توحيد الغرف.. ضرورة وطنية لتعزيز التحديث الاقتصادي*موسى الساكت
الغد
يشكل القطاع الخاص في الأردن ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي واستدامة التنمية. ومع إطلاق رؤية التحديث الاقتصادي التي تضع أهدافاً طموحة للنمو وخلق فرص العمل، يبرز دور مؤسسات القطاع الخاص كعامل حاسم في إنجاح هذه الرؤية وتحويلها إلى واقع ملموس. إلا أن استمرار الانقسام بين غرف الصناعة وغرف التجارة يشكل عائقاً أمام هذا الهدف، ويضعف من قدرة القطاع الخاص على العمل بفعالية.
من البديهي أن الصناعة لا يمكن أن تنمو من دون تجارة فاعلة، وأن التجارة لا تستمر من دون قاعدة إنتاجية صناعية متينة. العلاقة بين الطرفين تكاملية وليست تنافسية؛ فالمُنتج الصناعي بحاجة إلى تاجر يسوق منتجاته ويوصلها إلى الأسواق، والتاجر بحاجة إلى صناعة قوية تزوده بسلع قادرة على المنافسة. وبالتالي، فإن الفصل المؤسسي بين الغرفتين يكرس حالة من التشتت والازدواجية، ويحول دون بناء رؤية اقتصادية متكاملة.
لقد برزت آثار هذا الانقسام مؤخراً في مشاهد عدة، في وقت نحن بأمس الحاجة فيه لإبراز صورة متماسكة وجاذبة للاستثمارات، فإن مثل هذه الخلافات لا تخدم مصالح الاقتصاد الوطني، بل تضعف ثقة الشركاء والمستثمرين.
الرؤية الاقتصادية لا يمكن للحكومة وحدها أن تنفذها، بل هي مشروع وطني يتطلب تضافر الجهود كافة. والقطاع الخاص يجب أن يكون شريكاً أساسياً فيها، يتحدث بصوت واحد، ويمتلك أجندة اقتصادية موحدة تعكس المصالح المشتركة للصناعة والتجارة معاً. فالتجزئة المؤسسية تجعل صوت القطاع الخاص ضعيفاً ومبعثراً، بينما التوحيد يعزز قوته وقدرته على صياغة السياسات العامة بفعالية.
إن دمج غرف الصناعة والتجارة، سواء عبر توحيد كامل في كيان واحد أو عبر إنشاء مجلس أعلى مشترك، أصبح ضرورة وطنية. التوحيد سيعزز التنسيق، ويرفع كفاءة تمثيل القطاع الخاص، ويوفر أرضية صلبة لإنجاح رؤية التحديث الاقتصادي. الأهم من ذلك، أنه سينهي حالة التشتت التي أضعفتنا داخلياً وأمام شركائنا الخارجيين.
المطلوب اليوم أن نرتقي بمصالح الوطن فوق أي اعتبارات ضيقة، وأن نعمل جميعاً على بناء مظلة موحدة للصناعة والتجارة معاً. فاقتصادنا بحاجة إلى قوة دفع جماعية، ولن يتحقق ذلك إلا بوحدة الصف وتكامل الجهود.