الدستور
أمس الأول الخميس، أُسدل الستار على مناقشات مجلس النواب لمشروع «موازنة 2026»، بإقرار المجلس للمشروع بعد مناقشات تحت القبّة، ونحو (104) اجتماعات عقدتها «مالية النواب» على مدى نحو (3) أسابيع.. وسيتم تحويل المشروع لمجلس «الأعيان» ثم توشيح المشروع بالإرادة الملكية السامية، كي يبدأ العمل بما جاء في مشروع الموازنة مع بداية العام المقبل(2026).
أُسدل الستار على مناقشات مشروع الموازنة بعد «كرّ» و»فرّ»، في كلمات السادة النواب في مثل هكذا مناقشات لمشروع الموازنة، الذي يشكّل- عادة- فرصة سانحة لمطالبات النواب لناخبيهم في دوائرهم الانتخابية، وللكتل وممثلي الأحزاب أمام ناخبيهم أيضا.. ولكن ماذا بعد كل ذلك؟ وهل أُنجزت المهمة بإقرارالموازنة؟
نتمنى هذه المرّة أن نجد اختلافات إيجابية بالتعامل مع «الموازنة»- بعد إقرارها، خصوصا وأنها تمثل رؤية- بل برنامج عمل الحكومة المالي والاقتصادي والاجتماعي للعام المقبل- بكل تفاصيلها التي تمّت مناقشتها، ولذلك أعتقد أن المطلوب هذه المرّة دور آخر من الجميع تجاه الموازنة بعد إقرار مشروعها.. يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:
1 - مطلوب من الحكومة- التي بادرت بتقديم المشروع في وقت مبكّر، ممّا ساعد ومكّن من إقرارها بتوقيت مناسب، يساعد الحكومة على البدء بتنفيذها مع بداية العام المقبل، وخصوصا ما يتعلق بالمشاريع الرأسمالية التي- إن تمّ تنفيذها وإنفاقها، فالأمل كل الأمل بأن تُحدث فرقًا إيجابيًا، ينعكس على تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، ويساهم برفع معدلات النمو وخلق فرص العمل.
2 - مطلوب من الحكومة أيضا، الإعلان عن برنامجها التنفيذي للمرحلة الثانية لرؤية التحديث الاقتصادي للأعوام(2026-2029)، والذي سيتم خلال الأسابيع المقبلة- كما وعد رئيس الحكومة د. جعفر حسان من تحت قبة البرلمان-.. ومن المؤكد أن موازنة 2026 ستكون منسجمة تمامًا وداعمة لرؤية التحديث الاقتصادي وبرنامجها التنفيذي.
3 - مطلوب من الحكومة كذلك، الإعلان عن مشاريعها الكبرى، وبرنامج تنفيذ تلك المشاريع ليس فقط للعام 2026 بل وحتى 2029، والتي تصل قيمتها لنحو (10 مليارات دولار) وتمثل مشاريع كبرى قادرة على النهوض بالاقتصاد الوطني ورفع معدلات النمو وخلق الوظائف، وفي مقدمة تلك المشاريع:(الناقل الوطني للمياه+ سكك الحديد+ مشاريع الغاز والطاقة+ مشاريع النقل+ مشروع مدينة عمرة الجديدة+.. وغيرها من المشاريع الكبرى).
4 - مطلوب من السادة النواب، عموما، متابعة ما صوّتوا عليه وأقروه في بنود الموازنة، ومحاسبة الحكومة إن هي تلكّأت أو قصّرت بتنفيذ ما جاء في الموازنة وتحديدا في: (مخصصات المشاريع الرأسمالية+ مخصصات الشبكة الاجتماعية+ مخصصات رؤية التحديث الاقتصادي).
5 - مطلوب من «مالية النواب»- تحديدا- متابعة تنفيذ «توصياتها» على الموازنة، ومتابعة تنفيذ «الممكن» منها- على أقل تقدير- و»مراجعة فصلية» للموازنة، وسير العمل بتنفيذها، لأن ذلك من صميم عملها ودورها.
6 - مطلوب من السادة الأعيان، متابعة التوصيات التي ستسفرعنها مناقشات مشروع الموازنة، وقد عوّدتنا «مالية الأعيان» في السنوات الماضية على توصيات كفيلة- إن نُفّذت- بإحداث نقلة نوعية في مختلف القطاعات الاقتصادية، ولكن المشكلة- كما يبدو- تكمن بعدم إلزامية التوصيات للحكومة بالأخذ بها، أو مجرد الاطلاع عليها.
7 - مطلوب من القطاع الخاص، ممثلا بغرف الصناعة، والتجارة، ورجال الأعمال، وغيرها من الجهات، متابعة ما يخصّها في الموازنة- وهو كثير- إيمانا بدورالقطاع الخاص بالنهوض بالاقتصاد الوطني ودوره في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، والمراهنة عليه بتحقيق مرتكزات رؤية التحديث الاقتصادي وتحديدا مساهمته برفع معدلات النمو وخلق فرص العمل وجذب مزيد من الاستثمارات وخصوصا من أجل تنفيذ «المشاريع الكبرى».
8 - مطلوب من كافة قطاعات المجتمع المعنية- والجميع معني بالموازنة بصورة مباشرة أو غير مباشرة- وتحديدا الإعلام بكافة وسائله، متابعة الموازنة ومدى تنفيذها، وخصوصا ما يتعلق بـ:(المشاريع الرأسمالية+ مخصصات مشاريع المحافظات+ مخصصات الشبكة الاجتماعية+ العمل على تخفيض نسبة المديونية للناتج الإجمالي المحلي+.. إلخ).
*باختصار:
تُقرّ الموازنة عادة بانتهاء مناقشاتها والتصويت على بنودها، لتبدأ مرحلة جديدة تتطلب من الجميع العمل على ضمان تنفيذها- المناط بالحكومة كسلطة تنفيذية- ولكن هناك دور «متواصل» على السلطة التشريعية، وعلى السلطة «الرابعة»، وباقي قطاعات وشرائح المجتمع، لأنّ الموازنة- وإن كانت مليئة بالأرقام، لكن أهمية تلك الأرقام تكمن بأنها تمسّ كل قطاع، وكل بيت، وكل مواطن، بصورة مباشرة وغير مباشرة.