تتطابق بدرجة كبيرة مع ما طرحته في مقالي السابق عن البحرين؛ إذ ذهب المقال إلى أن وكالات التصنيف ما تزال تعتمد منهجيات قديمة تعجز عن فهم التحول الهيكلي العميق الذي شهدته الاقتصادات الخليجية خلال العقد الأخير. وهي منهجيات تركز على الدين والإنفاق بوصفهما محور التقييم، في حين تغفل التحولات الاقتصادية التي لم تعد قابلة للتجاهل. وهذا المنظور، الذي تناوله المقال بوضوح في سياق السعودية، يمكن إسقاطه على البحرين أيضا.
فالتقييمات الدولية ما تزال تنظر إلى البحرين من زاوية "اقتصاد ريعي"، رغم أن الواقع تغير جذريا. اليوم، يشكل القطاع غير النفطي أكثر من أربعة أخماس الناتج المحلي، وهو ما يجعل البحرين من أكثر الدول الخليجية تقدما في مسار التنويع. هذا التحول ليس مجرد رقم، بل يعكس انتقالا فعليا في بنية الاقتصاد، حيث باتت قطاعات، مثل الخدمات المالية، والسياحة، والتكنولوجيا، والخدمات اللوجستية، تلعب دورا قياديا في النمو، وتمنح الاقتصاد قدرة أكبر على امتصاص التقلبات الخارجية. ومع ذلك، ما تزال وكالات التصنيف تعتمد نماذج تفترض أن النفط هو المحدد الأول والأخير للثروة الاقتصادية.
وما أشار إليه مقال الاقتصاد والأعمال ينطبق على البحرين أيضا: فالتغيرات الهيكلية الكبرى التي تشهدها دول الخليج لا تجد وزنها المناسب في نماذج التصنيف لأن هذه النماذج صُممت لعصر مختلف، حين كانت الاقتصادات الخليجية تعتمد على مصدر واحد للدخل. أما اليوم، فالمشهد تغير؛ فهناك استثمارات واسعة، وإصلاحات مالية متراكمة، ومشاريع بنية تحتية كبرى، وقطاعات إنتاجية جديدة تعيد رسم ملامح الاقتصاد. البحرين ليست استثناء من هذا التحول، بل هي جزء أساسي منه.
ومن الجوانب التي يغفلها التقييم الائتماني أيضا، قوة القطاع المالي البحريني الذي حافظ لسنوات على دوريه الإقليمي والدولي، وعلى مستويات ملاءة عالية وقواعد مصرفية راسخة. هذا القطاع، الذي لطالما شكل حجر الزاوية في اقتصاد البحرين، يعد عنصرا أساسيا في تقييم المخاطر السيادية، لكنه لا يظهر في تقارير التصنيف إلا بصورة هامشية. كذلك، فإن البحرين تتمتع بسجل ائتماني نظيف لم يشهد أي تعثر في السداد، حتى في أصعب المراحل، وهو سجل يفترض أن يكون عاملا قويا في تقييم الجدارة الائتمانية، إلا أن وزنه يبقى محدودا في حسابات الوكالات.
إن ما توصل إليه مقال الاقتصاد والأعمال يعزز القناعة بأن تقييمات وكالات التصنيف تحتاج إلى تحديث جذري. وإذا كانت السعودية، بحجم اقتصادها ومشاريعها العملاقة، تعاني من قصور هذه النماذج، فإن البحرين بطبيعة الحال تتأثر أكثر. وهذا ما دفعني في مقالي السابق إلى الدعوة لقراءة أكثر عدالة لاقتصاد البحرين، ترى التحول الهيكلي، وتلتفت إلى قوة القطاعات غير النفطية، وتُقيّم السجل الائتماني والقطاع المصرفي والإصلاحات، بدل أن تُختزل الدولة في رقمَي الدين والعجز.
ولذلك أيضا، وكما اقترحت سابقا، يجب تأسيس وكالة خليجية عالمية تتولى تصنيف دول الخليج والدول العربية الأخرى وتركز على المعطيات الخاصة بهذه الدول.