أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    28-Dec-2025

هل تعود سورية بوابة العرب الزراعية لأوروبا؟

 الغد-عبدالله الربيحات

 يُعد رفع العقوبات الأميركية عن سورية عبر إلغاء قانون قيصر فرصة تاريخية لإعادة سورية إلى مكانتها الطبيعية كجسر تجاري وزراعي بين العالمين العربي والأوروبي، وفق خبراء في الزراعة.
 
 
وبين الخبراء في تصريحات منفصلة لـ”الغد”، أنه إذا ما استثمرت سورية هذه الفرصة بذكاء، فيمكن أن تتحول إلى نقطة انطلاق جديدة لتعزيز الأمن الغذائي العربي، وتوسيع الأسواق أمام المنتجات الزراعية، وإعادة سورية إلى قلب التجارة الإقليمية والدولية، وعلى الحكومات والمزارعين والمستثمرين التحرك بسرعة لاستثمارها قبل ضياعها.
وأكدوا أن العودة للتصدير عبر سورية تتطلب أكثر من مجرد رفع للعقوبات، إذ تحتاج إلى رؤية إستراتيجية، تبدأ بإعادة تأهيل الموانئ والطرق البرية، وتطوير أنظمة التخزين والتبريد، وضمان مطابقة المنتجات الزراعية للمواصفات الأوروبية من حيث الجودة والصحة النباتية، كما أن بناء شراكات عربية – سورية سيكون ضروريا لتنسيق الإنتاج والتسويق، بحيث تتحول سورية إلى مركز تجميع وتصدير للمنتجات الزراعية العربية.
وأشاروا إلى أن التصدير عبر سورية يمثل طريق الترانزيت إلى تركيا، باعتباره خيارا واعدا لرفع تنافسية الصادرات الزراعية الأردنية باتجاه أوروبا الشرقية والوسطى، بشرط استكمال عناصر الامتثال الفني الأوروبي، وتعزيز سلسلة التبريد، وإدارة المخاطر والتأمين، واتباع نهج تشغيلي تدريجي قابل للقياس والتطوير.
رسم خريطة التجارة الزراعية  
سفير الأمم المتحدة للأغذية سابقا، د. فاضل الزعبي، بيّن أن إلغاء قانون قيصر ليس مجرد حدث قانوني أو سياسي، بل هو تحول اقتصادي يمكنه إعادة رسم خريطة التجارة الزراعية في المنطقة لسنوات طويلة.
 وأشار الزعبي إلى أن هذا القانون كان بمنزلة جدار عازل حَرَم سورية من دورها الطبيعي كجسر بين الشرق والغرب، وأضعف قدرة المزارعين العرب على الوصول للأسواق الأوروبية، لافتا إلى أنه مع رفع القيود عن سوريا حاليا، فإن الباب أمام ينفتح لفرصة تاريخية لإعادة بناء شبكة التبادل التجاري الزراعي، وإحياء دور سورية كممر رئيس للمنتجات الزراعية العربية والأردنية إلى أوروبا.
 وأضاف أن أهمية التبادل التجاري الزراعي ليست مجرد حركة بضائع، بل شريان حياة للأمن الغذائي العربي؛ فعندما تنتقل الحمضيات من الساحل السوري، أو الزيتون من المغرب وتونس، أو التمور من العراق والخليج عبر الموانئ السورية، فذلك لا يعني فقط تصدير منتجات، بل يعني أيضا تعزيز قدرة المزارعين على الاستمرار، وتوفير عملات صعبة للاقتصادات المحلية، وتقليل الاعتماد على منافذ بعيدة ومكلفة.
 مشيرا إلى أن أوروبا التي تبحث عن منتجات طبيعية ذات جودة عالية يمكن أن تكون سوقا مثالية للمنتجات العربية، إذا ما استُثمِرت سورية مجددا كبوابة عبور.
 وأوضح أن العودة للتصدير عبر سورية تتطلب أكثر من مجرد رفع العقوبات؛ إذ تحتاج لرؤية إستراتيجية تبدأ بإعادة تأهيل الموانئ والطرق البرية، وتطوير أنظمة التخزين والتبريد، وضمان مطابقة المنتجات الزراعية للمواصفات الأوروبية من حيث الجودة والصحة النباتية.
 كما أن بناء شراكات عربية-سورية سيكون ضروريا لتنسيق الإنتاج والتسويق، بحيث تتحول سورية لمركز تجميع وتصدير للمنتجات الزراعية العربية.
 وقال الزعبي إن المزارعين الأردنيين أمام فرصة نادرة؛ ففتح الأسواق الأوروبية عبر سورية يعني توسيع دائرة الطلب على منتجاتهم، وزيادة قدرتهم التنافسية، بخاصة إذا ما جرى التركيز على المحاصيل ذات القيمة العالية كالزيتون والتمور والحمضيات والحبوب، ما سيمنحهم حافزا للاستثمار في تحسين الجودة، واعتماد تقنيات حديثة في الزراعة والتخزين، ويرفع مستوى الإنتاج ويعزز القدرة على المنافسة في الأسواق العالمية.
وأشار إلى أنه برغم الفرص الكبيرة، هناك تحديات لا يمكن تجاهلها، كالبنية التحتية السورية التي تحتاج لإعادة تأهيل واسعة، كما أن القطاع الزراعي العربي يحتاج لتنسيق أكبر لتجنب فوضى العرض والطلب.
كذلك فإن أوروبا تفرض معايير صارمة على المنتجات الزراعية، وهو ما يتطلب استثمارات في المختبرات والفحص الصحي، وحملات تسويقية قوية لإعادة بناء الثقة بالمنتجات العربية.
وقال الزعبي، إن إلغاء قانون قيصر ليس مجرد رفع للعقوبات، بل فرصة تاريخية لإعادة سورية لمكانتها الطبيعية كجسر تجاري وزراعي بين العالمين العربي والأوروبي، وإذا ما استُثمرت هذه الفرصة بذكاء، فيمكن أن تتحول إلى نقطة انطلاق جديدة لتعزيز الأمن الغذائي العربي، وتوسيع الأسواق أمام المنتجات الزراعية، وإعادة سورية إلى قلب التجارة الإقليمية والدولية، مشددا على أنها لحظة فارقة، وعلى الحكومات والمزارعين والمستثمرين التحرك بسرعة لاستثمارها قبل أن تضيع.
خيار لوجستي مهم
وقال وزير الزراعة الأسبق سعيد المصري: «يمثل فتح مسارات الترانزيت البرية عبر سورية ثم تركيا، خيارا لوجستيا مهما أمام الصادرات الزراعية الأردنية، خصوصا باتجاه أسواق أوروبا الشرقية والوسطى، بما يخفف الاعتماد على مسارات النقل البحري والجوي، ويعيد تنشيط ميزة الأردن كمركز عبور وتجارة إقليمية».
ولفت المصري إلى المزايا التنافسية لمسار سورية–تركيا (باب الهوى)، مثل ميزة الزمن للمنتجات الطازجة، إذ يُعد عنصر الزمن حاسما في تجارة الخضراوات والفواكه؛ من هنا، فإن الطريق البري يتيح الوصول بسرعة أكبر نسبيا للتجار، مقارنة بالشحن البحري، وهذا بدوره سيقدم منتجا ذا جودة عالية عند وصوله لجهته، ويرفع القدرة على المنافسة.
وأضاف: كذلك فإن خفض كلف اللوجستيات مهم هنا، إذ إنه عندما ينتظم النقل البري وتتحسن حركة العودة للشاحنات، وتتراجع أزمنة الانتظار والمناولة، تنخفض الكلفة الكلية على المصدر، وتتوسع القدرة على التسعير التنافسي في الأسواق الخارجية، مشيرا إلى أن تنويع الممرات وتقليل المخاطر التجارية (تنويع المسارات (بري/بحري/جوي) يقلل أثر أي اضطراب مفاجئ في ممر واحد، ويمنح المصدر الأردني مرونة أعلى في التخطيط الموسمي وإدارة العقود.
ولفت إلى فتح أسواق موسمية واستعادة فرص التصدير السريع، فالمسار البري يخدم الصادرات الموسمية ذات الحساسية الزمنية (خضراوات وفواكه طازجة وأعشاب)، ويتيح توريدا متكررا بكميات أصغر وفق طلب السوق بدل الشحنات الكبيرة المتباعدة.
 وأشار المصري إلى أهمية تنشيط اقتصاد الترانزيت والخدمات المساندة، لافتا إلى أن عودة الترانزيت تعني نشاطا إضافيا لقطاعات النقل، والتخليص، والخدمات اللوجستية، وسلاسل التبريد، ما يدعم فرص العمل والإيرادات المرتبطة بالخدمات التجارية.
 وأضاف أن شروط النجاح لضمان عودة فعّالة ومستدامة تتطلب الامتثال لحاجات الأسواق الأوروبية، إذ لا يكفي فتح الطريق وحده؛ بل يتطلب التصدير الأوروبي التزاما صارما بالاشتراطات الصحية والنباتية، وحدود متبقيات المبيدات، والتتبع، واعتماد محطات التعبئة والتدريج وسلامة سلسلة التبريد.
وبين أهمية جاهزية سلسلة التبريد والعبوات، معتبرا بأن نجاح الطريق يعتمد على الحفاظ على درجة الحرارة منذ الحقل وحتى التسليم، واستخدام تغليف مناسب، وجدولة تحميل/ تفريغ تقلل الفاقد والهدر، مؤكدا أن إدارة مخاطر الطريق والتأمين، ينبغي معها اعتماد بروتوكول واضح لإدارة المخاطر الأمنية واللوجستية والتأمين المناسب، والحركة ضمن أوقات محددة، ومراقبة نقاط التوقف، إلى جانب التحديث المستمر لحالة الطرق والمعابر.
 كذلك، فإن اعتماد نموذج تشغيل تدريجي مهم جدا، منذ بداية تطبيق المسار عبر شحنات تجريبية متدرجة، ثم التوسع وفق نتائج الأداء، مع البدء بسلع أقل حساسية ثم الانتقال تدريجيا إلى الطازج عالي الحساسية، مشيرا إلى أن طريق الترانزيت عبر سورية وتركيا يمثل خيارا واعدا لرفع تنافسية الصادرات الزراعية الأردنية باتجاه أوروبا الشرقية والوسطى، بشرط استكمال عناصر الامتثال الفني الأوروبي، وتعزيز سلسلة التبريد، وإدارة المخاطر والتأمين، واتباع نهج تشغيل تدريجي قابل للقياس والتطوير.
تحفيز الحركة الاقتصادية السورية
الخبير بالمركز الوطني للبحوث الزراعية سابقا د. حسان العسوفي، قال إن “إلغاء قانون قيصر سيحفز الحركة الاقتصادية السورية، ويسهل التبادل التجاري بين الأردن وسورية، لا سيما الزراعي أكان ذلك في مدخلات الإنتاج أو تسويق المنتجات الزراعية ذاتها”.
 مضيفا بأن سورية نافذة تسويقية محورية وأساسية للمنتجات الزراعية والغذائية الأردنية بحكم الجوار والعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ما سيعزز التبادل التجاري الزراعي ويرفع قيم الصادرات الزراعية الأردنية.
كما أن سورية نقطة عبور بري واعدة للأسواق الأوروبية، ما يجعل تصدير المنتجات الزراعية أكثر سهولة ونفعا اقتصاديا عبر التصدير المباشر، وهذا يحتاج إلى تنظيم التبادل، مشيرا إلى أن إبرام الاتفاقيات وتحديد روزنامات تسويقية واضحة المعالم خطوة مهمة لدعم الصادرات وتنظيم السوق، مبينا أن فتح الأسواق السورية وتسهيل عبور الصادرات الزراعية للدول الأوروبية سيشجع الزراعات التعاقدية لمدى طويل، ويدفع بعجلة الممارسات الزراعية السليمة، ويعتبر قيمة مضافة للاقتصاد الأردني.
وادي الأردن ميزة إضافية
وأكد مدير عام اتحاد المزارعين محمود العوران أن الميزة النسبية الأبرز التي يتمتع بها الأردن مقارنة بسورية تكمن في منطقة وادي الأردن، نظرا لخصوصيتها المناخية التي تمنح المنتجات الزراعية قدرة تنافسية عالية في الأسواق الخارجية.
 موضحا أن سورية بدأت مؤخرا بالاستثمار في الزراعات المحمية في مناطق منخفضة، غير أن ذلك لا يلغي إمكانية حصول الأردن على حصة معتبرة في أسواق أوروبا وأوروبا الشرقية، حيث يمكن أن تشكّل منتجاته الزراعية جسر عبور لهذه الأسواق.
وأشار العوران إلى أن الظروف المناخية في الأردن وسورية متشابهة إلى حد كبير، سواء في فصل الشتاء أو الصيف، لكن وادي الأردن يمنح الأردن ميزة إضافية يمكن استثمارها لتعزيز موقعه التصديري.
مشددا على أن تحقيق هذه الفرصة يتطلب من المزارعين والجهات الرسمية التركيز على إنتاج سلع ذات جودة عالية، مطابقة للمواصفات والمقاييس الدولية، مع الاهتمام بالتعبئة والتغليف والفحوصات المخبرية، خصوصا المتعلقة ببقايا المبيدات.
وبشأن السوق السورية، استبعد العوران أن يكون للأردن نصيب كبير فيها، مبررا ذلك بقرار السلطات السورية قبل نحو أسبوعين وقف العمل بإجراءات حماية المنتج المحلي، ما انعكس على أصناف رئيسة كالبندورة والبطاطا والبصل والخيار، وهي الأصناف ذاتها التي يواجه الأردن تحديات في تسويقها.
وبرغم هذه المعطيات، أبدى تفاؤلا بإمكانية تعزيز حضور المنتجات الأردنية في الأسواق الإقليمية والدولية عبر معبر باب الهوى، مؤكدا أن المنافسة في الأسواق الأوروبية، ستظل قائمة على أساس الجودة والالتزام بالمواصفات العالمية.